الإفتاء وجامعة الأزهر ومستشار الرئاسة يردون على مبروك عطية في أزمة الحجاب

time reading iconدقائق القراءة - 9
الدكتور مبروك عطية العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بسوهاج التابعة لجامعة الأزهر - https://www.facebook.com/Dr.MabrokAttia/videos/597545588319501
الدكتور مبروك عطية العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بسوهاج التابعة لجامعة الأزهر - https://www.facebook.com/Dr.MabrokAttia/videos/597545588319501
القاهرة-آلاء عثمان

قال المتحدث باسم جامعة الأزهر الدكتور أحمد زارع لـ"الشرق"، إن الجامعة لم تتلق أية شكاوى رسمية ضد الدكتور مبروك عطية، العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بسوهاج والتابعة للجامعة، في أعقاب تصريحاته، التي أثارت جدلاً واسعاً حول الحجاب وواقعة قتل الطالبة نيرة أشرف.

ولفت أحمد زارع إلى قرار رسمي صادر عن الجامعة منذ بضعة أعوام ينظم ظهور أعضاء هيئة تدريسها في وسائل الإعلام، ويلزمهم القرار بالحصول على إذن مُسبق قبل الإدلاء بمشاركات إعلامية فيما يبقى الصوت المُعبر عن المواقف الرسمية للجامعة مرتبطاً بمكتبها الإعلامي وقنواته الرسمية فقط. 

ويرى زارع، من وجهة نظره الشخصية كما يحب أن يؤكد، أن الجدل المُثار حول تصريحات مبروك عطية تضمن بعض المغالطات ولي عنق حديث الأستاذ الجامعي الشهير، فقال: "د. مبروك عطية عالم جليل بالطبع، ومن وجهة نظري شخصية، أرى أن هناك سوء تأويل للحديث من قبل بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لأنه لم يذكر أن مقتل الفتاة (نيرة أشرف) كان سببه عدم ارتداء الحجاب بالتحديد، وربما ما ذكره كان في سياق النصح".

وأضاف المتحدث الرسمي لجامعة الأزهر: "أنا لا اتفق مع د. مبروك في كل ما قال، لكن أحب لفت النظر إلى حدوث مشكلة في التواصل، فالجمهور من فئات عريضة مختلفة، لكلٍ خلفياته واتجاهاته وأطيافه، ويجب أن يكون الخطاب ملائماً دائماً لعموم الجمهور وأن يكون واضحاً وبسيطاً مُعززاً بالأدلة العلمية، ويراعي مشاعر وأفكار الفئات المختلفة".

وشدد زارع على أهمية أن يكون الخطاب الديني واضحاً ومباشراً للجمهور العام لا يحتمل اللبس أو سوء الفهم مع استخدام ألفاظ مُحددة واختتم حديثه: "ربما يحدث في بعض الأحيان خطأ في التأويل لكن النية سليمة". 

وكانت جامعة الأزهر أصدرت بياناً إعلامياً، وصفت فيه تصريحات "أحد الأساتذة" دون ذكر اسم محدد بكونها "غير متناسبة مع تقدير المؤسسة الأزهرية للمرأة واحترامها لها"، كما أشار البيان إلى أن تلك التصريحات "شخصية" ولا تُعبر إلا عن رأي صاحبها. 

ودعا البيان كذلك المنتسبين للأزهر إلى "التمسك بالمنهج الأزهري" ومخاطبة الجمهور بما يتناسب مع تاريخ المؤسسة العريق وتقدير واحترام عموم الناس لأساتذة الأزهر.

"اسمعوا الكلام كويس"

وأثار الدكتور مبروك عطية جدلاً كبيراً في الشارع المصري، في أعقاب حادث قتل طالبة جامعية تُدعى "نيرة أشرف" على يد زميل لها بمدينة المنصورة المصرية، حيث قدم بثاً مباشراً لجمهور متابعيه على موقع يوتيوب عنوانه "اسمعوا الكلام كويس.. قتيلة آداب المنصورة وحتى لا تلحقها غيرها".

وخلال 4 أيام فقط حصد الفيديو المثير للجدل لمبروك عطية ما يزيد عن 190 ألف مشاهدة على موقع يوتيوب، فيما حصدت نسخ مختصرة من مقطع الفيديو نفسه مليون مُشاهدة على موقع تويتر. 

في هذا الفيديو، قدم عطية التعازي لذوي الضحية داعياً لها بالرحمة، ثم انتقل للحديث عن حجاب المرأة، واستنكر اعتباره "حرية شخصية" للنساء والفتيات، وأضاف بالعامية المصرية: "سيبوا المهفهف – يقصد الشعر- ع الخدود يطير والبسوا المحزق، هيصطادك اللي ريقه بيجري ويقتلك". وأكمل عطية:" المرأة.. البِنية.. الفتاة تتحجب علشان تعيش، تلبس واسع علشان ما تغريش". 

وأضاف: "غض البصر للرجالة المحترمين.. حياتك غالية عليكي؟ أخرجي من بيتكم قُفة (للدلالة على الملابس الفضفاضة)، لا متفصلة ولا بنطلون ولا شعر ع الخدود.. ليه؟ هيشوفك اللي ريقه بيجري وما معهوش، هيدبحك".

ويُكمل عطية: "عرفتوا بقى؟ في بعد آخر للحجاب، ليس فقط بعداً دينياً، إنما بعد خبرة بالمجتمع اللي حوالين اللي عاوزة تهفهف (كاشفة الشعر) والمقمط (مرتدية الملابس الضيقة)". 

وأثارت تلك التصريحات موجة واسعة من الجدل في مصر، بعد أن رأى كثيرون أنها تحرض على العنف ضد النساء، وتنتقص من كرامة المرأة، ما تطور لاحقاً إلى مطالبات بمحاكمة عطية. 

مبروك عطية يدافع عن نفسه

وفي اليوم التالي، خرج مبروك عطية في بث مُباشر جديد اختار له عنوان "قضية نيرة فتاة المنصورة: توضيح جديد لعل الدنيا الثائرة تهدأ". 

وقال فيه: "أنا لم أتعرض لنيرة، ولم أذكر أنها لم تكن محجبة، دعوت لها بالرحمة 9 مرات، وسألت الله أن يرزقنا بقاض عادل يقتص ممن قتلها، وهى جريمة منكرة وبشعة، وعدم الحجاب ليس مُبرراً للقتل". وأكمل د. مبروك عطية منفعلاً بالعربية الفصحى: "وإنما قلت الحجاب وقاية، يُقلل نسبة الحوادث". 

ويبدو أن مبروك عطية أدرك أن هذا الفيديو لم يؤت ثماره في تهدئة الأجواء، فخرج بمقطع فيديو آخر على حسابه بعنوان "لهذا وجبت الإجازة وربما أعود أو لا أعود"، معتبراً إياه اللقاء الأخير مع جمهوره، مشيراً إلى أن تصريحاته نُشرت من مصدر وسيط دون الالتفات إلى توضيحاته.

وأضاف: "لقد بينت ووضحت أكثر من مرة، وفوضت الأمر لله وسلمته الموضوع، وأرجو لكم الخير كله والتوفيق كله، ولا يعلم إلا الله هل سيكون هناك لقاء آخر أم أن هذا اللقاء الأخير".

المجلس القومي للمرأة

وفي ذروة هذا الجدل، سارع المجلس القومي للمرأة بتقديم بلاغ إلى النائب العام ضد مبروك عطية، بتهمة تحقير المرأة والتحريض على العنف.

وأعلن المجلس ذلك في بيان، استنكر خلاله تصريحات عطية، كما أعلن أن الدكتورة مايا مُرسي، رئيس المجلس، استنكرت خطاب عطية واعتبرته "تحقيراً للمرأة وتحريضاً على العنف".

وأكد المجلس أنه "لا تهاون فيما تم نشره"، وأنه سيتقدم ببلاغ إلى النائب العام لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال ذلك.

مستشار السيسي

وانضم مستشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للشؤون الدينية، الدكتور أسامة الأزهري، إلى المعلقين على الأزمة، وأفصح عن رأيه خلال  مقابلة تليفزيونية مع قناة DMC المصرية دون الإشارة إلى شخص مبروك عطية، فقال: "بينما المصريون جميعاً في هول هذه الكارثة والحادث المأساوي.. يخرج هذا الأستاذ بهذا التعليق المستهجن المبتذل، الذي آذى مشاعر المصريين أكثر مما هم عليه.. الأمر أجل وأفدح من أن تتم معالجته بالتهريج". 

كما وصف مستشار الرئيس المصري كذلك حديث عطية بـ"المهين للمصريين جميعاً"، وانتقد معالجته للموقف معتبراً خطابه "أقرب ما يكون لخطاب إرهابي". 

دار الإفتاء

ونشرت دار الإفتاء المصرية كذلك، على فيسبوك، منشوراً يبدو كانتقاد لخطاب عطية دون ذكر اسمه بالتحديد، جاء فيه إن "ما اعتاده بعض المدعين عند حدوث حالات اعتداء على الفتيات من تحرش أو قتل من ربط ذلك بترك الحجاب هو حديث فتنة، وليس له علاقة بالمنهج الصحيح، وفيه تحريض على العدوان على المرأة وتحقيرها".

هجوم إعلامي

وأثناء ظهوره ضيفاً على البرنامج التليفزيوني"الستات" بفضائية "النهار" المصرية، انتقد الكاتب والسيناريست المصري مدحت العدل خطاب مبروك عطية في معرض حديثه عن واقعة قتل الطالبة نيرة أشرف بالمنصورة حيث قال: "ظهر شيخ من الشيوخ، وقال كوني شبيهة بالقفة كي لا يُزعجك أحدهم عن الخروج من المنزل، فتحولت المرأة إلى وعاء جنسي، والرجل إلى ذئب يجوب الشوارع بحثاً عن النساء". 

ووصفت المطربة المصرية أنغام تصريحات مبروك عطية، دون أن تذكره بالاسم، بالمعيبة والمثيرة للحرج. 

وعلقت الفنانة السورية ​أصالة​ قائلةً: "فيه ناس مظلومة حيّة أو ميّتة! الله يرحم الصبيّة الطيّبة نيرة أشرف.. كنت بحبّ الشيخ مبروك إنّما كلامه غاية بالقسوة والإهانة عموماً لجميع الإناث بكلّ أشكالهم".

وأضافت أصالة: "بعتذر لأهل وأصحاب ومعارف الّلي تعاطفنا معها وحبيناها دون لقاء #نيرة_أشرف ولجميع السيّدات في وطننا المقهور".

واستنكر كذلك مقدم البرامج المصري شريف مدكور تصريحات عطية، واعتبرها "تحريضاً على التحرش". 

أما مواقع التواصل الاجتماعي فشهدت هجوماً ضارياً على مبروك عطية تحت وسم #محاكمة_مبروك_عطية، فكتبت إحدى مستخدمات تويتر: "أعاني من الصدمة ولا أصدق أننا نعيش في عالم يُبرر الجرائم ويلوم الضحية على ملبسها". 

وعبر مستخدم آخر عن استيائه قائلاً:" مبروك عطية لم يهدر دم الطالبة نيرة فقط، بل أهدر كرامة ودم كل امرأة وفتاة مصرية".

حوار مجتمعي

وترى الباحثة واستشاري قضايا النوع الاجتماعي منى عزت أن الخطاب المُقدم من مبروك عطية لا يمثل حالة فردية، أنما يعبر عن نهج متأصل يتبناه العديد من رجال الدين، ويلقى ترحاباً في المجتمع المصري، وتشرح أن "ذلك الخطاب يحمّل النساء اللوم والمسؤولية عما يتعرضن له من عنف، باعتبارهن مصدر الفتن والغواية". 

وتقول عزت لـ"الشرق": "لا بد أن نلتفت إلى شعبوية الخطاب حتى أن صحفاً ومواقع إلكترونية انجرفت لتغطية ما كانت ترتديه الفتاة الضحية، ما يجسد أزمة كبيرة تحتاج لتعامل جاد وحازم".

ولفتت استشاري قضايا النوع الاجتماعي كذلك إلى أنه "كان هناك موقفاً واضحاً من الأزهر ودار الافتاء، ونود ألا يُصبح ذلك إجراء وقتياً يتصاعد مع كل أزمة ثم يخفت". 

واختتمت عزت حديثها بالتأكيد على ضرورة وجود حوار مجتمعي تشارك فيه المنظمات النسوية والمجتمع المدني والمجلس القومي للمرأة، "كي يضع خطوات دائمة وواضحة للتعامل مع الأزمة.. لا يجب أن ننتظر جريمة قتل أخرى".

تصنيفات