نجح باحثون من كلية الطب في "جامعة ميريلاند" الأميركية في زرع قلب خنزير لمريض يعاني من فشل القلب؛ وغير مؤهل للالتحاق ببرامج الزراعة التقليدية في الولايات المتحدة.
ووافق المريض ديفيد بينيت (57 عاماً)، الذي تلقى قبل 10 سنوات صماماً من خنزير أيضاً، في ديسمبر الماضي على التجربة الرائدة؛ بعد أن قرر المقامرة بالعلاج التجريبي، بعد أن استنفد العلاجات الأخرى، وأصبح مريضاً للغاية لدرجة لا تؤهله الحصول على قلب متبرع بشري.
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن بينيت قوله عشيّة العمليّة: "إمّا أن أموت أو أن أجري عملية الزرع هذه. أريد أن أعيش... إنّها خياري الأخير".
واستخدم الفريق عقاراً تجريبياً جديداً طوره الطبيب الباكستاني - الأميركي محمد محيي الدين جزئياً لتثبيط جهاز المناعة، ومنع رفض العضو المزروع. كما استخدم الفريق أيضاً جهازاً جديداً للتروية (ضخ الدم) للحفاظ على قلب الخنزير حتى إتمام الجراحة.
وتُعد تلك العملية التي استغرقت 8 ساعات، وحصلت على تصريح طارئ من إدارة الغذاء والدواء الأميركية قبل نحو 10 أيام، هي الجراحة الناجحة الأولى من نوعها لزراعة قلب خنزير في إنسان.
وقال مدير برنامج زراعة القلب بالجامعة الجراح بارتلي جريفيث، والذي أجرى العملية، إن القلب "يعمل بشكل طبيعي"، ولكنه أكد أن مستقبل المريض غير مضمون، إذ "لم يتم القيام بتلك العملية من قبل".
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن الجراح قوله، إن هذه عملية جراحية رائدة، وتقرّبنا خطوة من حلّ أزمة نقص الأعضاء"، مضيفاً: "نتقدّم بحذر، لكنّنا متفائلون أيضاً بأنّ هذه الجراحة الأولى في العالم ستوفّر خياراً جديداً مهمّاً للمرضى في المستقبل".
وتأتي تلك الجراحة بعد أسابيع من نجاح جراحين في نيويورك في زرع كلية خنزير معدلة وراثياً لشخص يُعاني من موت دماغي.
ويأمل الأطباء أن تؤدي تلك الجراحة لدخول زراعة الأعضاء حقبة جديدة في المستقبل لا يُعاني فيها المريض من الانتظار على القوائم في سبيل الحصول على عضو بشري من متبرع أو متوفى.
تعديل وراثي
وقبل الزراعة؛ قام الباحثون بتعديل قلب الخنزير وراثياً، لجعله أقل احتمالاً للرفض من الجسم البشري.
وأجرى الباحثون في شركة للطب التجديدي في فيرجينيا، تعديلات على 10 جينات في قلب الخنزير. إذ تم تعطيل أربعة جينات في ذلك القلب، بما في ذلك الجينات التي تكوّد جزيئاً يسبب استجابة رفض بشرية عدوانية.
كما تم تعطيل جين النمو أيضاً لمنع قلب الخنزير من الاستمرار في النمو بعد الزرع. وبالإضافة إلى ذلك، تم إدخال ست جينات بشرية في جينوم الخنزير المتبرع، وهي تعديلات مصممة لجعل أعضاء الخنازير أكثر تحملاً لجهاز المناعة البشري.
ولا يزال المريض متصلاً بجهاز تحويل مجرى القلب والرئة، والذي كان يبقيه على قيد الحياة قبل العملية، لكن هذا أمر معتاد بالنسبة لمتلقي زراعة قلب جديد.
ويقول الأطباء إن القلب الجديد يقوم بالفعل بمعظم العمل، وسيتم تجربة رفع المريض من على الجهاز الثلاثاء.
وسيقوم الباحثون بالمراقبة عن كثب بحثاً عن علامات على رفض الجسد للعضو الجديد، لكن الساعات الـ48 الأولى، وهي الساعات الحرجة، مرت من دون وقوع حوادث.
وتقدم الخنازير مزايا تفوق على الرئيسيات في عمليات زرع الأعضاء، لأنها أسهل في التنشئة. وتُزرع صمامات قلب الخنزير بشكل روتيني في البشر، وقد تلقى بعض مرضى السكري خلايا بنكرياس الخنازير. كما تم استخدام جلد الخنزير كطعم مؤقت لمرضى الحروق من دون حدوث أي مشكلات.
محاولات سابقة
ولا تُعد تلك العملية هي المحاولة الأولى لزراعة قلوب الحيوانات في البشر؛ فقد تم إجراء أول عملية زرع قلب في الإنسان على الإطلاق عام 1964، باستخدام قلب قرد شمبانزي، لكن المريض توفي في غضون ساعتين.
وفي عام 1984، تم زرع قلب قرد البابون في طفل يعاني من قصور في القلب؛ توفي الطفل بعد 20 يوماً من العملية.