نجل ماركوس يكتسح انتخابات الرئاسة الفلبينية.. "التاريخ يعيد نفسه"

time reading iconدقائق القراءة - 10
المرشح الرئاسي فرديناند ماركوس جونيور بعد الإدلاء بصوته في انتخابات الرئاسة بالفلبين - 9 مايو 2022 - REUTERS
المرشح الرئاسي فرديناند ماركوس جونيور بعد الإدلاء بصوته في انتخابات الرئاسة بالفلبين - 9 مايو 2022 - REUTERS
دبي - الشرق

حقق نجل الديكتاتور الفلبيني الراحل فرديناند ماركوس فوزاً ساحقاً في الانتخابات الرئاسية، وفق نتائج أولية أعلنت، صباح الثلاثاء (بالتوقيت المحلي)، تمنحه تقدماً كبيراً على أقرب منافسيه.

وبعد فرز أكثر من 90% من الأصوات، حصد فرديناند "بونج بونج" ماركوس الابن نحو 30 مليون صوت، أي أكثر من ضعف حصيلة المرشحة الليبرالية ليني روبريدو.

وبذلك بات ماركوس الابن أول رئيس في تاريخ الديمقراطية الفلبينية يتم انتخابه بالأغلبية المطلقة منذ الدورة الأولى للانتخابات. 

وأطاحت ثورة شعبية بنظام والده عام 1986 وانتقلت عائلته إلى الولايات المتحدة للعيش في المنفى، قبل أن تعود إلى البلاد لتشكيل شبكة نافذة من الدعم السياسي.

وتعهد ماركوس الابن بإعادة "وحدة" البلاد خلال فترة ولايته الممتدة 6 سنوات، على الرغم من أن حملته الانتخابية بدت باهتة ولقى صعوبة في تعبئة مناصريه وجذب حشوداً أقل من منافسته ليني روبريدو.

لكن يبدو أن سلسلة مناورات في الكواليس مع كتل سياسية أخرى كانت كافية للسماح له بالفوز. وعلى وجه الخصوص تحالفه مع سارة دوتيرتي، ابنة الرئيس المنتهية ولايته رودريجو دوتيرتي التي يتوقع أن تفوز بانتخابات نائبة الرئيس التي جرت بشكل منفصل، الاثنين.

وخاض هذه الانتخابات 10 مرشحين لخلافة الرئيس رودريجو دوتيرتي، بينهم نجم الملاكمة ماني باكياو والممثل والزبال سابقاً فرانسيسكو دوماجوسو، علماً بأن ثمة نحو 67 مليون ناخب فلبيني، فيما تشمل الانتخابات أيضاً اختيار نائب الرئيس والنواب ونصف أعضاء مجلس الشيوخ وحكام المقاطعات الـ81 وأعضاء في مجالس بلدية، بحسب وكالة "فرانس برس".

ورجّحت استطلاعات الرأي تقدّم ماركوس على روبريدو بأكثر من 30 نقطة، وفوز سارة دوتيرتي-كاربيو، ابنة دوتيرتي، بمنصب نائب الرئيس. 

الحنين إلى حكم ماركوس

أُطيح بفرديناند ماركوس الأب في عام 1986، بعد مشاركة ملايين الأشخاص في انتفاضة "سلطة الشعب" السلمية إلى حد كبير، لفرض استعادة الديمقراطية في الفلبين.

وصودرت أصول حصل عليها ماركوس وزوجته إيميلدا وشركاء لهما، وبيعت لاحقاً وحُوّلت الأموال إلى الحكومة الفلبينية، التي جمعت حتى الآن أكثر من 3.3 مليار دولار، كما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".

وأضافت الوكالة أن ماركوس جونيور (64 سنة) لم يعتذر عن تجاوزات والده، بل استند إلى صورته، مصوّراً عهده بأنه فترة ازدهار واعتزاز وطني، ومتستراً على فساد وسنوات من الأحكام العرفية، شهدت قمعاً عنيفاً للمعارضة.

ونقلت الوكالة عن أندريا كلوي وونج، وهي أستاذة في العلوم السياسية، قولها إن ماركوس جونيور "يعرض نسخة شابة عن والده، إذ يعتمد حقاً على رغبة الفلبينيين.. والحنين إلى حكم ماركوس". وأضافت: "إنهم يريدون استعادة العصر الذهبي للفلبين، وهذا ما يشيعه ماركوس".

وأشارت الوكالة إلى أن ماركوس يستغلّ حقيقة أن كثيرين من الناخبين ليست لديهم ذاكرة شخصية عن حكم والده، إذ إن متوسّط ​​العمر في الفلبين لا يتجاوز 25 سنة.

ارتداد مذهل عن انتفاضة 1986

وفي مقابلة مع شبكة "سي إن إن الفلبين" قبل أسبوع، دافع ماركوس عن أسلوب الحياة المرفّه لعائلته، قائلاً إن والديه ذكّراه دوماً بأن "أيّ راحة أو امتياز نتمتع بهما، يأتيان من الناس، ولذلك علينا أن نخدم".

وتجاهل الانتقادات الموجّهة للأحكام العرفية التي فرضها والده، قائلاً: "كان هناك أشخاص يريدون إسقاط الحكومة، التي وجب عليها أن تدافع عن نفسها. هذا ما حدث بالفعل".

وذكرت وكالة "رويترز" أن ماركوس لم يقدّم أيّ برنامج سياسي حقيقي، مضيفة أنه نأى عن المناظرات وتمحورت حملته على رسالة تفاؤل وشعار "الوحدة".

ورجّحت أن تشكّل رئاسته استمرارية لعهد دوتيرتي، الذي انتهج أسلوباً عنيفاً في الحكم، نال شعبية وساعده على تعزيز سلطته بسرعة.

واعتبرت "أسوشيتد برس" أن نصر ماركوس جونيور سيكون بمثابة "ارتداد مذهل عن انتفاضة 1986 التي أطاحت بوالده"، مشيرة إلى أنه دافع عن إرث والده ورفض بحزم تقديم اعتذار والاعتراف بالفظائع التي ميّزت عهده. كذلك نأى عن السجالات، بما في ذلك إدانته سابقاً بمخالفات ضريبية، ورفض عائلته دفع ضريبة عقارية ضخمة.

وذكرت الوكالة أن الفائز في الانتخابات سيرث مشكلات هائلة، بما في ذلك الاقتصاد الذي يعاني من فيروس كورونا المستجد، والفقر والبطالة، والتضخم المفرط نتيجة الارتفاع الشديد في أسعار النفط والغاز، وحركات التمرد المستمرة منذ عقود، والانقسامات السياسية في البلاد.

كذلك قد يواجه دعوات لمحاكمة رودريجو دوتيرتي، نتيجة حملة دموية يشنّها على مهرّبي المخدرات. وتحقق المحكمة الجنائية الدولية في مصرع آلافٍ خلال الحملة، معظمهم فقراء، بوصفه جريمة محتملة ضد الإنسانية.

محامية مدافعة عن حقوق الإنسان

أما ليني روبريدو (57 سنة)، وهي محامية مدافعة عن حقوق الإنسان وخبيرة اقتصادية، هزمت ماركوس بفارق 200 ألف صوت في انتخابات نائب الرئيس عام 2016، فأقامت حملتها على تعهد باستئصال الفساد في بلد تهيمن عليه بضع عائلات، وبتحسين التعليم والرفاهية ومحاربة الفقر، إذا انتُخبت رئيسة.

وشاركت روبريدو في الاحتجاجات التي أدت إلى الإطاحة بماركوس الأب، حين كانت طالبة اقتصاد في جامعة الفلبين.

وفازت بمقعد في مجلس النواب عام 2013، بعد خوضها معترك السياسة للمرة الأولى إثر وفاة زوجها، وهو سياسي مخضرم، في حادث تحطّم طائرة عام 2012، بحسب "أسوشيتد برس".

روبريدو هي ابنة قاض في المحكمة الابتدائية، ولا تنتمي إلى أيّ من العائلات البارزة التي هيمنت طيلة عقود على الحياة السياسية في الفلبين، وترشّحت كمستقلة بدعم من شبكة من المتطوعين في حملتها.

وباعتبارها نائبة رئيس معارِضة، إذ انتُخبت بشكل منفصل عن دوتيرتي، أدانت قتل معظم المشبوهين من الفقراء في الحملة على المخدرات، ما أغضب الرئيس المنتهية ولايته، وسبّب توتراً في علاقاتهما طيلة سنوات.

لدى روبريدو 3 أبناء، وعُرفت بنزاهتها وأسلوب حياتها الذي يتجنّب مظاهر السلطة، إذ اعتادت السفر بمفردها في حافلة إلى مقاطعتها، بوصفها نائبة.

وخلال تجمّع انتخابي في مانيلا أخيراً، حضّت أنصارها على النضال من أجل المثل الوطنية، بما يتجاوز الانتخابات.

وقالت: "علمنا أن أولئك الذين استيقظوا لن يغمضوا أعينهم مرة أخرى. من حقنا أن يكون لنا مستقبل كريم، ومن مسؤوليتنا الكفاح من أجله".

"التاريخ قد يعيد نفسه"

واستبعدت وكالة "رويترز" أن تشهد العلاقات المديدة للفلبين بالولايات المتحدة تبدلاً، خلال رئاسة أيّ من المرشَحين، مضيفة أن ماركوس يُعتبر المرشح الأقرب إلى الصين.

وأوضحت "أسوشيتد برس" أن إعادة تأهيل اسم ماركوس بدأ قبل عقود، مع عودة الأسرة إلى الفلبين، والحياة السياسة، بعد سنتين على وفاة ماركوس في عام 1989، في المنفى بهاواي.

وواجهت أرملة ماركوس، إيميلدا (92 سنة)، المقيمة في مانيلا، نحو 900 قضية مدنية وجنائية بعد عودتها، تشمل الاختلاس والفساد والتهرّب الضريبي.

ورفض القضاء غالبية القضايا، نتيجة عدم كفاية الأدلة، وأُلغيت الإدانات القليلة في الاستئناف. وأُدينت بقضية كسب غير مشروع، في عام 2018، لا تزال قيد استئناف.

واعتبرت مايلز سانشيز، وهي ناشطة مدافعة عن حقوق الإنسان، أن "التاريخ قد يعيد نفسه" إذا انتصر ماركوس ودوتيرتي-كاربيو.

أما المحلل السياسي ريتشارد حيدريان، فنبّه إلى أن نصر ماركوس قد يمكّنه من تعديل الدستور، لإرساء سلطته وإضعاف الديمقراطية.

وأضاف: "دوتيرتي لم يتمتع يوماً بالانضباط والوسائل الضرورية للمضيّ في برنامجه المتسلّط حتى النهاية. هذه الفرصة التاريخية قد تُتاح لآل ماركوس".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات