القوة البحرية للصين تثير سباق تسلح محتمل مع الولايات المتحدة

time reading iconدقائق القراءة - 7
حاملة الطائرات الأميركية يو إس إس كارل فينسن خلال تواجدها في المحيط الهادئ - 3 فبراير 2017 - AFP
حاملة الطائرات الأميركية يو إس إس كارل فينسن خلال تواجدها في المحيط الهادئ - 3 فبراير 2017 - AFP
دبي -الشرق

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، إن الولايات المتحدة والصين، بدأتا سباق تسلح بحري في المحيط الهادئ، مشيرة إلى أن هذا السباق اضطر واشنطن إلى إيجاد طرق لمواجهة طموحات بكين، دون التسبب في الوقت نفسه بإثارة صراع معها.

واعتبرت الصحيفة، في تحليلها المنشور الخميس، أنه سواءً تعلق الأمر بدخول واشنطن في حرب باردة أم لا، فإنه من الواضح أن الولايات المتحدة تخوض الآن سباق تسلح جديد مع الصين.

وأشارت الصحيفة، إلى أنه "على الرغم من الصراع الطويل والعلني مع الاتحاد السوفيتي، حين كانت القوات البرية في أوروبا بمنزلة الخطوط الأمامية، واحتماليات الضربة النووية تلوح في الأفق، فإن سباق التسلح الآن يتركز غالباً في البحر، بعيداً عن الرصد".

المحور الجغرافي لهذا السباق، كما تقول الصحيفة، هو غرب المحيط الهادئ، تلك المساحة الشاسعة من الماء الممتدة شرق ولاية هاواي الأميركية، حيث حلَّ مضيق لوزون الذي يربط بحر الفلبين ببحر الصين الجنوبي، مكان منطقة "فولدا جاب" بين شرق ألمانيا وغربها، باعتباره المنطقة الجغرافية الأكثر توتراً في العالم.

ولفتت الصحيفة إلى أنه في حال اشتعلت الحرب في المحيطات، بسبب أزمة حول تايوان ربما، فإنه من المحتمل جداً أن تبدأ من هذه المنطقة في المحيط الهادئ. 

تفوق أميركي

وأكدت "وول ستريت جورنال" أن الولايات المتحدة لا تزال في المجمل تمتلك البحرية الأقوى والأكثر تطوراً، كما أنها تستطيع الاعتماد على مساعدة العديد من الحلفاء والشركاء، بما في ذلك اليابان، وإلى حد ما الهند.

وخلال الأسبوع الجاري، تحركت الولايات المتحدة لتعزيز موقفها في غرب المحيط الهادئ من خلال الإعلان عن شراكة أمنية جديدة مع المملكة المتحدة وأستراليا تحت اسم "أوكوس"، بمهمة أولى تتمثل في مساعدة أستراليا على بناء غواصات بالدفع النووي.

واستبعدت الصحيفة الأميركية، أن تحقق الصين أفضلية بحرية، لافتة إلى أنه على الرغم من المساعدة التي قد تتلقاها من البحرية الروسية، إلا أن صداقاتها الأخرى في البحر محدودة، كما أنه بالنظر إلى حرص بكين على تدفق الطاقة والسلع عبر مياهها الحدودية، فإنه يمكن القول إن طموحاتها البحرية هي دفاعية بحتة.

تنامي السباق

لكن "وول ستريت جورنال" تشير مع ذلك إلى أن القوة البحرية للصين في آسيا هائلة، ومداها آخذ في الاتساع، لافتة إلى أن الصين تستطيع بشكل مؤكد أن تمثل ثقلاً عسكرياً موازناً للولايات المتحدة خاصة في مناطق نفوذها، وهو أمر كافٍ لإثارة قلق واشنطن.

وأشارت الصحيفة إلى أن سباق التسلح البحري وإن كان يجري إلى حد كبير بمنأى عن ملاحظة الاستراتيجيين العسكريين، إلا أن هذا لا يجعله أقل واقعية أو خطورة.

على الجانب الأميركي، تشير الصحيفة إلى أن السباق دفع واشنطن بالفعل إلى إعادة تجهيز حضورها العسكري في آسيا، ضمن تحولات شملت التنقلات المتكررة للسفن، والاستثمار في التكنولوجيات المتطورة لرصد الصواريخ، وتجارب لأنظمة اعتراض الصواريخ، إضافة إلى توسيع الأسطول الأميركي من الغواصات النووية، بما في ذلك تخصيص 22.2 مليار دولار أميركي لبناء 9 غواصات نووية جديدة من فئة فرجينيا، في تعاقد هو الأكبر على الإطلاق في تاريخ البحرية الأميركية.

والأمر نفسه بالنسبة للصين، بحسب الصحيفة، إذ شرعت أيضاً في عمليات مكلفة جداً لبناء السفن، والاستثمار في أحدث أنظمة المعلومات والاتصالات لإدارة أسطول بمدى عالمي محدود، كما عملت في الوقت نفسه على توسيع برنامجها الصاروخي المضاد للسفن.

قنابل أعماق نووية

وقالت "وول ستريت جورنال" إن التخطيط العسكري للبلدين فيما يتعلق بحرب الغواصات، يشمل استخدام قذائف أعماق نووية، أو حتى قنابل نووية في البحر، لصد أي ضربة عبر الغواصات، مشيرة إلى أن الصين قد تستخدم هذا النوع من الأسلحة لمنع الغواصات الأميركية من المرور عبر مضيق لوزون.

وخلصت الصحيفة إلى أن البلدين يطوران الآن أنظمة أسلحة هائلة ومتقدمة بقدرات لتدمير الأسلحة البحرية، وقتل الآلاف، وترهيب الخصوم الجيوسياسيين.

مخاوف التجارة والطاقة

ولا يتعلق الأمر كما تصف "وول ستريت جورنال"، بالصراع البحري فقط، وإنما أيضاً بالهيمنة على التجارة العالمية، نظراً لكون 85% من هذه التجارة لا يزال ينقل عبر البحار.

ولفتت الصحيفة إلى أن الصين التي برزت كأكبر دولة تجارية بحرية في العالم، تضع أنظارها على أدوات القوة البحرية الأخرى خارج المجال العسكري، بما في ذلك شبكة عالمية من الموانئ (بعضها قواعد بحرية محتملة).

وتبرز أيضاً، بحسب الصحيفة، المخاطر المتعلقة بكابلات الاتصالات في المحيط الهادئ، إذ تعتبر هذه الكابلات ضرورية في الحرب البحرية الحديثة، وهو ما يطلق عليه الصينيون "الحرب المعلوماتية"، ويسميه الأميركيون "حرب النظم".

وقالت الصحيفة إنه "من المحتمل أن تؤدي مهاجمة جزء واحد من هذه الشبكة الشاسعة تحت سطح البحر إلى تعطيل النظام بأكمله، وهذا أحد الأسباب التي تجعل من غير المرجح أن يظل الصدام بين الولايات المتحدة والصين في البحر مقصوراً على تلك المنطقة الجغرافية، فما يبدأ في غرب المحيط الهادئ، لا يمكن حصره في المحيط الهادئ"، على حد تعبير الصحيفة الأميركية.

كذلك تعتمد تدفقات الطاقة العالمية، بحسب الصحيفة، على الاستقرار في أعالي البحار أو المياه الدولية، نظراً لكون أكثر من 70% من النفط والغاز إما أنه يستخرج من البحر، أو يتم نقله عبر البحر، غالباً عن طريق الموانئ الآسيوية.

"معضلة ملقا"

وتمثل هذه القضية هاجساً للصين، التي تخشى من أي تهديدات محتملة لتدفقات الطاقة، وقد لخص الرئيس الصيني السابق هو جينتاو هذه المخاوف فيما سماه "معضلة ملقا"، فكلما ازداد نمو الصين، زاد اعتمادها على استيراد السلع والطاقة عن طريق البحر من خلال نقاط الاختناق التي تسيطر عليها البحرية الأميركية وحلفاؤها، مثل مضيق ملقا بين شبه جزيرة ماليزيا وجزيرة سومطرة الإندونيسية.

وخلصت الصحيفة إلى أنه بالنظر إلى هذه الاعتبارات، فإن التحدي الأكبر الذي يواجه الولايات المتحدة هو الحفاظ على تفوقها الاستراتيجي في القوة البحرية، وخاصة تحالفاتها، مع تجنب الاصطدام، في الوقت نفسه، بمنافس حذر وقادر على نحو متزايد، خصوصاً في ظل ما وصفته بالتداعيات العالمية لأي مواجهة.

اقرأ أيضاً: