أيام العزلة في عصر كورونا: العالم لم يعد "قرية صغيرة"

time reading iconدقائق القراءة - 3
الاتصال عبر الفيديو في ظل التباعد الاجتماعي بعد أزمة كورونا - Getty Images
الاتصال عبر الفيديو في ظل التباعد الاجتماعي بعد أزمة كورونا - Getty Images

فرضت تداعيات انتشار فيروس "كورونا" حالة غير مسبوقة على العالم، بعد أن توقفت عقارب الزمن لتهرول إلى الوراء، حين كانت البساطة هي العنوان.

ولولا توفر شبكة الإنترنت، لعرف مواطنو القرن الواحد والعشرين حياة أسلافهم البطيئة والمعزولة، التي بعثتها من جديد إجراءات الطوارئ لاحتواء الوباء.

قطاع الطيران كان أحد أول المتأثرين بإجراءات مكافحة الفيروس، ومع تعليق أغلب الرحلات حول العالم، يكاد الزمن يعود إلى القرن التاسع عشر، إلى ما قبل العام 1903، تاريخ أول رحلة جوية أنجزها الأخوان الأميركيان "رايت" بعد اختراعهما أول طائرة.

ويعزز هذا الشعورَ قرارُ بعض الدول منع السفر والدخول وتعليق إصدار التأشيرات، لحماية ترابها ومواطنيها من كارثة الوباء، ما يعيد الزمن إلى عصر ما قبل تنقّل البشر بسرعة ويسر ضمن جغرافيا الكوكب.

عزلة ذاتية

وتزامناً مع هذا الإغلاق الجوي، عزلت دول عدة نفسها عن جيرانها براً وبحراً (مثل كندا والأردن وتونس والجزائر)؛ لكنّ اللافت كان قرار الاتحاد الأوروبي غلق الحدود بين دول منطقة "شنغن" مدّة شهر، ما يعيد الزمن إلى ما قبل العام 1991 تاريخ توقيع "اتفاقية ماستريخت" المؤسِّسة للاتحاد الأوروبي، وحتى إلى ما قبل تأسيس المجموعة الأوروبية (السوق الأوروبية المشتركة) في خمسينيات القرن الماضي.

ومع خفض رحلات القطارات، تماهى العالم مع القرن الثامن عشر، حين لم يمتلك الإنسان وسيلة سفر آلية إلا مع اختراع جايمس واط آلته البخارية عام 1769، التي مهّدت لتسيير أول قاطرة تجري على سكة حديد.

 

تواصل إنساني

وتضافرت عوامل عدة لتذكّر بما يُسمى "الزمن الجميل"، حين كانت العلاقات الاجتماعية والأسرية واقعية وغير منحصرة بشاشة؛ إذ ساهم الحجر المنزلي- مترافقاً بإغلاق مطاعم وحانات ودور سينما ومتاحف وصالات رياضية ومنتجعات تجارية وسياحية- في تعزيز سبُل الترفيه المنزلي وتنشيط العلاقات الأسرية والاجتماعية المتقهقرة في عصر السرعة.

هذا على الأقل ما صوّرته وسائل التواصل الاجتماعي من داخل بيوت المحجورين، الذين وثّقوا سبُل ترفيههم بفيديوهات أظهرت عصف الأفكار لقتل الضجر، وشملت نشاطات أسرية وألعاباً ورياضات منزلية؛ فضلاً عن تواصل الجيران من الشرفات، غناءً ورقصاً وتصفيقاً، كما حصل في إيطاليا وإسبانيا ولبنان والكويت والمغرب.

تأثير إيجابي

ورغم سلبية "كورونا" على صحة البشر، إلا أن أثره كان إيجابياً على صحة الأرض، إذ منحها فرصة لتتنفّس مجدداً، بعيداً من التلوث الناتج عن الغازات السامة المنبعثة من الطائرات ووسائل النقل البري والمصانع. ولعلّ الأمر يذكّر الكوكب- ولو مؤقتاً- بزمن ما قبل الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر.

تصنيفات