من الصين إلى أميركا.. الفيضانات تجتاح دول العالم وتحذيرات من الأسوأ

time reading iconدقائق القراءة - 9
عدد من الأشخاص يعبرون جسراً مؤقتاً للمشاة وسط فيضانات تسببت فيها سيول عارمة ضربت باكستان. 31 أغسطس 2022 - AFP
عدد من الأشخاص يعبرون جسراً مؤقتاً للمشاة وسط فيضانات تسببت فيها سيول عارمة ضربت باكستان. 31 أغسطس 2022 - AFP
دبي -الشرق

حصدت الفيضانات أرواح ما يزيد على ألف شخص في باكستان، وبات نحو نصف مليون شخص يعيشون في معسكرات إغاثية، فيما ترك فيضان ضخم ضرب ولاية ميسيسيبي الأميركية، الأسبوع الماضي، نحو 150 ألف من سكان عاصمة الولاية جاكسون، دون مصدر لمياه الشرب، حسبما أوردت "بلومبرغ".

وغمرت موجة من الأمطار مؤخراً محطات قطارات الأنفاق في عاصمة كوريا الجنوبية سول، وحولت الشوارع إلى أنهار، في واحدة من أسوأ العواصف التي تضرب البلاد منذ أكثر من قرن.

وهذا هو جزء من سلسلة فيضانات مميتة تجتاح العالم في الأسابيع الأخيرة، ودمرت المنازل والممتلكات وغمرت محاصيل، وعرقلت عمليات التنقيب، محدثة أثراً اقتصادياً مدمراً.

في باكستان وحدها، يقدر المسؤولون الدمار الذي خلفته السيول والفيضانات بنحو 10 مليارات دولار، وهي جزء مما أجبر الحكومة على تأمين قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.1 مليار دولار، لتجنب الإفلاس الوشيك.

 مفارقة الجفاف والأعاصير

وفي مفارقة عكسية، جاءت الأعاصير في وقت يشهد العالم جفافاً شديد وتناقصاً في منسوب الأنهار.

وفيما يبدو أن حدوث تلك الأعاصير ينافي المنطق، فإن آليات عمل المناخ تجعل من الممكن حدوث فيضانات عارمة جنباً إلى جنب مع موجة واسعة من الحر والجفاف.

وقالت "بلومبرغ" إن هذه ليست فوضى "غير معروفة"، ولكنها نتاج التغير المناخي المتسارع.

ونقلت الوكالة عن كبيرة علماء المناخ بمركز وودويل لأبحاث المناح في ولاية ماساتشوستس الأميركية جينيفر فرانسيس قولها: "فيما يصبح الهواء والمحيطات أكثر سخونة تحت غيمة كثيفة من انبعاثات الاحتباس الحراري، فإن المزيد من المياه تتبخر في الهواء، ما يتسبب في رطوبة تصبح وقوداً للعواصف الرعدية، والأعاصير والرياح الموسمية الشرقية".

وأشارت إلى أن هطول الأمطار الكثيف، والفيضانات المتكررة بشكل غير مسبوق، هي "بصمة واضحة للتغير المناخي".

كيف ترتبط الفيضانات بالجفاف؟

ترتبط الفيضانات بالجفاف، ويعود هذا في جزء منه إلى أنه عندما تتحول الرطوبة في الهواء من أحد الأقاليم، فإنها تصب أمطارها الغزيرة في مكان آخر.

وهناك أيضاً ظاهرة النينا (تغير غير منتظم في المناخ)، والتي تساهم في زيادة الفيضانات والجفاف عالمياً. وتحدث تلك الظاهرة حين يتعرض خط الاستواء في المحيط الهادئ إلى موجات باردة، تؤدي إلى عرقلة الأنماط المناخية في العالم.

ويمكن أن تجلب تلك الظاهرة أمطاراً أكثر غزارة إلى إندونيسيا وتتسبب في غرق محاصيل النخيل، فيما يصبح جنوب الولايات المتحدة وولاية كاليفورنيا أكثر جفافاً، ما يضر بمحاصيل القطن والعنب.

"إسفنجة ضخمة"

التغير المناخي هو أكبر محفز لتلك الظاهرة، فحرارة الأرض الآخذة في الارتفاع تعني أن المناخ الحار يمكنه حمل المزيد من بخار الماء، حسبما ذكر عالم المناخ بجامعة كاليفورنيا دانييل سوين.

وأضاف: "كل زيادة بمقدار درجة مئوية واحدة، يمكنها أن تزيد سعة حمل بخار الماء في الهواء بنسبة 7%".

وأشار إلى أن الفترة ما بين يناير إلى يوليو 2022 كانت سادس أكثر بداية عام، حرارة مسجلة منذ 143 عاماً طبقاً لبيانات مركز معلومات البيئة الوطني الأميركي.

ولفت إلى أن "هذا يزيد من سقف احتمالات هطول الأمطار الغزير"، مضيفاً أن المناخ الأكثر حراً يعني تبخراً أكبر للمياه.

وتابع: "هذه العملية نفسها تزيد من نزوع المناخ إلى أن يعمل كإسفنجة ضخمة تمتص المياه من الأرض".

وأشار إلى أن تأثير تلك العملية عادة ما يلاحظ بشكل أقل من تأثير الهطول الغزير للأمطار، ولكنه لا يزال "مهماً جداً"، إذ أنه يشرح لنا بشكل كبير آثار التغير المناخي التي تتسبب في زيادة جفاف التربة، وكذلك تأثير الاحتباس الحراري على حدة الجفاف وحرائق الغابات".

تكرار المفارقة

ولفت عالم المناخ، إلى ما حدث في مقاطعة سيشوان الصينية قبل أسابيع، مشيراً إلى أن تلك المنطقة تعرضت إلى جفاف تاريخي تسبب في انقطاعات كبيرة للكهرباء عرقلت عمل مصانع لشركات ضخمة مثل تويوتا.

والآن، فإن تلك المقاطعة الواقعة في جنوب غربي الصين، وتعد واحدة من أكثر المقاطعات الصينية كثافة سكانية، تضربها الفيضانات. وتم إجلاء أكثر من 119 ألف شخص، وطلبت السلطات من 300 منجم بينها 60 تعمل في فحم لسحب العمال ضماناً لسلامتهم.

وفي أماكن مثل كولورادو الأميركية، حيث شهدت مدينة دينفر تساقط يومي غير مسبوق للأمطار، فإن ذلك الهطول لن يكون كافياً ليعوض التأثير العميق والمطول لأنماط الجفاف التي ضربت غرب الولايات المتحدة، ولكن يمكنه أن يكون كافياً للتسبب في فيضانات مفاجئة ويلغي رحلات طيران، ويضع المنازل والممتلكات وحياة الناس في خطر.

وفي ولاية نيومكسيكو، احتجزت الأمطار الغزيرة نحو 200 شخص في حديقة لعدة ساعات.

تغير أنماط الفيضان

وشهدت أجزاءً من أستراليا تغيراً في أنماط الفيضانات، ففي بداية عام 2022، تسبب هطول غزير لا يتوقف، في فيضانات واسعة في الجنوب الشرقي من القارة. وفي المراجعة الربع سنوية، توقعت هيئة الأرصاد في أستراليا المزيد من الفيضانات.

وقالت الهيئة في بيان: "مع التربة الرطبة، ومناسيب الأنهار العالية، والسدود الممتلئة، وتوقعات بأمطار فوق المتوسطة، فإن خطر الفيضانات لا يزال عالياً في شرق أستراليا".

وفي باكستان، منحت الرطوبة الزائدة في المناخ، الفيضانات الموسمية قوة أكبر. 

فيضانات أكثر قوة وأكثر تدميراً

وزاد من كل ذلك، الذوبان المتسارع للأنهار الجليدية الإقليمية، وهو ما جعل "فيضاناً سيئاً أسوأ" حسبما ذكرت جينيفر فرانسيس، خبيرة المناخ في مركز أبحاث وودويل.

وأضافت: "بالإضافة إلى ذلك، فإن تغول البنية التحتية والمنازل على السهول الفيضانية، شكل وصفة لكارثة من الفيضانات تحدث أمامنا".

وقالت "بلومبرغ" إن الفيضانات أثرت على الحضارة البشرية منذ بدايتها، ولكن منذ عام 1983، كلف 36 فيضاناً الولايات المتحدة أضراراً قدرت بقيمة 173.7 مليار دولار عبر البلاد، وفقاً لمركز معلومات البيئة الوطني الأميركي.

ولكن اليوم، يشهد العالم تحولات مناخية شديدة بوتيرة أسرع، وأكثر قوة من ذي قبل.

وأضافت فرانسيس: "ما لم نعالج المرض من أساسه، أي غيمة انبعاثات الاحتباس الحراري التي تزداد كثافة عبر حرق الوقود الأحفوري، وقطع الغابات، فإن أحداثاً كهذه ستستمر في الحدوث".

وتابعت: "ستزداد قوة، وتبقى لفترة أطول، وتؤثر على مناطق، كانت عادة منيعة ضدها".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات