
أغلقت الإدارة العامة للانتخابات في الكويت، الأربعاء، باب الترشح لانتخابات مجلس الأمة، بعد 10 أيام من استقبال الطلبات، في وقت أعلن رئيس البرلمان السابق عزوفه عن الترشح للدورة الجديدة، التي يبلغ عدد المتنافسين فيها 376 مرشحاً.
وتعكس أسماء المرشحين الذين يتنافسون على 50 مقعداً في البرلمان، عن 5 دوائر انتخابية، مرحلة مختلفة لمجلس الأمة الكويتي في فصله التشريعي المنتظر، إذ قرر رئيس المجلس السابق مرزوق الغانم عدم الترشح، عشية آخر أيام تسجيل المرشحين، واصفاً قراره بأنه "مرحلي ستعقبه عودة أقوى". علماً أن الغانم ترأس الغانم مجلس الأمة 3 دورات منذ عام 2013.
وفي المقابل، شهد اليوم الأول من فترة الترشح عودة رئيس مجلس الأمة الأسبق أحمد السعدون، الذي أحجم عن الترشح للبرلمان منذ عام 2013، وكان ترأس مجلس الأمة في 4 دورات، آخرها عام 2012.
ويُعد السعدون، الذي يبلغ من العمر 87 عاماً، أحد "رموز العمل البرلماني" في الكويت، في ضوء خبرته التي تمتد إلى 47 عاماً منذ 1975، وهو قد ترأس البرلمان في الأعوام 1985، و1992، و1996، و2012.
وبالتزامن مع ترشح السعدون، عاد نواب سابقون سبق أن أحجموا عن خوض الانتخابات البرلمانية منذ عام 2012، الأمر الذي يفسّره مراقبون بأنه مؤشر لتغيّر في المناخ السياسي البرلماني في الكويت.
عهد جديد
في حديث لـ"الشرق"، قال الخبير في الشؤون البرلمانية الكويتية الدكتور ناصر المطيري إن "الانتخابات النيابية الكويتية 2022 ستكون مختلفة في مخرجاتها"، لافتاً إلى أن هذه الانتخابات "تأتي على خلفية حل مبكر لمجلس الأمة السابق، بعد خطاب أميري وُصف بأنه تاريخي بالنظر لمضامينه المختلفة، إذ أرسى أسس عهد جديد في الممارسة السياسية والعلاقة بين السلطتين تحت عنوان تصحيح المسار".
وأضاف المطيري أن "من تداعيات هذا العهد الجديد أو سياسة تصحيح المسار، غياب أو إحجام عدد من النواب السابقين عن الترشح، ممّن لا يتوافقون مع العهد الجديد بشخوصه وممارسته".
ومنذ حل البرلمان في 2 أغسطس الماضي، شهدت الكويت إجراءات حكومية تتعلق بالعملية الانتخابية، على غرار تنقيح الجداول الانتخابية، وربط قيد الناخبين بمقرات سكنهم، إلى جانب تعميم من رئيس الحكومة على جميع الوزراء والمسؤولين، محذراً كل من يثبت منهم استقباله أياً من المترشحين للانتخابات أو دعمه بإنجاز المعاملات بإحالته إلى هيئة مكافحة الفساد.
وفي هذا الصدد، يرى المطيري أن محوراً آخر من محاور التغيير في المناخ الانتخابي الكويتي يتحقق، وتابع قائلاً إن "من عوامل التغيير التي يُتوقع انعكاسها على مخرجات الانتخابات، وقف المال السياسي عن الحملات الانتخابية، ومنع النواب السابقين والمرشحين من السعي في خدمات الناخبين في المؤسسات الحكومية، وهو ما سينعكس سلباً على نسبة وصول نواب الموالاة".
"كسب الموالاة"
وفي وقت شددت الحكومة مراقبتها لمنع إجراء الانتخابات الفرعية التي انتهجتها قبائل وفئات مجتمعية للتصفية بين أبنائها، أشار المطيري في حديثه لـ"الشرق" إلى ذلك الإجراء باعتباره "متغيراً ثالثاً".
وتابع قائلاً: "يتمثل ذلك في نهج الحكومة بالتعامل مع الحملات الانتخابية، عبر محاربة الفرعيات القبلية، وهو ما سينعكس على النتائج واحتمالات تضرر مرشحين كبار ونواب سابقين، وصعود نواب جدد، بسبب زيادة عدد المرشحين، وتشتيت الأصوات القبلية، بحيث يكون الحسم بيد (الأقليات) القبلية منها والطائفية".
ومع ما يراه من إيجابية في تلك التغييرات، رأى المطيري أن هناك إشكالية تتمثل في أن الحكومة "لم تعد لديها أوراق سياسية تكتيكية لكسب الموالاة، بل وعدم القدرة على الحفاظ على الموالين لها".
واعتبر أن في ذلك "خطراً على مستقبل استقرار الحكومة الكويتية القادمة التي ستكون في مهب أي استجواب، وعليه قد لا يسلم المجلس المقبل من التصعيد النيابي الذي ستكون الحكومة فيه مكشوفة الظهر دون حلفاء".
سلسلة أزمات
وتأتي انتخابات مجلس الأمة الكويتي المنتظرة في 29 سبتمبر الحالي، بعد حل المجلس السابق من قبل أمير البلاد في 2 أغسطس، على أثر سلسلة أزمات بين نوابه من جهة، والحكومة من جهة أخرى، إذ بدأت الخلافات النيابية في أعقاب عملية انتخاب رئيس مجلس الأمة خلال ديسمبر 2020، عندما اتهم نواب معارضون الحكومة بتوجيه أصوات وزرائها إلى الرئيس السابق مرزوق الغانم، رغم تصويت الأغلبية النيابية لمنافسه النائب بدر الحميدي.
وكان ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح، ألقى في يونيو الماضي خطاباً لأمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح، انتقد فيه أداء السلطتين، وما انتهى إليه من أزمة عطّلت العمل البرلماني، معلناً أنه سيتم حل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات مبكرة لتصحيح المسار.