أدلى الناخبون في كازاخستان بأصواتهم، الأحد، في انتخابات تشريعية مبكرة قد تفضي إلى وصول أعضاء مستقلّين إلى البرلمان، في مؤشر يدل على انفتاح ديمقراطي خجول رغم السلوكيات الاستبدادية المستمرّة في أكبر دولة في آسيا الوسطى.
وأظهرت استطلاعات للرأي أجريت بعد انتهاء عملية الاقتراع حصول حزب أمانات الحاكم على 53 إلى 54% من إجمالي عدد الأصوات، وهو ما يكفي للاحتفاظ بأغلبية مريحة.
ولدى إغلاق مراكز الاقتراع كانت نسبة التصويت بلغت 54.19% من إجمالي الناخبين البالغ عددهم 12 مليوناً، وفق هيئة الانتخابات، علماً بأن أولى التقديرات يتوقّع صدورها نحو الساعة 18.00 بتوقيت جرينتش.
ومن المستجدّات في هذه الانتخابات، أنّه يمكن لمرشحين غير منتمين إلى أحزاب تقديم ترشيحهم، في سابقة منذ عام 2004. كما تم تخصيص حصة 30% للنساء والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة.
وأنعشت هذه التغييرات إلى حدّ ما المشهد السياسي في هذه الجمهورية السوفياتية السابقة المتاخمة لروسيا والصين، والتي شهدت أحداث شغب دامية في يناير 2022.
وفي الانتخابات التشريعية السابقة، كانت ثلاثة أحزاب فقط ممثّلة في البرلمان. وكلّ هذه الأحزاب كانت تدعم الرئيس قاسم جومارت توكاييف الذي أعيد انتخابه في نوفمبر بحصوله على 80% من الأصوات في انتخابات لم تشهد منافسة حقيقية.
وبحسب المحلل السياسي ديماش ألجانوف "لقد تغير النظام الانتخابي وبات يعطي انطباعاً بإتاحة الخيار. لكن في الحقيقة، يُبقي الرئيس وإدارته فرز الأصوات بين أيديهم".
"الاحتفاظ بالسلطة"
وأشار ألجانوف إلى أنه "في بلد (نظامه) استبدادي، تجرى الانتخابات للاحتفاظ بالسلطة وليس لاستبدال" النظام.
ولدى إغلاق مراكز الاقتراع اشتكى مراقبون من عدم تمكّنهم من الإشراف على عمليات الفرز، كما نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي تسجيلات فيديو لحشو صناديق. وتعذّر على وكالة "فرانس برس" التحقق من صحة هذه المعلومات من مصادر مستقلة.
وتجري هذه الانتخابات التي تشمل أيضاً المجالس المحلية، في أعقاب الإصلاح الدستوري في عام 2022 بقيادة توكاييف، الموجود في السلطة منذ عام 2019.
ويبدي توكاييف البالغ 69 عاماً عزمه على "مواصلة مسيرة التحديث" التي بدأت العام الماضي في البلاد الغنية بالموارد الطبيعية.
وقرر توكاييف فض الترابط مع مرشده نور سلطان نزاباييف بعد أعمال الشغب التي شهدتها البلاد في يناير 2022.
وكانت تلك التظاهرات التي نظّمت احتجاجاً على غلاء المعيشة أججت التوترات في البلاد، وواجهتها السلطة بحملة قمع أوقعت 238 شخصاً وفق حصيلة رسمية.
بعد حملة رئاسية باهتة في نوفمبر، بدا أن ألماتي، إحدى المدينتين الكبريين في البلاد، استفاقت من سباتها في الانتخابات التي تتزامن مع بداية موسم الربيع.
وقالت إيرينا ريتشيتنيك "بما أن النظام الانتخابي سمح بمشاركة مرشحين مستقلين، أعتقد أنه بصدد التغيير للأفضل".
بالنسبة للبروفسور المتقاعد إيرنست سيريكوف (81 عاماً) المؤيد للرئيس، هذه الانتخابات هي "اختبار".
"إرباك"
على واجهات المطاعم وبوابات ورش البناء وأعمدة الإنارة انتشرت الملصقات الانتخابية بشكل عشوائي.
وغالباً ما تكون الشعارات غامضة على غرار "النظام موجود حيث توجد الحقيقة"، و"معي لا مساومة" وأيضاً "أنا لا أتخلى عن الناس".
وفي المجموع يشارك في الانتخابات 7 أحزاب؛ بينهما اثنان حديثا العهد تم تسجيلهما على عجل. لكن حظر عدد كبير من التشكيلات المعارضة والمرشحين المستقلين.
لكن وفرة المرشحين وإجراء استحقاقين انتخابيين في اليوم نفسه يمكن أن يربك البعض. فناخبون كثر توجّهوا إلى صناديق الاقتراع وكانوا لم يحسموا قرارهم بعد.
وبحسب المحلل السياسي أندريي تشيبوتاريف "سيكون لتعدد الأحزاب تأثير على القبول بنتائج الانتخابات سواء للشعب أو على المستوى الدولي".
وشدد على أن هذا الأمر "يصب في مصلحة السلطة لأن الأحزاب الموالية (للرئيس) ستكون حاضرة في البرلمان، وحزب الرئيس (أمانات) سيحتفظ بغالبية المقاعد".
وعلى الرغم من هذا الانفتاح النسبي حذّر توكاييف من أن "مثيري الفوضى في البلاد سيعاقبون بشدة".