
قال السفير الروسي لدى واشنطن، أناتولي أنتونوف، إن الولايات المتحدة "مصممة على نشر وثائق (بشأن أوكرانيا) لا أساس لها من الصحة تجرّم السلطات الروسية"، وذلك قبيل لقاء مرتقب بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره الروسي سيرجي لافروف، الجمعة في جنيف.
واستنكر أنتونوف، في تغريدة نشرتها صفحة السفارة الروسية بواشنطن، وثائق وزارة الخارجية الأميركية بشأن غزو روسي محتمل لأوكرانيا.
وتابع: "في غضون ساعات قليلة نشرت وزارة الخارجية (الأميركية) 3 وثائق مصممة لتجريم السلطات الروسية ووسائل الإعلام الحكومية".
وأضاف أنتونوف: "لم نرَ شيئاً جديداً، تواصل واشنطن تكرار المزاعم التي لا أساس لها من الصحة، وتواصل تسمية التطورات الحالية في أوكرانيا بأنها أساطير روسية دعائية".
ونشرت وزارة الخارجية الأميركية وثائق بشأن "روايات التضليل الروسية" تشمل عمليات الوسائط الاجتماعية الخبيثة، واستخدام وسائل الإعلام الوكيلة العلنية والسرية، وضخ المعلومات المضللة في البرامج التلفزيونية والإذاعية، واستضافة المؤتمرات المصممة للتأثير على الحضور للاعتقاد كذباً أن أوكرانيا وليس روسيا هي المسؤولة عن التوترات المتزايدة في المنطقة".
ويأتي ذلك في الوقت الذي قالت فيه وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، الخميس، إن وزارتها مستعدة لفرض عقوبات كبيرة على روسيا إذا غزت أوكرانيا، وإنها تعمل بشكل وثيق مع الحلفاء لصياغة تلك الردود.
وأوضحت يلين لشبكة "سي.إن.بي.سي" أن الرئيس الأميركي جو بايدن "قال إننا سنفرض عقوبات قاسية على روسيا إذا غزت أوكرانيا. نأمل أن تبحث موسكو عن حل دبلوماسي، ولكننا على استعداد لفرض عقوبات وخيمة".
وذكرت أن "واشنطن تعمل مع الحلفاء الأوروبيين الذين تربطهم علاقات اقتصادية أقوى مع روسيا لفهم هواجسهم بشأن العقوبات الاقتصادية والمالية المحتملة، وأخذها في الاعتبار عند إعداد الردود".
ويستعد وزيرا خارجية روسيا والولايات المتحدة لبحث مقترحات موسكو بشأن الضمانات الأمنية التي يطالب بها الرئيس فلاديمير بوتين الغرب، من أجل التراجع عن نشر عشرات الآلاف من جنوده على الحدود مع أوكرانيا، ما أثار مخاوف من اجتياح.
ورغم نفيها أي مخطط لهجوم، تؤكد موسكو أن وقف التصعيد يتطلب "ضمانات خطية حول أمنها".
عواقب
وفي وقت سابق الخميس، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس إن بلينكن الذي كان يزور برلين "وصل إلى جنيف من أجل إجراء مزيد من المناقشات مع نظيره الروسي سيرجي لافروف بشأن الإجراءات العدوانية التي تتخذها روسيا ضد أوكرانيا".
وأوضح برايس أن المباحثات ستتداول أيضاً الحديث بشأن ما ستواجهه روسيا "في حال لم تتخذ خطوات لتهدئة التصعيد".
وفي موقف يتسم بالحزم، قال بلينكن خلال مقابلة مع قناة "زي دي إف" التلفزيونية، إن احتمال دخول جنود روس سيشكل "عدواناً واضحاً جداً على أوكرانيا، بغض النظر عما إذا كان الأمر يتعلق بجندي واحد أو بألف جندي".
وأشار وزير الخارجية الأميركي إلى أنه لا يتوقع "حدوث أي انفراجة (خلال اللقاء مع لافروف)، ومن بالغ الأهمية أن نفهم ما هي المرحلة التي نمرّ بها حالياً".
تحذير أوروبي
وخلال تواجده في برلين حيث أجرى الخميس محادثات مع حلفائه الأوروبيين، قال بلينكن في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الألمانية أنالينا بربوك، إنه "إذا تحركت أي قوات روسية عبر الحدود الأوكرانية فسنواجهها ضمن استجابة متحدة وقاسية"، مشدداً على أن روسيا "لا تملك قوة الغربيين مجتمعين".
وأكد وزير الخارجية الأميركي أن بلاده والأوروبيين سيتخذون إجراء موحداً إزاء الأزمة في أوكرانيا، مضيفاً: "هدفنا منع المزيد من التدخل الروسي في أوكرانيا".
ولإظهار وحدة الغربيين، أكدت بيربوك بدورها أن الولايات المتحدة وحلفاءها لن يترددوا في التحرك رغم أن الرد ستكون له "تداعيات اقتصادية" على أوروبا.
فيما حذّر نظيرها الفرنسي جان إيف لودريان، الذي كان موجوداً أيضاً في برلين، الروس من أي رغبة لإقامة "يالطا 2"، أي تقاسم جديد لدوائر النفوذ بين الغرب والشرق بعد 77 عاماً على المؤتمر الذي رسم حدود أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
واعتمدت لندن اللهجة ذاتها إذ حذّر رئيس الوزراء بوريس جونسون من أن أي توغل روسي في أوكرانيا سيكون "كارثة على العالم".
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن حذّر روسيا، الخميس، من أنها ستواجه "كارثة" في حال غزت أوكرانيا، مقدّراً في الوقت نفسه أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين "لا يريد نشوب حرب واسعة النطاق".
وقال: "ستكون كارثة لروسيا"، محذراً موسكو من خسائر "فادحة" في الأرواح بساحة القتال وعقوبات "قاسية" غير مسبوقة على الصعيد الاقتصادي، متابعاً: "بوتين يعلم أن العقوبات التي سأفرضها لو تدّخل في أوكرانيا لم يرَ لها مثيلاً من قبل... سنفرض نحن وحلفاؤنا ثمناً باهظاً على روسيا لو قررت غزو أوكرانيا".
مناورات بحرية روسية
لكن روسيا ردت عبر إعلانها، الخميس، عن إطلاق عمليات بحرية في كل الاتجاهات من المحيط الهادئ إلى الأطلسي مروراً بالمتوسط تشمل 140 سفينة حربية و10 آلاف عنصر.
وسبق لموسكو أن نظمت، الأربعاء، تدريبات عسكرية مشتركة مع قوات بيلاروس، الجمهورية السوفياتية السابقة المجاورة أيضاً لأوكرانيا.
وهذه التدريبات من شأنها أن تنذر بوجود عسكري روسي دائم يشمل قوات تقليدية ونووية في بيلاروس، كما قال مسؤول أميركي.
وحصلت جولة محادثات أميركية روسية الأسبوع الماضي في أوروبا، ولكنها فشلت في ردم الهوة الفاصلة في هذه المرحلة بين الغرب وروسيا.
أسلحة إلى أوكرانيا
وإضافة إلى اتفاقية تمنع أي توسيع لحلف شمال الأطلسي، ولاسيما من جهة ضم أوكرانيا وجورجيا، الجمهورية السوفياتية السابقة، تطالب موسكو بتخلّي الأميركيين وحلفائهم عن تنظيم مناورات ونشر قوات عسكرية في أوروبا الشرقية.
وأوضحت موسكو أن مطالبها هذه غير قابلة للتفاوض، في حين اعتبرتها الولايات المتحدة غير مقبولة في غالبيتها.
في هذا الإطار، أعلنت واشنطن الأربعاء عن 200 مليون دولار كمساعدة "أمنية دفاعية إضافية" لأوكرانيا، تستكمل 450 مليون دولار من المساعدات الممنوحة لها أساساً.
كما وافقت الولايات المتحدة على مطالب دول البلطيق بإرسال أسلحة أميركية الصنع إلى أوكرانيا.
مخاوف أوكرانية
من جانب آخر، نقلت قناة "روسيا اليوم" عن وسائل إعلام أوكرانية قولها إن وزارة الثقافة والإعلام في البلاد بدأت توزيع التعليمات على الشركات والمؤسسات العاملة في العاصمة كييف، في حال اندلاع أي أعمال عدائية أو حرب.
وكتبت صحيفة "Vesti.ua" أن وزارة الثقافة والإعلام أرسلت تعليمات إلى مؤسسات كييف بشأن "كيفية التصرف في حالة الطوارئ والحرب".
وقام مركز الاتصالات الاستراتيجية وأمن المعلومات التابع للرئاسة، إلى جانب خدمة الطوارئ الحكومية ووزارة الدفاع ومكتب القائد العام للقوات المسلحة، في يونيو الماضي، بوضع كتيب للاستعانة به في حال اندلاع أعمال عدائية في البلاد.
وتقول الوثيقة المكوّنة من 14 صفحة إن القوات المسلحة الأوكرانية قادرة على "حماية شعب أوكرانيا وردع المعتدي بشكل فعال". في الوقت نفسه، تلقى المدنيون عشرات النصائح في حال بدء القتال.
اقرأ أيضاً: