
حذّرت وزارة الخارجية الإيرانية، الإثنين، من أنها لن تتساهل مع أي "تهديدات" مصدرها العراق، مشيرةً إلى أنها حذرت "مراراً" بغداد "من أنه لا ينبغي استخدام أراضيها من قبل أطراف ثالثة لشن هجمات ضد إيران"، فيما اعتبر محافظ أربيل أوميد خوشناو أن إدانة الهجوم الإيراني "ليست كافية"، محملاً الحكومة العراقية "مسؤولة انتهاك السيادة".
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة في مؤتمر صحافي "من غير المقبول أن يصبح أحد جيراننا الذي تربطه بنا علاقات قوية (...) مركزاً للتهديدات ضد إيران"، محذراً من أن بلاده "لن تتساهل مع أن يتواجد في دولة مجاورة لها مركز للتآمر على بلادنا وإرسال الإرهابيين" عبر الحدود.
وأضاف أن "إيران سبق وأن لفتت نظر الحكومة المركزية في بغداد مراراً لئلا تصبح حدودها مكاناً للتآمر على بلادنا"، داعياً إياها إلى أن "تمنع استخدام أراضيها لتهديد الأمن والاستقرار" في إيران.
وكانت السلطات المحلية في إقليم كردستان العراق أعلنت أن 12 صاروخاً بالستياً سقطت على أربيل، صباح الأحد، في حين تبنى "الحرس الثوري" الإيراني الهجوم، مشيراً إلى أنه ضرب بصواريخ تابعة له "مركزاً استراتيجياً إسرائيلياً".
من جهتها، استدعت وزارة الخارجية العراقية السفير الإيراني لدى بغداد إيرج مسجدي لإبلاغه احتجاجها على القصف الصاروخي الذي تعرضت له محافظة أربيل وتسبب في إصابة شخصين بإصابات طفيفة.
إيران والسيادة العراقية
وذكر مسجدي في كلمة له نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا"، الاثنين، أن بلاده "تحترم سيادة الحكومة والشعب العراقي"، معتبراً أن الهجوم الإيراني على أربيل "لم يستهدف السيادة العراقية وإنما كان رداً على تحركات الصهاينة وقاعدة التجسس التابعة للموساد هناك".
وأوضح السفير الإيراني أن الإسرائيليين"أسسوا في إقليم كردستان العراق قاعدة ليتخذوا منه مقراً لتنفيذ علميات ضد أمن إيران"؛ مشدداً على أن طهران "لن تساوم على أمنها إطلاقاً".
وطلب مسجدي من السلطات العراقية أن "يضعوا حداً لتحركات الإسرائيليين الشريرة في المنطقة والحؤول دون تكرار هكذا ممارسات"، مهدداً بتكرار الاستهداف على العراق، حيث قال "في حال عدم حصول ذلك، فهل المطلوب من طهران أن تقف مكتوفة الأيدي أمام تحركات الصهاينة المعادية لأمننا".
ونفى السفير الإيراني أن تكون الولايات المتحدة المستهدف من هجوم "الحرس الثوري" على أربيل، مبيناً أن "الصراع بين إيران وأميركا قائم على مدى 40 عاماً، لكن هذه العملية لا تربطها أي صلة بالأميركيين ولا بسفارة أميركا أو قنصليتها".
الكاظمي في أربيل
وخلال زيارته لمحافظة أربيل بعد يوم من الهجوم الإيراني، بحث رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي مع عدد من المسؤولين الأكراد "أهم تداعيات القصف الصاروخي الذي استهدف أربيل"، بحسب بيان المكتب الإعلامي للكاظمي.
وقال البيان إن الكاظمي أكد "رفض الاعتداء الذي تسبّب بترويع المدنيين، متخطياً حدود القوانين والأعراف الدولية"، لافتاً إلى أنه وجه بـ"تشكيل لجنة من مستشارية الأمن القومي وعدد من القيادات الأمنية، لتقديم تقرير عن تداعيات القصف وجمع الحقائق والأدلة".
وشدد الكاظمي على أن "بغداد حاضرة هنا في أربيل، كما أن أربيل حاضرة في بغداد"، مؤكداً على "ضرورة احترام سيادة العراق من مختلف الجهات، وأنه قد تم إبلاغ (إيران) رسمياً عبر الطرق الدبلوماسية".
وأشار إلى "ضرورة اعتماد الأدلة، وألا يكتفى بالشكوك، وأن يكون هناك تعاون أمني بين مختلف دول المنطقة لمواجهة التحديات المشتركة"، داعياً "القوى السياسية العراقية إلى توحيد الكلمة إزاء سيادة العراق، وأن يكون ما حصل حافزاً لحل الإشكالات وتوحيد الصف أمام التحديات التي تواجه البلد".
أربيل: الإدانة ليست كافية
وعقب زيارة الكاظمي، قال محافظ أربيل أوميد خوشناو، إن إدانة الهجوم الصاروخي على أربيل "ليست كافية"، مشيراً إلى أن الحكومة العراقية "مسؤولة عن منع انتهاك سيادة البلد من جانب حكومات أخرى"، بحسب شبكة "رووداو" الكردية.
وأعرب خوشناو في مؤتمر صحافي عن أمله في أن "تؤدي زيارة الكاظمي وزيارات الوفود التي تتردد بين بغداد وإقليم كردستان سبباً لتسريع عملية انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء وتشكيل الكابينة الحكومية الجديدة، التي نرجو أن تستجيب للمطالب الدستورية لشعب الإقليم".
وعن ادعاء إيران أنها استهدفت مقرات إسرائيلية قال خوشناو، إن "الأماكن المستهدفة معلومة ويمكن القدوم والاطلاع عليها ومعرفة ما إذا كانت المناطق التي طالها القصف الصاروخي قرى ومزارع تخص الأهالي أم لا"، مضيفاً أن "هناك أماكن كثيرة أقرب إلى الدولة الإيرانية وفيها قواعد إسرائيلية".
واعتبر خوشناو أن ما يجري "تطور جديد وأمر سيء للغاية، وإجحاف كبير بحق إقليم كردستان، ومهما كانت التبريرات لما حدث فإنه انتهاك كبير والمتضرر الوحيد منه هم مواطنو إقليم كردستان".
وأتى القصف الصاروخي على أربيل بعد نحو أسبوع من إعلان "الحرس الثوري" سقوط اثنين من ضباطه جراء ضربات إسرائيلية في سوريا، محذّراً في حينه من أن "الكيان الصهيوني سيدفع ثمن جريمته".
واشنطن تدين
إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية الأميركية الاثنين، إن الوزير أنتوني بلينكن أعرب خلال اتصالين هاتفيين مع رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي ورئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني عن دعمه لحكومة الإقليم.
وأدان بلينكن الهجمات الصاروخية قرب أربيل وتبنتها إيران، واعتبرها "انتهاكاً لسيادة العراق"، وأضافت أن بلينكن ناقش مع الكاظمي وبارزاني "ما تظهره الهجمات من الحاجة للوحدة العراقية، وكذلك العلاقة البناءة بين حكومة الإقليم وحكومة العراق".
وأضافت أن بلينكن أكد على الحاجة الملحة لتشكيل حكومة عراقية تتحمل المسؤولية أمام الشعب العراقي وتحمي البلاد، مؤكداً أيضاً التزام الولايات المتحدة بالعمل مع الحكومة العراقية والأطراف الأخرى في المنطقة لمحاسبة إيران عن سلوكها الذي وصفه بأنه "مزعزع للاستقرار".
وللعراق حدود شرقية طويلة مع إيران التي تتمتع بنفوذ سياسي واقتصادي في هذا البلد، وتدعم فصائل مسلحة فيه، فيما شهدت البلاد منذ مطلع العام تصاعداً في الهجمات الصاروخية والهجمات بالمسيرات المفخخة. وفي حين تبقى غالبية هذه الهجمات من دون تبنٍّ رسمي، تنسبها السلطات العراقية والولايات المتحدة إلى فصائل مقرّبة من إيران، بحسب وكالة "فرانس برس".