وسط توتر مع واشنطن.. أردوغان يعزز العلاقات مع روسيا

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في سوتشي. 29 سبتمبر 2021 - AFP
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في سوتشي. 29 سبتمبر 2021 - AFP
دبي-الشرق

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، إن لديه "شريكاً بديلاً في الصفقات التجارية والعسكرية"، في إشارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسط توتر في العلاقات بين واشنطن وأنقرة، بشأن شراء الأخيرة الدفعة الثانية من منظومة الدفاع الجوي "إس 400" الروسية، وفق ما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز".

وفي لقاء امتد ثلاث ساعات في مدينة سوتشي الروسية، على ساحل البحر الأسود، وهو الأول من نوعه بين الرئيسين بعد أكثر من عام، ناقش بوتين وأردوغان صفقات الأسلحة والعلاقات التجارية والمفاعل النووي الذي تقوم روسيا ببنائه في تركيا، فضلاً عن قضايا  أخرى مهمة.  

وأشاد أردوغان خلال اللقاء بنظيره الروسي وبـ"الصفقات العسكرية مع موسكو"، قائلاً إن التعاون بين البلدين "قطع شوطاً طويلاً"، و"لم يعد هناك طريق للعودة عن هذا المجال".

من جانبه، أثنى بوتين على صفقتين أبرمتهما بلاده مع تركيا تتعلقان بالطاقة، قائلاً إن "الاصطفاف مع روسيا كان بمثابة حماية لتركيا من أسعار الغاز الباهظة في أوروبا"، موضحاً أنه "عندما نرى عمليات صعبة ومضطربة نوعاً ما في سوق الغاز الأوروبية، ستشعر تركيا بالثقة والاستقرار".

لكن الصحيفة أكدت أنه على الرغم من تصريحات بوتين، إلا أن أسعار الغاز في الأسواق العالمية ارتفعت، ليس في أوروبا وحدها. ولم يتضح بعد ما إذا كانت الترتيبات مع روسيا ستمنح أردوغان "الإنقاذ" الذي يحتاج إليه. 

صداقة وعداء

وأشارت الصحيفة إلى أن تسليط الضوء على تبعات هذه الصفقة على الولايات المتحدة، وليس المواجهات الجيوساسية بين موسكو وأنقرة، كان "محور" اللقاء الذي حظي بالأولية القصوى لدى الرئيسين.

في الجزء العلني من هذا اللقاء لم يقف بوتين، الذي يتمثل الهدف الأهم في سياسته الخارجية في تقويض "الناتو" والاتحاد الأوروبي، طويلاً عند التعاون التركي- الروسي في الصراعات التي يقف فيها البلدان على طرفي نقيض، على غرار إقليم ناجورنو قره باغ. 

ووفقاً للصحيفة الأميركية، فإن تركيا وروسيا جمعتهما "علاقة صداقة في صفقات الطاقة والأسلحة، وعداء في العديد من الحروب الشرق أوسطية"، مشيرة إلى أن الدولتين تقفان على طرفي نقيض في كل من سوريا وليبيا، فيما تعمل القوات التركية والروسية معاً تحت مظلة "قوات حفظ السلام" في إقليم ناجورنو قره باغ المتنازع عليه. 

ويُفسر جزء كبير من دبلوماسية أردوغان مع روسيا بـ "مواقف مساومة"، ولكن هذه الدبلوماسية تفرض في كل الأحوال "تهديداً على الولايات المتحدة، كما أن التقرب إلى بوتين يباعد المسافة عندما يكون لدى الرئيس التركي مصالح مع واشنطن"، بحسب "نيويورك تايمز".

أنقرة وواشنطن.. علاقات مهمة

وفي مقابلة مع محرري "نيويورك تايمز" الأسبوع الماضي، على هامش الاجتماع السنوي للأمم المتحدة، رفض أردوغان مزاعم تقويضه حلف شمال الأطلسي "ناتو"، لتمسكه بشراء منظومة "إس 400" الروسية، على الرغم من إدانة الولايات المتحدة وحلفائها الآخرين في الحلف لذلك.

وردّ أردوغان قائلاً: "نحن الذين نشتري أسلحتنا"، مؤكداً أن كلاً من الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرج والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب "أكدا حق تركيا في اختيار مورّدي أسلحتها". 

وأضاف: "لو باع الأميركيون تركيا نظام بتريوت للدفاع الصاروخي، لما اضطرت أنقرة إلى شراء منظومة إس 400 الروسية".  

وبسؤاله عما إذا كانت تصرفات تركيا تستحق ما سببته من شرخ في العلاقات مع الولايات المتحدة، بدا أردوغان "غير معتذر"، على حد وصف الصحيفة، إذ قال: "يمكننا تعزيز دفاعاتنا كما نشاء".  

ولكنه أردف أن العلاقات الأميركية التركية تبقى "بالغة الأهمية"، موضحاً أن تركيا "تربطها علاقات راسخة مع الولايات المتحدة، وأن هذه العلاقات سيتم تعزيزها"، مؤكداً في الوقت ذاته وجوب "حمايتها".  

"فتور" بايدن

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه بينما كان أردوغان يسعى إلى إصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اعترف مؤخراً بما يبديه الرئيس بايدن من "فتور". 

وقال أردوغان لوسائل الإعلام التركية، في إفادة صحافية، إنه "على مدى 19 عاماً قضيتها سواء كرئيس وزراء أو رئيس، فإن النقطة التي وصلنا إليها في علاقتنا بالولايات المتحدة ليست جيدة"، مضيفاً: "لقد قمت بعمل جيد مع رؤساء أميركا السابقين، لكن لا يمكنني القول بأن بدايتي مع بايدن كانت جيدة".  

واعتبر أردوغان العلاقة مع روسيا "ضرورية لقوة إقليمية كتركيا"، متسائلاً في الوقت ذاته عن سبب تدخل واشنطن بعلاقات تركيا الثنائية، حيث تقوم روسيا ببناء أول محطة طاقة نووية في تركيا، كما فتحت خط أنابيب غاز لتركيا عبر البحر الأسود.  

وكانت "نيويورك تايمز" قالت إن صفقة الصواريخ الروسية "دقت نواقيس الخطر في واشنطن"، إذ ألغت الأخيرة صفقة شراء تركيا للجيل التالي من الطائرات الحربية "إف- 35" في عام 2019، فيما فرضت في العام التالي عقوبات اقتصادية وقيوداً متعلقة بالسفر، ورغم ذلك أكد أردوغان عزمه شراء الدفعة الثانية من المنظومة الروسية.

سوريا وليبيا

ووفقاً للصحيفة، فإن اللقاء بين الرئيسين جاء وسط مؤشرات على أن سوريا وروسيا تستعدان لشن هجوم جديد ضد المتمردين المدعومين تركيّاً في إدلب، آخر المعاقل التي يسيطر عليها المسلحون في سوريا، بعد هدنة استمرت 18 شهراً.  

وقبل لقاء الأربعاء، شدد أردوغان على أن السلام في سوريا يعد "الأكثر أهمية في جميع القضايا المشتركة مع روسيا"، مؤكداً أنه "لا يسعى لمناقشة الوضع الحالي في إدلب فقط، بل لإيجاد طريقة لإنهاء الحرب بشكل عام".  

ولفتت "نيويورك تايمز" في هذا الصدد إلى أن نحو "4 ملايين شخص يعيشون في الجزء المتبقي من إدلب، ولكن أردوغان معني فقط بمنع هجوم من شأنه إرسال موجة جديدة من السوريين النازحين صوب الحدود مع بلاده".  

وأضافت أن تركيا تعد "ملجأً لنحو 4 ملايين لاجئ أغلبهم سوريون، ولكن المزاج العام في البلاد انقلب ضدهم وسط حالة التردي الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة وزيادة نسب التضخم".  

لكن بوتين قال في تصريحاته: "على الصعيد الدولي، هناك تعاون ناجح بين بلدينا، وأعني سوريا، إلى جانب ما بيننا أيضاً من تنسيق في المواقف بشأن ليبيا". 

وفي ليبيا، نشرت تركيا مئات الجنود والمسلحين السوريين لدعم حكومة المجلس الرئاسي السابقة، فيما كان التدخل الروسي عبر مجموعة "فاجنر".

ومنذ الصدام الأخير في عام 2015، عندما أسقطت تركيا طائرة روسية على حدودها الجنوبية مع سوريا، تنبه أردوغان إلى ضرورة توطيد العلاقة مع نظيره الروسي، والتقاه شخصياً عدة مرات، على الرغم من كلفة هذه العلاقة على تحالفه التاريخي والمتجذر مع "الناتو" والولايات المتحدة.