"الصين كلمة السر".. خطوات تُنذر بتخلي اليابان عن سلميتها

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا خلال مشاركتهما في قمة مجموعة الـ7 في بروكسل- 24 مارس 2022 - REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا خلال مشاركتهما في قمة مجموعة الـ7 في بروكسل- 24 مارس 2022 - REUTERS
دبي-الشرق

كشف تقرير أوردته شبكة "سي إن إن" الأميركية، أن اليابان تسعى إلى تكثيف نقاشاتها المتعلقة بالأمن القومي بشكل غير مسبوق، في خطوة تُنذر بتغييرات كبيرة في موقفها الأمني السلمي القائم منذ فترة طويلة. 

وتعاني اليابان من بيئة أمنية متزايدة التقلب بسبب موقعها، إذ تحيط بها الصين جنوباً، وكوريا الشمالية المُسلحة نووياً غرباً وروسيا، التي شنت غزواً على أوكرانيا فبراير الماضي، شمالاً. 

وقال رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في بيان مشترك مع قادة الاتحاد الأوروبي مايو الجاري: "نعارض بشدة أي محاولة انفرادية لتغيير الوضع الراهن بالقوة، بصرف النظر عن الموقع". 

وعبّر كشيدا عن "قلقه الشديد" بشأن التقارير التي تناولت التسليح والقمع والترهيب في بحر الصين الجنوبي، ولكنه لم يصف الصين على أنها "المعتدية". 

وفرض كشيدا عقوبات على روسيا لغزوها أوكرانيا، إذ يرى أوجه تشابه بين الأفعال الروسية في أوروبا والتوسع الصيني بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ.

كما اتفق مع البابا فرانسيس بابا الفاتيكان على العمل لتحقيق "عالم خالٍ من الأسلحة النووية"، إذ قام بجولة دبلوماسية في جنوب شرقي آسيا وأوروبا لحشد قادة العالم لحماية الديمقراطية. 

وفي أبريل الماضي، قدم أعضاء الحزب الحاكم في اليابان مقترحاً برفع ميزانية الدفاع من 1 % إلى 2 %، تماشياً مع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، لتطوير قدرات الهجوم المضاد.

نهج دبلوماسي

ووفقاً لتقرير الشبكة الأميركية، فإن طوكيو لا تستثمر في الدفاع فحسب، بل تستخدم الدبلوماسية لتقوية علاقاتها في المنطقة وخارجها.

وقال خبراء في هذا الصدد، إن ثالث أكبر اقتصاد في العالم يعيد تقييم نهجه المتعلق بالردع وإظهار نفسه كشريك موثوق على الساحة العالمية، وذلك قبل اجتماع مقرر الاثنين بين كيشيدا والرئيس الأميركي جو بايدن. 

ومن المقرر أن يلتقي بايدن في اليابان رئيس الوزراء فوميو كيشيدا والإمبراطور ناروهيتو، قبل عقد قمة مجموعة "الحوار الأمني الرباعي" المعروفة باسم تحالف "كواد" الثلاثاء.

إذ يكشف بايدن، الاثنين، عن مبادرة أميركية رئيسية جديدة للتجارة الإقليمية، ترى أنها "الإطار الاقتصادي لازدهار منطقة المحيطين الهندي والهادئ".

ابتكار ياباني 

وطرحت اليابان قبل 10 سنوات، فكرتها عن "قوس الحرية والازدهار"، الذي من شأنه أن يمتد عبر المحيطين الهندي والهادئ ويجذب الولايات المتحدة وأستراليا.

وفي العام 2007، قال رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي لمشرعين في الهند، إن "منطقة آسيوية أوسع نطاقاً كانت قد بدأت تتشكل"، مناشداً نيودلهي بالعمل مع طوكيو لـ "تعزيز وإثراء هذه البحار". 

وكان ذلك بداية ما أصبح مجموعة الحوار الأمني الرباعي "الكواد"، إذ جاءت محاولة آبي لتوحيد حلفاء المحيط الهادئ، في وقت كانت فيه الصين متفوقة على اليابان كثاني أكبر اقتصاد في العالم، وبعد فترة قصيرة، كانت بكين تروّج لمبادرة الحزام والطريق، لتطوير طرق تجارية جديدة تربط الصين بالعالم.

 وتدعي الصين السيادة على بحر الصين الجنوبي، الذي تبلغ مساحته 1.3 مليون ميل مربع تقريباً، وحولت العديد من الشعاب والحواجز الرملية البعيدة عن ساحلها إلى جزر اصطناعية شديدة التحصين بالصواريخ والمدارج وأنظمة الأسلحة.  

وشعر المراقبون بالقلق من أن التوسع الصيني قد يُمكن بكين في النهاية من السيطرة على الممرات المائية في بحر الصين الجنوبي، ما يُهدد التدفق الحر للتجارة. 

ما دفع آبي إلى تطوير فكرته لتصبح "منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة"، والتي تقترح أن تعمل الدول والمنظمات ذات التفكير المماثل في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا وإفريقيا على حماية منطقة المحيطين والبضائع البالغ قيمتها تريليونات الدولارات التي تمر عبرها سنوياً. 

خطر الصين

وفي هذا الصدد، قالت كليو باسكال، الخبيرة الاستراتيجية في شؤون منطقة المحيطين الهندي والهادئ بمؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات"، لـ "سي إن إن"، إن الدول "كانت بطيئة في اللحاق بمبادرة منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة". 

وأوضحت أن الاعتقاد السائد كان أن مبادرة آبي "لا تمثل مشكلة، لأنهم افترضوا أن البحار ستكون مفتوحة وأن الناس سيكونون أحراراً، لكن ندرك الآن أن هذين الأمرين المتعلقين بأن تكون المنطقة حرة ومفتوحة هما في الواقع معرضين للخطر". 

وأضافت: "التوسع الصيني في المنطقة من المتوقع أن يكون أحد المواضيع الرئيسية التي ستناقشها قمة "الكواد" في طوكيو بعد الاجتماع الثنائي بين كيشيدا وبايدن".

وأشارت باسكال إلى أن اليابان "تسعى لأن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها في القتال. الدولة بها قطاع كبير للغاية من السكان لا يريدون الاعتماد على قوى خارجية لتكون قادرة على اتخاذ قرارات قد تعرض أو لا تعرض سيادتها للخطر". 

وأتت جهود اليابان لتوحيد حلفائها الديمقراطيين، عندما تبنت الولايات المتحدة مفهوم منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة في عام 2017، لتمنحه تأثيراً أقوى وموارد وبرامج وشراكات جديدة.

دور قيادي

لكن محللين قالوا إن الولايات المتحدة تتوقع أن تقوم اليابان "بدور قيادي أقوى في المنطقة، وأن طوكيو تدرك أن ذلك يعني تعزيز دفاعاتها".

من جانبه، قال كين جيمينو، خبير الأمن القومي والأستاذ بجامعة "كيو" اليابانية، إن اليابان "تدرك أن اعتمادها على الولايات المتحدة فقط، لن يحافظ على الثقة السياسية بين البلدين". 

وفي ديسمبر الماضي، أعلن كيشيدا أن حكومته تبحث خيارات لمنح اليابان القدرة على ضرب قواعد العدو، ومنذ ذلك الحين، كُثفت الدعوات من الحزب الحاكم لتطوير "قدرات الهجوم المضاد" بالتنسيق مع الولايات المتحدة، الخطوة التي ستؤدي إلى تجاوز حدود دستور البلاد السلمي وزيادة قدرة طوكيو على الرد على الهجمات. 

ومع ذلك، توجد مقاومة داخلية في اليابان لأي تحرك بعيد عن الموقف السلمي للبلاد، إذ قال جيمس براون، خبير العلاقات الدولية في جامعة "تمبل" الأميركية: "الرأي العام السائد لا يزال يعتبر اليابان دولة مسالمة لا ينبغي أن تمتلك القدرة على مهاجمة الآخرين، ويجب أن تمتلك فقط الوسائل الكافية للدفاع عن نفسها".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات