متاحف ومعارض بريطانيا محاصرة بين الإغلاق الإجباري وخطر الإفلاس

time reading iconدقائق القراءة - 6
معرض اللوحات البريطاني في العاصمة لندن - الشرق
معرض اللوحات البريطاني في العاصمة لندن - الشرق
لندن- الشرق

أفقدت الإغلاقات المتكررة التي فرضتها الحكومة البريطانية في محاولة للسيطرة على انتشار فيروس كورونا العاصمة لندن وبقية مدن المملكة المتحدة رونقها منذ أشهر، فشوارعها وميادينها السياحية والتجارية والمالية شبه خالية، فيما تبدو متاحفها الشهيرة خاوية.

وتحتوي متاحف ومعارض المملكة المتحدة المتناثرة في أرجائها، من لندن وأدنبرة إلى بلفاست وكارديف، على مجموعة ضخمة من الأعمال الفنية والكنوز التاريخية، انطلاقاً من عصر النهضة، ومروراً بأعمال المدرسة الانطباعية في القرن التاسع عشر، وانتهاء بآخر الصرعات في الفن المعاصر، خاصة المعروضة في متحف تيت موديرن. 

كما يضم بعضها، وخاصة المتحف البريطاني، تحفاً أثرية من مختلف الثقافات والحضارات عبر العالم. وغالباً ما يصطف الزوار في طوابير طويلة، لا سيما أوقات الإجازات، خارج المتاحف والمعارض المعروفة مثل ذا ناشيونال غاليري في وسط لندن. ولكن أبواب جميع هذه المتاحف موصدة أمام الزائرين بسبب الإغلاق المشدد.

حالة قلق

وتواجه متاحف ومعارض بريطانيا التي يتجاوز عددها الـ2500 عدة مشاكل بعد أشهر من الإغلاق المتواصل. فمنها، لا سيما الصغيرة، ما هو مهدد بالإغلاق الكامل ومنها ما لجأ إلى تقليص عدد العاملين فيه. 

وأظهر مسح أجرته مؤسسة "آرت فاند" أن العاملين في 60% من المتاحف في المملكة المتحدة قلقون حول قدرتهم على الاستمرار، وأن الإغلاق الشامل الثالث الذي تفرضه الحكومة منذ الخامس من يناير قد يزيد هذا العدد ويؤدي إلى إغلاق بعض المتاحف نهائياً. وشملت عينة المسح الذي أجرته شركة أوبينيوم لصالح المؤسسة 210 متاحف ومعارض في مناطق مختلفة من المملكة المتحدة. 

وقالت مديرة المؤسسة جيني والدمان إن أكثر المتاحف عرضة لخطر الإغلاق هي الصغيرة التي تفتقر إلى الموارد المالية التي تمكنها من الصمود خلال الأشهر القليلة المقبلة. وأضافت: "يظهر بحثنا أن ستة من كل عشرة متاحف ومعارض وبيوت تاريخية تعيش حالة من القلق حول إمكانية بقائها. من المؤسف أننا بدأنا نرى متاحف معروفة ومحبوبة جداً تواجه خطر التجميد أو الإغلاق الشامل". 

لم يسلم أحد

ولم تسلم حتى المتاحف الكبرى من آثار الإغلاقات السابقة، فقد أعلن متحف فكتوريا آند آلبرت، وهو أحد أشهر المتاحف في العاصمة البريطانية لندن، في سبتمبر الماضي، عن خطة للتخلص من 10% من العاملين فيه.

ويتوقع أن يقلص متحف العلوم عدد موظفيه أيضاً، كما قام صندوق متاحف مدينة برمنغهام، ثاني أكبر مدن بريطانيا، بتقليص عدد العاملين فيه بنسبة 25%. وأعلنت بلدية منطقة ويرال شمال غربي بريطانيا أن متحف ومعرض ويليامسون في مدينة بيركينهيد يواجه خطر الإغلاق الدائم.

ومن المتاحف التي طالتها يد الإفلاس، متحف مخصص لحياة المصلحة الاجتماعية ورائدة التمريض الحديث، فلورنس نايتينجيل، حيث أعلن هذا الشهر أنه سيغلق أبوابه نهائياً، باستثناء بعض الفعاليات. وقال مدير المتحف، ديفيد غرين: "لسنوات ونحن نخطط لاحتفالات المئة الثانية لميلاد فلورنس ناينتينجيل، ولكن اضطررنا لإلغائها. ومع أننا فتحنا المتحف مؤقتاً في شهر أغسطس، لكن ذلك لم يفِ بالغرض لأننا نعتمد أساساً على السائحين الأجانب".

وقال غرين بعد أن عبّر عن مخاوفه من عدم تمكن المتحف من فتح أبوابه حتى في المناسبات الخاصة: "المفارقة البائسة تكمن في أن فلورنس نايتنجيل هي مؤسسة علم التمريض الحديث، ومازالت أساليبها تستخدم حتى يومنا هذا في إنقاذ حياة المصابين بفيروس كورونا. ومع ذلك فإن الوباء تسبب في إغلاق متحف مخصص للاحتفاء بها".

سبل جديدة

وبحسب استطلاع مؤسسة آرت فاند، فإن 92% من المتاحف التي شُملت بالمسح ترى أن عليها ابتكار سبل جديدة لتقديم معروضاتها والقيام بأنشطة فنية وثقافية في ظل الإغلاق الذي قد يستمر إلى ما بعد منتصف شهر فبراير. وقالت المؤسسة إنها وفرت دعماً قدره 2.25 مليون جنيه إسترليني منذ بداية الوباء، وإن جزءاً من هذا الدعم يهدف إلى مساعدة المتاحف والمعارض على تطوير طرق مبتكرة في ظل الظروف الحالية. 

وتجمع المؤسسة التبرعات من خلال بيع أعمال لفنانين معاصرين أو نسخ محدودة عن هذه الأعمال، ومن هؤلاء النحات البريطاني الشهير، ذو الأصول الهندية، أنيش كابور. لكن القائمين عليها يقولون إن الطريقة المثلى للمتاحف للحفاظ على دخل دائم يساعدها على البقاء هو فتح أبوابها أمام الزوار وإقامة الفعاليات، غير أن ذلك ليس بالأمر الممكن في ظل الإغلاق، مما يعني أن توفير الدعم لهذه المتاحف هو السبيل الأوحد لضمان بقائها.