حذّرت هيئة للرقابة على الإرهاب في بريطانيا، من أن الذكاء الاصطناعي يُشكل "تهديداً" للأمن القومي، وحضت مطوري هذه التكنولوجيا الجديدة على التخلي عن تصوّراتهم النابعة من "أوهام تقنية"، وسط مخاوف من إمكانية استغلالها لاستهداف أشخاص ضعفاء.
وقال المراجع المستقل لتشريعات مكافحة الإرهاب في بريطانيا جوناثان هول كيه سي إن التهديد الذي يشكله الذكاء الاصطناعي على الأمن القومي بات أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، وإن هذه التكنولوجيا ينبغي تصميمها مع أخذ "نوايا الإرهابيين" في الاعتبار، وفق ما أوردت صحيفة "جارديان" البريطانية.
وأضاف المسؤول الذي يتمثل دوره في إجراء استعراض لمدى ملاءمة تشريعات مكافحة الإرهاب، أن الكثير من عمليات تطوير الذكاء الاصطناعي تركز على إيجابيات محتملة للتكنولوجيا، بينما تتجاهل النظر في كيفية "استغلال الإرهابيين لها لتنفيذ هجمات".
وتابع: "إنهم (المطوّرون) بحاجة إلى التواجد في غرفة واحدة مع بعض النازيين الجدد المرعبين في سن الخامسة عشرة، وتقييم ما يمكنهم القيام به. عليكم أن تجهزوا أنظمة دفاع لمواجهة ما تعرفون ما ينتوي الأشخاص فعله بها لاحقاً".
وأعرب هول عن قلقه البالغ إزاء "إمكانية إقناع برامج الدردشة الإلكترونية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، أفراد ضعفاء أو مضطربين نفسياً بشن هجمات إرهابية".
مخاوف أمنية
على نحو مماثل، يساور الأجهزة الأمنية قلق بالغ إزاء قدرة "روبوتات الدردشة" التي تعمل بالذكاء الاصطناعي على إغواء الأطفال، الذين باتوا يشكلون بالفعل شريحة متزايدة من قضايا الإرهاب في جهاز الأمن الداخلي البريطاني "MI5".
وفي ظل تزايد الدعوات إلى تقنين التكنولوجيا بعد تحذيرات الأسبوع الماضي من جانب رواد الذكاء الاصطناعي من أنه قد يهدد بقاء الجنس البشري، من المتوقع أن يطرح رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، تلك المسألة عندما يسافر إلى الولايات المتحدة، الأربعاء، للقاء الرئيس الأميركي جو بايدن، وشخصيات رفيعة في الكونجرس.
بالعودة إلى المملكة المتحدة، تتكثف الجهود لمواجهة تحديات الأمن القومي التي يفرضها الذكاء الاصطناعي بالشراكة بين "MI5" (جهاز الاستخبارات البريطاني) و"معهد آلان تورينج" (Alan Turing Institute)، الهيئة الوطنية لعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي، التي تقود تلك الجهود.
في هذا السياق، اعتبر ألكسندر بلانشارد، الباحث في شؤون الأخلاقيات الرقمية في برنامج الدفاع والأمن التابع للمعهد، أن عمله مع أجهزة الأمن يشير إلى أن بريطانيا تتعامل مع التحديات الأمنية التي يشكلها الذكاء الاصطناعي بمنتهى الجدية.
وقال بلانشارد: "ثمة استعداد كبير بين صانعي السياسات الدفاعية والأمنية لفهم ما يجري، وكيف يمكن أن تستغل جهات فاعلة الذكاء الاصطناعي، والتعرّف على التهديدات".
وأضاف: "يسود حقاً شعور بالحاجة إلى مواكبة ما يحدث. هناك تقدم في فهم طبيعة المخاطر، وما هي المخاطر على المدى الطويل، وماهية مخاطر الجيل التالي من التكنولوجيا".
والأسبوع الماضي، قال سوناك إن بريطانيا تريد أن تصبح مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي وتنظيمه، مشيراً إلى أنه يمكن أن يحقق "فوائد هائلة للاقتصاد والمجتمع".
"أخطاء" الماضي
مع ذلك، يتفق كل من بلانشارد وهول أن المسألة الأساسية تتعلق بكيفية احتفاظ البشر "بالاستقلالية المعرفية"، والرقابة على الذكاء الاصطناعي، وكيفية دمج هذه الرقابة في التكنولوجيا.
وأشار هول إلى تزايد احتمالية استغلال الأفراد الضعفاء بمفردهم (عبر الإنترنت) في غرف نومهم بواسطة الذكاء الاصطناعي.
والجمعة، سُجن ماثيو كينج، 19 عاماً، مدى الحياة بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي، وأشار خبراء إلى السرعة التي تحوّل بها إلى التطرّف بعد مشاهدة محتوى متطرّف على الإنترنت، بحسب الصحيفة.
وشدد هول على أن شركات التكنولوجيا بحاجة إلى التعلّم من "أخطاء التهاون في الماضي"، لافتاً إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي كانت منصة رئيسية لتبادل المحتوى المتطرف في الماضي.
وأضاف هول أن هناك حاجة أيضاً إلى مزيد من الشفافية من جانب الشركات التي تقف وراء تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهذا يتعلق في المقام الأول بعدد الموظفين والمشرفين الذين وظفتهم.
وأوضح هول أن الأمر سيتطلب أيضاً سن تشريعات جديدة لمواجهة التهديد الإرهابي الذي يشكله الذكاء الاصطناعي، للحد من الخطر المتزايد للأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل، وهي الأجهزة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد أهدافها.
في تعليق على هذا الأمر، أوضح بلانشارد أن "الذكاء الاصطناعي يمكنه التعلّم والتكيف والتفاعل مع المحيط، ورفع مستوى سلوكه".
اقرأ أيضاً: