العراق.. حداد وطني على ضحايا قصف دهوك وتنديد عربي ودولي

time reading iconدقائق القراءة - 9
رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يستقبل جثامين ضحايا قصف دهوك ويتقدم الجنازة الرسمية بغداد 21 يوليو 2022 - المركز الإعلامي لمكتب رئيس الوزراء العراقي
رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يستقبل جثامين ضحايا قصف دهوك ويتقدم الجنازة الرسمية بغداد 21 يوليو 2022 - المركز الإعلامي لمكتب رئيس الوزراء العراقي
أربيل/ بغداد/ برلين/ واشنطن/ دبي -أ ف برويترزالشرق

شيّع العراق، الخميس، بغصب وحزن، ضحايا قصف حمّلت بغداد تركيا مسؤوليته، وأودى بحياة 9 مدنيين في منتجع سياحي في كردستان، في حدث من شأنه زيادة التوتر بين البلدين الجارين، وسط نفي تركي وغضب محلي وتنديد عربي ودولي، وطلب ألماني بالتحقيق.

واستقبل رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي جثامين الضحايا، وتقدّم مراسم التشييع الرسمي التي انطلقت من مطار بغداد الدولي، بحضور عدد من القيادات الأمنية والمسؤولين، بحسب بيان للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء.

والتقى الكاظمي عائلات الضحايا، وقدّم لهم تعازيه ومواساته، ووجّه بمتابعة أوضاعهم وأحوال الجرحى، وتقديم أفضل الرعاية الطبية لهم، كما أعلن، الخميس، حداداً وطنياً ليوم واحد على أرواح الضحايا.

ونقلت الجثث في طائرة عسكرية انطلقت من مطار أربيل عاصمة إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي، بعد نقلها إلى المطار بسيارة إسعاف، وبينها تابوت طفل صغير، ولفّت التوابيت بالعلم العراقي وأكاليل الورود.

وحمّل وزير الخارجية فؤاد حسين، ورئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، التابوت الصغير نحو الطائرة قبل أن تقلع إلى بغداد.

تصعيد سياسي

وصعّدت بغداد موقفها باستدعاء السفير التركيّ لديها علي رضا كوناي، وتسلّيمه مُذكّرة احتجاجٍ شديدة اللهجة تضمّنت إدانة الحُكُومة لـ"هذه الجريمة النكراء التي ارتكبتها القوات التركيَّة والتي مثلت قمة لاعتداءاتها المُستمرة على سيادة العراق وحرمة أراضيه وأخذت طابعاً استفزازياً جديداً لا يمكن السكوت عنه، تمثل في استهداف المواطنين الآمنين داخل عمق المُدن العراقية".

وجددت وزارة الخارجيَّة التأكيَّد أنَّ "للعراق الحق في اتخاذ كل الإجراءات التي كفلتها المواثيق الدوليَّة التي من شأنها حماية سيادته وأرضه وسلامة مواطنيه من الاعتداءات الآثمة والمُستنكرة".

وطالبت الوزارة بـ"انسحاب القوات التركيَّة كافة من داخل الأراضيّ العراقيَّة"، ودعت تركيا إلى "حل مشاكلها الداخلية بعيداً عن حدود العراق وإلحاق الأذى بشعبه"، كما طالبتها بـ"تقديم اعتذار رسميّ عن هذه الجريمة وتعويض ذويّ الضحايا الأبرياء والجرحى".

وكانت الوزارة أعلنت، ليل الأربعاء استدعاء القائم بأعمالها من أنقرة "وإيقاف إجراءات إرسال سفير جديد إلى تركيا"، بحسب بيان رسمي. 

جاء الموقف مباشرة من الكاظمي الذي ندّد بارتكاب "القوات التركية مجدداً انتهاكاً صريحاً وسافراً للسيادة العراقية"، في حين أعرب رئيس الجمهورية برهم صالح عن استنكاره لـ"القصف التركي"، معتبراً أنه "يُمثل انتهاكاً لسيادة البلد وتهديداً للأمن القومي العراقي"، وذلك على رغم نفي تركيا تنفيذها للقصف.

جلسة طارئة للبرلمان

وجمع برلمانيون عراقيون، الخميس، توقيعات لعقد جلسة طارئة لمجلس النواب لمناقشة "الانتهاكات التركية للأراضي العراقية".

 غضب شعبي

وتصاعد الغضب الشعبي في العراق على الحادث الذي أدّى أيضاً إلى إصابة 23 بجروح، غالبيتهم من وسط وجنوب البلاد، يتوجهون إلى المناطق الجبلية في كردستان المحاذية لتركيا، هرباً من الحرّ.

وتظاهر العشرات، صباح الخميس، أمام مبنى السفارة التركية وسط بغداد، وأمام مركز لمنح تأشيرات دخول إلى تركيا، وسط إجراءات أمنية مشددة، مطالبين بطرد السفير التركي من العراق، كما أفاد مصوّر في "فرانس برس".

وبثّت أغاني وطنية عبر مكبّرات صوت، ورفع بعض المتظاهرين لافتات كتبوا عليها: "أنا عراقي.. أطلب طرد السفير التركي من العراق". 

وطالب المتظاهرون حكومتهم بـ"رد حاسم تجاه القصف"، و"إغلاق السفارة ومقاطعة البضائع التركية، وتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي".

وقال علي ياسين، أحد المتظاهرين (53 عاماً)، لـ"فرانس برس": "تركيا والسفارة التركية.. نقول لهم يكفي، السلمية لا تفيد.. حرق السفارة التركية مطلبنا بعد أن نخرج السفير التركي لأن حكومتنا لا ترد وغير قادرة". 

وجرت تظاهرات مماثلة، ليل الأربعاء، في مناطق مختلفة من البلاد أمام مراكز منح تأشيرات الدخول، مثل كركوك شمالاً، والنجف وكربلاء، أكبر مدن جنوب العراق. 

نفي تركي

من جانبها نفت أنقرة مسؤوليتها عن الهجوم، واتهمت مقاتلي حزب العمال الكردستاني بالمسؤولية عنه، وهو تنظيم تصنّفه تركيا وحلفاؤها الغربيون بأنه "إرهابي"، ويشنّ تمرداً ضدّها منذ عام 1984. 

واعتبرت وزارة الخارجية التركية أنّ "مثل هذه الهجمات تقوم بتنفيذها منظمات إرهابية"، داعيةً في بيان العراق "ألّا يقوم بإعلانات تحت تأثير البروباجندا الإرهابية".  

ونفى الوزير مولود تشاووش أوغلو، الخميس، ضلوع بلاده في الهجوم، وقال إنه بحسب المعلومات الواردة من القوات المسلحة التركية، فإن أنقرة "لم تنفذ أي هجوم ضد المدنيين في دهوك"، مؤكداً على ضرورة إخراج "التنظيمات الإرهابية" من سوريا والعراق، مطالباً السلطات العراقية بألا تسقط في "فخ التنظيمات الإرهابية".

وقدّمت السفارة التركية لدى بغداد "العزاء على إخوتنا العراقيين الذين استشهدوا على يد منظمة PKK الإرهابية"، بحسب تغريدة على حسابها في "تويتر".

حزب العمال: مجزرة تركية

في المقابل نفت "قوات الدفاع الشعبي" التابعة لـ"حزب العمال الكردستانی"، وجود عناصر تابعة لها فی المنطقة المستهدفة، وقالت إن تركيا تهدف إلى "إنهاء حياة المواطنين وطردهم من المنطقة"، موضحة أن التلال المحيطة بالمنتجع "احتلها" الجيش التركي.

وأضافت في بیان: "لا ينبغي لأحد أن يحاول إخفاء هذه المجزرة المتعمدة للدولة التركية، لأنها ليست المذبحة الأولى للدولة التركية إذ استهدفت في 11 أغسطس 2020 اثنين من كبار المسؤولين العسكريين العراقيين".

واعتبرت القوات، أنه "ليس من قبيل المصادفة أن تركيا تعمدت استهداف المدنيين في بامرني وكاني ماسي، في السنوات القليلة الماضية".

تنديد عربي ودولي

وأعربت وزارة الخارجية السعودية الخميس، عن "استنكارها للهجوم الذي تعرضت له جمهورية العراق" واستهدف محافظة دهوك شمال العراق، والذي تتهم السلطات العراقية تركيا بتنفيذه، في حين نفت الأخيرة.

وأكدت السعودية "وقوفها التام إلى جانب العراق الشقيق في مواجهة التحديات التي تهدد أمنه وسيادته وسلامة أراضيه".

من جهته، دان أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الخميس، "الهجوم التركي الغاشم"، ونقل جمال رشدي المتحدث الرسمي باسم الأمين العام عن أبو الغيط تأكيده "الرفض الكامل للاعتداء التركي على السيادة العراقية، والذي يمثل خرقاً صريحاً للقانون الدولي، وانتهاكاً سافراً لمبادئ حسن الجوار".

وأشار المتحدث إلى أن "الجامعة العربية تساند العراق في رفض وإدانة الاعتداءات التركية، وأنها تدين أي تعد أو انتهاك لسيادة أي من الدول العربية"، مشدداً على "ضرورة أن تعيد أنقرة حساباتها والحفاظ على مبدأ حسن الجوار في علاقاتها مع دول المنطقة، والامتناع عن تنفيذ عمليات عسكرية داخل أراضي الدول العربية تحت أي ذريعة".

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء، أن الولايات المتحدة تدين القصف الذي أودى بحياة مدنيين، وقال نيد برايس المتحدث باسم الوزارة، في بيان، إن "قتل المدنيين أمر غير مقبول ويتعين على جميع الدول احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي، بما يشمل حماية المدنيين".

وأضاف برايس أن واشنطن تراقب الوضع في أعقاب القصف، وجدد التأكيد على موقف بلاده القائل إن "العمل العسكري في العراق يجب أن يحترم سيادة العراق وسلامة أراضيه"، مشدداً على "أهمية ضمان حماية المدنيين".

ودانت وزارة الخارجية الألمانية، الخميس، الهجوم، داعيةً إلى فتح تحقيق طارئ في الملابسات والمسؤوليات عنه.

وقالت وزارة الخارجية الألمانية، في بيان، إن "الهجمات على المدنيين غير مقبولة على الإطلاق، ويجب أن تكون حمايتهم أولوية مطلقة في جميع الظروف".

وأضافت أن ألمانيا "تولي أهمية قصوى لاحترام سيادة الدولة العراقية واحترام القانون الدولي".

علاقة متوترة

وتشنّ أنقرة التي تقيم منذ 25 عاماً قواعد عسكرية في شمال العراق، مراراً عمليات عسكرية ضدّ متمردي حزب العمال الذي يملك مخيمات تدريب وقواعد خلفية له في المنطقة. 

وتُفاقم العمليات العسكرية التركية في شمال العراق الضغط على العلاقات بين أنقرة وحكومة العراق المركزية في بغداد التي تتهم تركيا بانتهاك سيادة أراضيها، على الرغم من أنّ البلدين شريكان تجاريان هامّان. 

وغالباً ما تستدعي بغداد السفير التركي لوزارة الخارجية للاحتجاج، لكن هذه الإجراءات تبقى معظم الوقت من دون نتيجة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات