الجزائر.. مطالب بالاعتذار "الكامل" بعد إقرار ماكرون بـ"مجازر أكتوبر"

time reading iconدقائق القراءة - 5
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مراسم إحياء ذكرى الضحايا الجزائريين في "مجزرة أكتوبر 1961" - 16 أكتوبر 2021  - AFP
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مراسم إحياء ذكرى الضحايا الجزائريين في "مجزرة أكتوبر 1961" - 16 أكتوبر 2021 - AFP
الجزائر -أمين حمداوي

اعتبر سياسيون جزائريون إقرارَ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتحمُّل بلاده المسؤولية عن "مجازر 17 أكتوبر 1961"، والتي أودت بحياة مئات الجزائريين، "مجرد بداية للاعتراف بجرائم كبرى إبان الاحتلال الفرنسي"، وطالبوا بـ"اعتراف كامل بجرائم الاستعمار". 

ووصف سياسيون جزائريون الخطوة الفرنسية بأنها تستهدف "مصالح استراتيجية واقتصادية بعد تراجع نفوذ فرنسا في الجزائر".

وندد ماكرون، خلال مراسم إحياء ذكرى الواقعة، السبت، بـ"جرائم لا مبرر لها"، وأقر بمسؤولية بلاده عن "قمع وحشي، وعنيف، ودموي" لمظاهرات الجزائريين، وفق بيان صادر عن قصر الإليزيه.

وفي ليلة 17 أكتوبر عام 1961، نظم الاتحاد الفرنسي لجبهة التحرير الوطني، مظاهرة في باريس، احتجاجاً على مرسوم يمنع الجزائريين فقط، من مغادرة منازلهم بعد الساعة 8:30 مساءً، وهو ما واجهته شرطة باريس بـ"قمع وحشي وعنيف ودموي".

واعترفت فرنسا بأنه "تم القبض حينها على قرابة 12 ألف جزائري، ونُقلوا إلى مراكز الفرز في ملعب كوبرتان، وأماكن أخرى، بالإضافة إلى قتل العشرات، وإلقاء جثثهم في نهر السين".

تعويض عادل

واعتبر عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الجزائري كمال بن خلوف، في تصريحات لـ"الشرق"، أن خطوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تأتي "استجابة للضغوط" التي مارستها الجزائر على فرنسا.

ومطلع الشهر الجاري، قرر الرئيس الجزائري الاستدعاء الفوري لسفير بلاده في باريس للتشاور، رداً على تصريحات للرئيس الفرنسي قال فيها إن التاريخ الرسمي الجزائري "لا يقوم على الحقائق، وأعيدت كتابته بالكامل، ويرتكز على كراهية فرنسا".

وقال بن خلوف إن "الخطوة الفرنسية يمكن اعتبارها بداية للاعتراف بالجرائم الكبرى للاحتلال الفرنسي للجزائر والذي امتد من عام 1830 إلى عام 1962، مثل جريمة التفجيرات النووية في الجنوب".

وأشار البرلماني الجزائري إلى ضرورة أن يتبع تصريحات ماكرون "اعتذار، وتعويض عادل عن الجرائم الاستعمارية".

محاولة تهدئة

بدوره، رأى المؤرخ الجزائري والمحلل السياسي رابح لونيسي، في تصريحات لـ"الشرق"، أن اعتراف فرنسا بمجازر 17 أكتوبر "ليس جديداً"، ولفت إلى أن الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند أقر عام 2012 بمجزرة باريس.

وأوضح لونيسي أن الهدف من خطوة ماكرون، هو "تحقيق مصالح استراتيجية واقتصادية لها، مع تراجع النفوذ الفرنسي في الجزائر".

وقال بوحنية قوي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ورقلة، لـ"الشرق" إن اعتراف ماكرون بمجازر 17 أكتوبر، يستهدف "تهدئة التوترات غير المسبوقة بين فرنسا والجزائر"، مؤكداً أن تصريحات الرئيس الفرنسي "لن تمحوَ تشكيكه في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي".

وتساءل ماكرون، في تصريحاته التي فجّرت الأزمة، عن "وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي"، واعتبر أن الجزائر أنشأت بعد استقلالها في عام 1962 "ريعاً للذاكرة" كرسه "النظام السياسي العسكري".

رسالة تبون

ودعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، السبت، إلى معالجة ملفات الذاكرة مع فرنسا بعيداً عن "الفكر الاستعماري"، وذلك في رسالة للشعب الجزائري في الذكرى الستين لقتل المتظاهرين الجزائريين.

واعتبر تبون أن ما حدث يعكس "وجهاً من الأوجه البشعة لسلسلة المجازر الشنيعة، التي تَحْتَفِظُ بمآسيها ذاكرة الأمة".

وجاء في النص الذي نشرته الرئاسة الجزائرية: "هذه المناسبة تُتيح لي تأكيد حرصنا الشديد على التعاطي مع ملفات التاريخ والذاكرة، بعيداً عن أي تَراخ أو تَنازُل، وبروح المسؤولية، وفي منأى عن تأثيرات الأهواء وعن هيمنة الفكر الاستعماري الاستعلائي".

وتابع: "ينبغي أن يكون واضحاً، وبصفة قطعية، أن الشعبَ الجزائري الأبيَّ المُعتز بجذور الأمة، الضاربة في أعماقِ التاريخ، يمضي شامخاً، بعَزم وتلاحُم، إلى بناء جزائر سيِّدة قوية".

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس تبون "ترسيم الوقوف، دقيقة صمت، كلّ سنة، عبر كامل التراب الوطني، بدءاً من الأحد، في الساعة الحادية عشرة صباحاً، ترحماً على أرواح شهداء مجازر 17 أكتوبر 1961، في باريس"، بحسب بيان للرئاسة.

اقرأ أيضاً: