سفيرة كابول في واشنطن: لن نثق برئيس أميركي مجدداً

time reading iconدقائق القراءة - 7
أحد أفراد قوات طالبان يصوب بندقيته إلى متظاهرين في كابول، 7 سبتمبر 2021 - REUTERS
أحد أفراد قوات طالبان يصوب بندقيته إلى متظاهرين في كابول، 7 سبتمبر 2021 - REUTERS
دبي-الشرق

قالت سفيرة أفغانستان لدى الولايات المتحدة، عادلة راز، إن بلادها فقدت ثقتها بالحكومة الأميركية، وأن عمل حياتها لتحرير النساء والفتيات قد "دُمر تماماً" بعد سيطرة حركة طالبان على الحكم منتصف أغسطس الماضي.

وأضافت راز في مقابلة مع برنامج "أكسيوس أون إتش بي أو"، هي الأولى منذ سقوط كابول، أن "شعبها لن يثق برئيس أميركي مرة أخرى في أي وقت قريب" بعد الانسحاب العسكري.

وبصراحة تامة قالت السفيرة الأفغانية، إنها لا تعتقد أن الرئيس الأميركي جو بايدن يهتم بمصير النساء والفتيات الأفغانيات، فيما كشفت عن تفاصيل جديدة لموقع "أكسيوس" تشير إلى أن الهروب السري للرئيس الأسبق أشرف غني كان "يجري التخطيط له بشكل مُسبق" بدرجة أكبر مما كان معلناً.

وأشارت إلى أنه ينتابها "شعور بالذنب"، لأنها شجعت النساء الأفغانيات على الإيمان بمستقبل جديد والعمل معها في الحكومة، وتجاه أولئك الذين شجعتهم على البقاء في أفغانستان. وبعينين دامعتين، تابعت راز: "إحداهن كانت شابة اغتيلت. كانت مدافعة عن حقوق الإنسان".

رفض الاعتراف بطالبان

وأشار "أكسيوس" إلى أن المقابلة، سُجلت الاثنين الماضي في مكتب راز في الطابق العلوي بسفارة أفغانستان في واشنطن. ورغم أنها تعمل هناك، لكنها بالفعل "لاجئة تمثل حكومة بلا قيادة في المنفى".

راز ترفض الاعتراف بحركة طالبان أو ترك منصبها، وقالت إنها لا تزال تعتبر نفسها سفيرة لبلدها، لكن إدارة بايدن رفضت مقابلتها.

وعلاوة على ذلك، أبقت سفارة بلدها مفتوحة بأقل عدد من الموظفين، ولا زالت ترفع علم بلدها ثلاثي الألوان في الفناء بدلاً من علم طالبان الأبيض.

وأكدت راز أنها "لن تخدم حكومة طالبان تحت أي ظرف. وأنها تعرف معنى العيش في ظل قواعد طالبان"، مشيرة إلى أنها تشعر بـ"الأسى"، عندما تفكر أنه ربما لن تكون هناك أبداً امرأة أخرى لتمثيل بلدها في الخارج.

ومضت السفيرة الأفغانية قائلة: "لم أرغب في أن أكون الأخيرة. لقد وافقت على أن أكون الأولى، ولكن ليس الأخيرة".

"فقدان ثقة"

قالت راز إنها لم تعد تثق في الحكومة الأميركية، وتشك في أن أي أفغاني سيثق في السياسات الأميركية لفترة طويلة. ولدى سؤالها عما إذا كان الأفغان "سيثقون في أي وقت برئيس أميركي مرة أخرى"، أجابت راز: "ليس في وقت قريب على الأرجح. يؤسفني أن أقول ذلك".

ورداً على سؤال، عما إذا كانت تعتقد أن بايدن يهتم بمصير المرأة الأفغانية، قالت راز: "لا أعتقد ذلك. لقد قال إن الولايات المتحدة لا يمكن أن تكون شرطة العالم، لحماية النساء في أي بلد آخر".

وانتقدت رفض بايدن إعادة التفاوض بشأن اتفاق الرئيس السابق دونالد ترمب مع طالبان، وهو اتفاق لم يوفر أي حماية للمرأة الأفغانية بعد انسحاب الولايات المتحدة.

لكنها أخبرت "أكسيوس" أيضاً في مقابلة هاتفية منفصلة، أنها تثق تماماً بالشعب الأميركي وتشعر بامتنان عميق إزاء التضحيات التي قدمها الجيش والمدنيون الأميركيون على مدار العشرين عاماً الماضية في بلدها، وقالت إنها "منهارة" لأن تلك المكاسب لم تكن محمية.

"فشل وخيانة"

وقالت راز إن حكومتها "فشلت على عدة مستويات"، بما في ذلك قيادة غني، موضحة أن قوات الأمن الأفغانية اعتمدت بشكل كبير على الخبرة الفنية والدعم الجوي للولايات المتحدة، وانهارت عندما انسحبت واشنطن بعد 20 عاماً من التمويل والتدريب.

واعتبرت أن الرئيس السابق غني يدين للأفغان بتفسير "خيانته" بالفرار سراً من البلاد، والتنازل فعلياً عن كابول لطالبان دون قتال.

وكشفت راز أنه في الأيام التي سبقت 15 أغسطس، أخبرها زوجها عبد المتين بك، وهو أحد كبار مساعدي غني في كابول، أنه لاحظ أن الرئيس السابق يعقد اجتماعات مع اثنين فقط من كبار مساعديه، وأن "الاجتماعات سرية" بشكل استثنائي.

وأشارت إلى أنها ردت ساخرة آنذاك: "قلت أوه، ربما يعملون على خطة الإخلاء"، ويبدو أنها كانت على حق بالتأكيد.

رفض أميركي

وقالت راز إن وزارة الخارجية والدفاع (البنتاجون) الأميركيتين ألغتا الاجتماعات المقررة معها في أوائل سبتمبر. وقالت: "من خلال مقابلتي بشكل رسمي، من المحتمل أن يضفوا الشرعية على الموقف، ومن المحتمل أن يزعج ذلك طالبان".

وأشارت إلى أنها تواصلت مع إدارة بايدن للحصول على إرشادات بشأن الموقف الأميركي فيما يتعلق بالسفارة الأفغانية في العاصمة.

في المقابل، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن "السفيرة عادلة راز هي الممثلة المعتمدة لأفغانستان لدى الولايات المتحدة. وثمة عدد من الاعتبارات التي تؤخذ بعين الاعتبار في الطلبات المقدمة من أي سفير أجنبي. لسنا في وضع يسمح لنا بالتعليق على تفاصيل الجهود الدبلوماسية الأميركية".

وأضاف: "بالنظر إلى التغيير في القيادة في كابول، ينصب تركيزنا في أفغانستان على ما إذا كانت أي حكومة مستقبلية يمكن أن نعمل معها نحن والمجتمع الدولي".

أول سفيرة

كانت راز تبلغ من العمر 16 عاماً في عام 2002، عندما غزا الأميركيون أفغانستان وطردوا طالبان من السلطة. قالت إنها تتذكر أنها قالت لنفسها: "هذه نهاية مآسي أفغانستان لأن الولايات المتحدة هي القوة العظمى. عندما تصل، انتهى الأمر. هذه هي النهاية".

وبعد الغزو، عادت راز إلى المدرسة وحصلت على منح دراسية للالتحاق بجامعات أميركية، وفي عام 2013، عادت إلى أفغانستان لتعمل في مناصب حكومية عليا وتدرجت في المناصب إلى أن أصبحت أول سفيرة لأفغانستان لدى الأمم المتحدة. ثم في يوليو، عينها غني سفيرة لأفغانستان لدى الولايات المتحدة، حيث انتقلت مع طفليها إلى واشنطن.

وأمضت راز شهرها الأول في واشنطن وهي تناشد إدارة بايدن، سراً وعلانية، لتقديم دعم عسكري أقوى لأجهزة الأمن الأفغانية.

وفي غضون أسابيع قليلة في أوائل أغسطس، بعد شهر واحد فقط من وصولها إلى واشنطن، فقدت بلدها وكل شيء كانت تعمل من أجله.

اقرأ أيضاً: