ليبيا.. الدبيبة يواجه البرلمان وباشاغا بخطتي "إنفاق" و"انتخابات"

time reading iconدقائق القراءة - 8
رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المقال من قبل البرلمان عبدالحميد الدبيبة - AFP
رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المقال من قبل البرلمان عبدالحميد الدبيبة - AFP
بنغازي-الشرق

أثار رئيس الحكومة الليبية المقال من قِبل البرلمان، عبد الحميد الدبيبة، حالة من الجدل والانتقادات بعد إعلانه، الاثنين، خطة لتنظيم انتخابات برلمانية قبل نهاية يونيو القادم، وترحيل الانتخابات الرئاسية إلى وقت لاحق.

وذلك عقب إعلانه، الجمعة، سلسلة من خطط الإنفاق التي تحظى بشعبية، بعد أن أقاله مجلس النواب وعين وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا رئيساً جديداً للوزراء.

وفسر مراقبون القرارات الجديدة للدبيبة بأنها تأتي في سياق محاولة منه لجمع الحشد الشعبي لحكومته (المقالة)، التي تعاني عزلة محلية ودولية، بعد اتفاق أغلب الأطراف المحلية على ضرورة رحيله عن منصبه، وسط وفاق دولي نادر على دعم الإجراءات الجديدة التي أقرها مجلس النواب الليبي، والتي تشمل تشكيل حكومة جديدة للمرحلة الانتقالية الأخيرة.

خارطة طريق جديدة

وأعلن الدبيبة، الاثنين، إطلاق ما وصفه بخطة "عودة الأمانة للشعب"، تتضمن تنظيم انتخابات برلمانية قبل 24 يونيو المقبل، أي قبل موعد انتهاء خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي اختار حكومته قبل عام في جنيف، بالإضافة إلى ترحيل الانتخابات الرئاسية إلى وقت لاحق، وإصدار قوانين انتخابية خاصة بهذه الخطة، مايهدد بالدخول في جدل قانوني جديد بشأن صلاحيات السلطة التنفيذية في إصدار التشريعات الانتخابية. 

وقال إن الخطة تشمل "الاستفتاء على الدستور بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية"، ملوحاً بخيار "التصويت الإلكتروني" إذا تعذر إجراء الانتخابات، "نظراً لاستخدام القوة ومنعها من بعض الأطراف"، بحسب تعبيره.

كما ألمح إلى اللجوء لإجراء "الانتخابات الجزئية في بعض المناطق" وفقاً لتجارب دولية عدة.

واعتبر الدبيبة أن خطته هي "الحل الوحيد الذي ينهي الصراع على الشرعية، والمراحل الانتقالية الطويلة، ويخرج جميع الكيانات السياسية المتنازعة من المشهد، بما فيها حكومته" .

زيادة الانفاق الحكومي

وقبل هذا الإعلان كان رئيس الحكومة الليبية المقال من قبل البرلمان عبد الحميد الدبيبة أعلن، الجمعة، باحتفالية في طرابلس بالذكرى الـ"11" لثورة "17 فبراير" عن خطة أخرى لزيادة الانفاق الحكومي، تشمل منح قروض جديدة وشقق سكنية وأراضي للشباب، بمليارات الدينارات.

وقال إن خطته تشمل البدء في توزيع بطاقات التأمين الصحي للمتقاعدين، وتوزيع 50 ألف قطعة أرض على الشباب وتوفير قروض لبناء مساكن بها أو البدء في مشاريع صغيرة ومتوسطة، وتوزيع  100 ألف شقة بالمشروعات السكنية المتوقفة منذ عام 2011 على الشباب، وتوفير قروض أخرى لاستكمال هذه الشقق .

وأضاف أنه بعد زيادة المرتبات في قطاعات الصحة والتعليم سيستهدف زيادة مرتبات وزارة الداخلية في الفترة المقبلة، وأن صندوق "تيسير الزواج" سيستمر في تقديم منحه دون توقف، مع تشكيل هيئة لعلاج الجرحى بالداخل والخارج وتخصيص ميزانية خاصة بها تبلغ مليار دينار (أي ما يعادل 408 ملايين دولار تقريباً).

نهج قديم

وسبق للدبيبة أن اعتمد نهجاً مشابهاً قبل الانتخابات الرئاسية المتعثرة نهاية العام الماضي، والتي كان يستعد لخوضها مرشحاً، فأعلن عن منح مساعدة حكومية مقدرة بـ40 ألف دينار ليبي (حوالي 12 ألف دولار تقريباً) للشباب المقبلين على الزواج، بالمناصفة بين الزوجين، كلفت الخزينة العامة نحو 3 مليارات دينار (ما يعادل ملياراً و25 مليون دولار تقريباً) وصرف زيادة ضخمة في المرتبات لبعض القطاعات الحكومية، قدرت بعدة مليارات أخرى سنوياً.

واتهمت الأطراف المعارضة للخطة، الدبيبة وقتها بالإنفاق من الخزانة العامة للدولة على دعايته الانتخابية الخاصة به، وتحميل الدولة المنهكة اقتصادياً أعباء إضافية على موازنتها العامة، ما أدى إلى توسعها لدرجة أضطر معها المصرف المركزي للسحب من المخزون النقدي الاحتياطي لتغطية النفقات الجديدة، بحسب البيان المالي السنوي الصادر عن المصرف في يناير الماضي. 

وعود مستحيلة  

"غير قابلة للتطبيق".. بهذه الكلمات وصف عضو مجلس النواب الليبي علي التكبالي خطة الإنفاق الحكومية الجديدة التي أعلن عنها الدبيبة، فيما قال إن حكومة الوحدة الوطنية التي ترأسها "فاشلة"، لأنها "جاءت من أجل مهمتين لم تستطع إنجازهما"، بحسب تعبيره.

وأوضح التكبالي لـ"الشرق"، أن المهمة الأولى كانت توحيد المؤسسات، متهماً الدبيبة بالتسبب في زيادة انقسامها، بينما كانت المهمة الثانية هي التجهيز للانتخابات، "لكنه لم يفعل ولم تحدث".

واعتبر أن ذلك كان كافياً كي يعتبر مجلس النواب أن هذه الحكومة "فاشلة ولا تستطيع أن تفعل شيئاً"، فاتفق أعضاء المجلس على ضرورة أن يأتي رئيس حكومة قوي قادر على إتمام هذين المهمتين تحديداً، فضلاً عن متطلبات المرحلة الانتقالية، بحسب قوله.

واتهم التكبالي رئيس الحكومة الليبية المقال من قبل البرلمان عبد الحميد الدبيبة، بإصدار وعود "غير قادر على تنفيذها"، ويستدرك ساخراً: "إلا إذا كانت هناك دولة أخرى هي التي ستدفع"، في إشارة إلى عدم قدرة الموازنة المخصصة للحكومة  في ليبيا على تحمل كل زيادات الإنفاق التي أعلن عنها الدبيبة.

خطة واقعية

في المقابل، اصطف رئيس مجلس الدولة السابق عبدالرحمن السويحلي إلى جانب الدبيبة وخططه، معبراً عن دعمه مبادرة "عودة الأمانة للشعب"، التي أعلن عنها لإجراء انتخابات بعيداً عن مجلس النواب.

وقال السويحلي، في تغريدة له عبر تويتر: "‏ندعم مبادرة عودة الأمانة للشعب ونعتبرها خارطة طريق واقعية وعملية لإنجاز الإنتخابات في يونيو".

وأضاف أن "الأمم المتحدة وجميع الأطراف أمام اختبار حقيقي الآن لمدى مصداقية شعارات دعم الانتخابات التي يرفعونها دائماً، لن نقبل أبداً بتسليم الدبيبة السلطة إلا لحكومة منتخبة وفقاً لخريطة الطريق المعتمدة".

وقال عضو مجلس الدولة الاستشاري عبد القادر حويلي إن حكومة فتحي باشاغا، بعد منحها الثقة البرلمانية، لن تتمكن من العمل في طرابلس، وربما تضطر لممارسة مهامها من بنغازي أو طبرق، لأن الدبيبة لن يسمح له بالدخول إلى العاصمة.

وشدد حويلي على أن مشكلة ليبيا "تشريعية"، وطالب الشعب بضرورة الخروج وبدء الاعتصامات والمطالبة بالذهاب للانتخابات، للتخلص من أزمة البلاد التي تكمن برأيه، في وجود مجلسي الدولة والنواب.

مسرحية هزلية

أما الناشط السياسي أحمد الروياتي الذي يوصف بأنه مقرب من رئيس الوزراء المكلف من البرلمان فتحي باشاغا، فاعتبر حزمة الوعود التي أطلقها عبدالحميد الدبيبة "مسرحية هزلية"، متوعداً بإنهائها بعد تسلم باشاغا لمنصبه رسمياً بقوله "أيام قليلة وستنتهي هذه المسرحية الهزلية وغير الواقعية، وسنعيد للمسرح احترامه وسيعود للجمهور وعيه".

وتناولت عضو لجنة الحوار السياسي الزهراء لنقي أيضاً تصريحات الدبيبة بلهجة ساخرة، قائلة "الحق يقال، لم يأت على ليبيا رئيس وزراء بمثل قدرة الدبيبة على تنظيم المؤتمرات والحفلات وتسويق الأوهام، مثل يخت وطائرة خاصة لكل شاب وعريس لكل فتاة".

ووصف المحلل السياسي كامل المرعاش إعلان الدبيبة بشأن خطة الانتخابات وإعداده قانوناً لها، بأنها "هروب إلى الأمام، ويكشف عن ارتباكه وتخبطه وانعدام أية رؤية لديه".

وقال المرعاش إن "الدبيبة يحاول البحث عن حل للخروج من المأزق الذي وضع نفسه به، والمجتمع الدولي لن يقبل بأي حال من الأحوال توليه سلطة التشريع والتنفيذ في آن واحد، وقد يسير بليبيا نحو صراع مسلح للسيطرة على العاصمة طرابلس".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات