"إبداعات فان ليو".. معرض لأشهر مصوري القاهرة احتفالاً بمئويته

time reading iconدقائق القراءة - 6
القاهرة من تصوير فان ليو. - الشرق
القاهرة من تصوير فان ليو. - الشرق
القاهرة-أماني السيد

افتتح الأحد بمقر الجامعة الأميركية في وسط القاهرة، معرض "إبداعات فان ليو" من المجموعة الخاصة لـلمصور الأرمني الشهير، بمناسبة مرور 100 عام على ميلاده.

ويُقام المعرض في غرفتين متجاورتين، ويستمر حتى فبراير المقبل، موثقاً تاريخ ليو في التصوير الفوتوجرافي بطريقة عرض تشبه الاستديو الخاص به، إذ يضم المعرض مقتنياته الشخصية مثل درجات خشبية استخدمها فان ليو في الاستوديو، ومكتبه الشخصي، وأدوات التصوير.

ويأتي تنظيم المعرض من قبل إدارة أرشيف الصور في الجامعة الأميركية، بالتزامن مع الاحتفال بمئوية ميلاد المصور الأرمني، واسمه الأصلي ليفون ألكسندر بويادجيان، الذي هرب إلى مصر مع أسرته وهو في الرابعة.

كما عاشت أسرته في مدينة الزقازيق 3 سنوات قبل أن تنتقل إلى القاهرة عام 1930، حيث عمل الأب في شركة الترام والتحق فان بالمدارس الأرمنية، ثم بالجامعة الأميركية عام 1940 التي لم يستكمل فيها دراسته لشغفه بالتصوير.

استديو الذكريات

يضم المعرض 150 صورة، التقطها فان ليو بنفسه وتنقسم بين بورتريهات ذاتية، وصور لمشاهير وفنانين وسياسيين وشخصيات عامة مثل محمد نجيب، وطه حسين، وأنور وجدي، وداليدا، ورشدي أباظة.

إضافة إلى زبيدة ثروت وسامية جمال، وشادي عبد السلام وشيريهان، والفنان محمد عبد المطلب وعمر الشريف وفاتن حمامة ولبلبة، فضلاً عن مجموعة أخرى من نوادر أرشيفه الخاص، بعضها لم يعرض من قبل، إذ أهدى فان ليو الاستديو الخاص به بمحتوياته كاملة إلى أرشيف الجامعة الأميركية.

المكتبة المُهداة

وقالت علا سيف، مديرة إدارة أرشيف الصور في الجامعة الأميركية عن تنظيم المعرض، لـ"الشرق": "تم الإعداد لإقامة المعرض قبل فترة، وكنا في انتظار الوقت المناسب لتنفيذه، وجاءت مئوية ميلاده فرصة مناسبة".

وأضافت: "تم تنظيم المعرض بالتعاون مع أقسام مختلفة في الجامعة ومركز التحرير الثقافي. نحتفظ بأرشيفه كاملاً، ويشمل الصور والمجلات والكتب وأوراق تحمل خط يده لتسجيل الملاحظات وأدوات استخدمها في التصوير"، مشيرة إلى أنه أهدى أرشيفه للمكتبة، لكونه الفرد الوحيد المتبقي من عائلته في مصر، وعاش أعزب حتى رحيله.

وأقيم المعرض في مقر الجامعة بميدان التحرير، بدلاً من مقر التجمع الخامس، المكان الأصلي لحفظ الأرشيف والمكتبات المهداة، ليكون متاحاً لأكبر كمْ ممكن من الزوار والطلبة والجمهور، على حد وصفها.

ولفتت سيف إلى أن المعرض صُمم بشكل أقرب إلى الأستديو الخاص به، ويضم مجموعة من الصور المتنوعة لفان ليو، منها مجموعة للمجتمع المصري بأعمار ومهن مختلفة من خلال صور لطفلة وعروس وراقصة ومثقف ومحامٍ".

تقنيات عابرة للزمن

وأضافت سيف: "يتضح في الصور المتنوعة تقنيات فان ليو الفوتوغرافية المختلفة وتأثير براعته في استخدام أساليب الإضاءة عبر صوره باللون الأبيض والأسود، ما أعطى كل صورة طابعاً مميزاً يوثق من خلالها خبرته الفوتوجرافية. تم اختيار المجموعة وفقاً للرغبة في التنويع الموضح لثراء تاريخه الفني".

أما عن مكتبته الخاصة، كشفت سيف أنها "محفوظة بطريقة علمية عبر أرشيف خاص ذي ظروف مناخية مثالية وعلمية ودرجة حرارة معينة، مع حفظ نُسخ النيجاتيف في ثلاجات، إذ يقتصر الاطلاع على مجموعته على الباحثين".

وقالت سيف: "يميز المعرض تأثير التقنيات المختلفة التي نفذها ليو في الصور مقارنة بجودة التصوير في أربعينيات القرن الماضي حتى الثمانينيات. المعرض يجسد ملخص الخبرة التي توصل إليها عبر قضائه حياته كاملة في التصوير وإجادة استخدام كل مؤثر في الناحية الجمالية للصورة".

ولفتت سيف إلى أن المعرض يتبعه مجموعة من الفعاليات والمحاضرات وورش العمل عن فان ليو وأسلوبه في التصوير، مشيرة إلى احتمالية "إعادة استخدام مكتبته في معرض آخر أو إصدار كتاب عن حياته".

قرار الاعتزال

وحلّ المصور الأميركي باري إيفرسون، ضيف شرف المعرض، باعتباره شاهداً على السنوات الأخيرة في حياة المصور الأرمني فان ليو، وصديقه المقرب خلال مرضه.

وتحدث إيفرسون لـ "الشرق" عن صداقته بفان ليو، قائلاً: "ترجع معرفتي به إلى عام 1986 حين ذهبت برفقة زوجتي إلى الأستديو، الذي سمعنا عن صاحبه طويلاً، لالتقاط صورة معاً بأسلوبه المميز والراقي".

وتابع: "أصبحنا أصدقاء منذ ذلك الوقت، وفي عام 1998 التقط لنا صورة أخرى، وعندما عدنا بعد أسبوع لاستلامها تفاجئنا بقراره أننا سنكون آخر شخصين يلتقط لهما صورة، ليعلن لنا بهذه الجملة اعتزاله وانتهاء مسيرة التصوير التي استمرت على مدار 60 عاماً، بسبب تدهور حالته الصحية".

وفاء بالوعد

وأصبح السؤال الذي يراود فان ليو هو ماذا سأفعل في الأرشيف والاستوديو؟ ويروي إيفرسون أن عدداً من الأثرياء من جنسيات مختلفة طلبوا منه شراءها، ولكنه رفض وكان تبريره إن "كل هذه الصور للمصريين ويجب أن تظل لهم".

واقترح إيفرسون على ليو إهداءها إلى أرشيف الجامعة الأميركية، مشيراً إلى أنه "التحق للدراسة بها ولكن لم يستمر أكثر من عام، بسبب حبه للتصوير، ووافق على إهداء المكتبة في عام 1999، حتى تظل ثروته الفنية في أمان ومحمية للأجيال القادمة".

ويرى إيفرسون، الذي يقيم في مصر منذ عام 1980، أن إقامة المعرض في مئوية ميلاده وإعادة تذكير الجمهور به "يعد وفاءً للوعد الذي قطعه له باستمرار مسيرته"، قائلاً: "إعادة عرض أعماله تعد إضافة قوية لتاريخ مصر التوثيقي للأشخاص غير المعروفين".