أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي الأحد، أن بلاده بدأت التخطيط لإنتاج اليورانيوم المعدني لاستخدامه في مفاعل طهران كبديل عن اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، قائلاً بحسب ما أفادت به وكالة أنباء "فارس"، إنه تم نصب أجهزة الطرد المركزي (IR2M) ويجري العمل لتصنيع أجهزة طرد مركزي أخرى من طراز (IR6).
ويُعتبر إنتاج معدن اليورانيوم محظوراً بموجب الاتفاق النووي لعام 2015 المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، والذي يَعدُ إيران بحوافز اقتصادية مقابل قيود على برنامجها النووي.
ولطالما كانت طهران تُصرّ على أنها غير مهتمة بتطوير قنبلة نووية، وعلى أن معدن اليورانيوم مخصص لبرنامجها ذي الأغراض السلمية.
وتنتج طهران حالياً كميات صغيرة من اليورانيوم عالي التخصيب المنقى، وصلت مستوياته إلى 60%، ما يدل على أن مهندسيها من الممكن أن ينتقلوا بسرعة إلى مستوى صنع الأسلحة، وفقاً لوكالة "بلومبرغ".
وتحتاج البلدان المهتمة بهذا الشأن إلى تطوير بنية تحتية صناعية لإنتاج "نظير اليورانيوم 235" المُركز، والذي يُشكل أقل من 1% من المادة في خام اليورانيوم، ولكنه أساسي للحفاظ على تفاعل سلسلة الانشطار.
وفي هذه الخطوة، يتم استخدام الآلاف من أجهزة الطرد المركزي التي تدور بسرعة تفوق سرعة الصوت، لفصل المواد.
قلق دولي
وسبق أن أعرب الأعضاء الأوروبيون في الاتفاق النووي عن "قلقهم البالغ" بشأن إنتاج معدن اليورانيوم، مٌشككين في مزاعم إيران حول حاجاتها ذات الطبع المدني، وقالوا إنها "خطوة رئيسية في طريق تطوير سلاح نووي".
وكان رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية صرّح في وقت سابق السبت، أن بلاده تملك أكثر من 120 كيلوجراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، مضيفاً في تصريحات للتلفزيون الإيراني الرسمي "شعبنا يعلم جيداً أنه كان عليهم (القوى الغربية) تزويدنا بالوقود المخصب بنسبة 20%، لاستخدامه في مفاعل طهران، إلا أنهم لم يفعلوا ذلك".
وتابع"إذا لم يقم زملاؤنا بالأمر، فمن الطبيعي أننا كنا سنواجه مشاكل في نقص الوقود النووي لمفاعل طهران".
وكانت "بلومبرغ"، ذكرت في مايو الماضي، أن إيران راكمت ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع قنابل نووية عدة، خصوصاً في حال اختارت رفع نسبة عمليات تنقية المعدن الثقيل إلى 90% (المستخدم عادةً في الأسلحة).
ما الحدود التي تخطتها طهران؟
وفقاً لبنود الاتفاقية المبرمة في فيينا عام 2015 مع (الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة والصين وروسيا)، وافقت إيران على تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67% كحد أقصى مع سقف محدد بـ202.8 كليوجرام.
وبحسب تقرير نشرته وكالة "فرانس برس" في سبتمبر الماضي، تكمن العملية في زيادة نسبة النظائر الانشطارية في اليورانيوم، وخصوصاً في أجهزة الطرد المركزي.
وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن إيران راكمت حتى نهاية أغسطس 2441.3 كيلوجرام من اليورانيوم، أي أكثر بـ 12 مرة من الحد المسموح به، وفي بداية 2021، ذهبت إيران إلى أبعد من ذلك وبلغت نسبة 20%، وهو مستوى يسمح نظرياً بإنتاج نظائر طبية تستخدم خصوصاً في تشخيص بعض أنواع السرطان. وبات مخزونها المخصب بهذه النسبة يبلغ 84 كيلوجراماً.
ثم في أبريل تجاوزت عتبة 60% غير المسبوقة، وأنتجت منذ ذلك الوقت 10 كيلوجرامات، مقتربة من نسبة الـ90% اللازمة لصنع قنبلة ذرية.
وفي الشهر الماضي، نقلت "فرانس برس" عن أندريا سترايكر المؤلفة المشاركة في تقرير صدر عن "معهد واشنطن للعلوم والأمن الدولي"، قولها إن إيران طورت للمرة الأولى اليورانيوم المعدني "بحجة مدنية"، في حين أنه مادة أساسية لصنع سلاح نووي.
وفي موازاة ذلك، زادت إيران بشكل كبير من عدد أجهزة الطرد المركزي وأدائها لزيادة الإنتاج بشكل أفضل وأسرع.
وفي نوفمبر من العام الماضي بدأت إيران ضخ غاز سادس فلوريد اليورانيوم في أجهزة طرد مركزي جديدة داخل منشأة نطنز النووية، في انتهاك جديد للاتفاق النووي، فيما قال وزير خارجيتها محمد جواد ظريف إن طهران مستعدة للعودة "تلقائياً" إلى التزاماتها (التي ينص عليها الاتفاق)، شرط رفع العقوبات الأميركية.
وأفاد تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، حصلت عليه وكالة "رويترز"، بأن إيران بدأت تضخ غاز سادس فلوريد اليورانيوم في أجهزة طرد مركزي جديدة من طراز "آي.آر-2 إم" تم تركيبها في منشأة نطنز.
اليورانيوم المعدني
اليورانيوم المعدني هو عنصر كيميائي مشع موجود في الطبيعة، ويُعد من الفلزات ولونه أبيض يميل إلى الفضي، ويعود اكتشافه إلى عام 1789 على يد الكيميائي الألماني مارتن كلابروث. ويستخدم الفلز المعدني في محطات الطاقة النووية لتوليد الحرارة وتسخين المياه لإنتاج البخار.
وقبل أن يخضع اليورانيوم للتخصيب يمر بمراحل عدة، أولها استخراجه. فاليورانيوم الخام المستخرج من المناجم يحتوي على 1% فقط من أكسيد اليورانيوم، أي المادة الأولية المطلوبة لعملية إنتاج الطاقة.
ولاستخراج هذه المادة، يعالج اليورانيوم بمواد كيميائية أخرى، بحيث ينتج عن هذه العملية ما يعرف بـ"الكعكة الصفراء"، وهي عبارة عن مسحوق يحتوي على 80% من أكسيد اليورانيوم.
وفي هذه المرحلة، يحين موعد التخصيب الذي يعني تحويل "الكعكة الصفراء" إلى غاز يسمى "يورانيوم هيكسا فلورايد"، ومن ثَم يدخل إلى أجهزة الطرد المركزي التي تدور بسرعة عالية جداً ينتج عنها "اليورانيوم 235" ذو الوزن الخفيف الذي يصلح لإنتاج الطاقة الكهربائية في مفاعل نووي.
وتجري عملية التخصيب على مراحل مختلفة تهدف إلى رفع تركيز "اليورانيوم 235" بحسب الحاجة منه، فرفع نسبة نقائه إلى 5.3% يُتيح استخدامه في مفاعل نووي يعمل بالماء الخفيف، أما 20% فيستهدف تشغيل مفاعلات البحوث العلمية، في حين يستخدم 90% للأغراض عسكرية.
وتستهلك المراحل الأولى من التخصيب معظم الطاقة والجهد، فعلى سبيل المثال، يذهب نصف المجهود المبذول لتخصيب اليورانيوم بنسبة 90% في رفع نسبة التخصيب من 0.7% 4%. أي أنه بالوصول إلى نسبة تخصيب 20%، تكون المهمة استخدام اليورانيوم في إنتاج أسلحة نووية أنجزت بنسبة 90%.