تقرير: كارثة إنسانية على الحدود الأميركية المكسيكية

time reading iconدقائق القراءة - 7
صور من منشأة دونا في ولاية تكساس - REUTERS
صور من منشأة دونا في ولاية تكساس - REUTERS
دبي-الشرق

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير، إن صوراً تم التقاطها في منشأة "دونا" الحدودية في ولاية تكساس، أظهرت كارثة إنسانية، إذ ينام الأطفال والأُسر المهاجرة ملتصقين ببعضهم البعض، في مساحة مخصصة لاستيعاب 250 شخص فقط، ولكنها تضم الآن أكثر من 4 آلاف.

وأشارت إلى أن الأطفال الأكبر سناً، يضطلعون برعاية أشقائهم الصغار في منطقة الألعاب بالمنشأة، حيث سُمح لمجموعة صغيرة من الصحافيين بالدخول لأول مرة، لمتابعة أوضاعهم، والتي يعترف مسؤولون بأنها "خرجت عن السيطرة"، إذ باتت أزمة تدفق المهاجرين، نقطة محورية في الجهود التي تبذلها إدارة الرئيس جو بايدن، لاستيعاب الآلاف من الحدود الجنوبية الغربية.

وقال أليخاندرو مايوركاس، وزير الأمن الداخلي، في بيان نقلته الصحيفة: "كما قلت مراراً، المنشآت التابعة لحرس الحدود ليست مكاناً للأطفال"، مضيفاً أن الموظفين الحدوديين "يعملون على مدار الساعة لنقل الأطفال المهاجرين خارج المنشآت الحدودية المكدسة، كتلك الموجودة في دونا، إلى ملاجئ حكومية قبل تسليمهم إلى أفراد أسرهم".

من جانبه، قال أوسكار إسكاميلا، القائم بأعمال المسؤول التنفيذي لدوريات الحدود الأميركية: "سيكون أفضل للجميع، حال توافر مساحة لنقل هؤلاء الأطفال المهاجرين إلى ملاجئ حكومية"، مؤكداً أن "الأطفال الأصغر سناً، ينامون في مناطق الألعاب، وليس في المنامات الكبيرة حيث يتمدد الأطفال الأكبر سناً".  

وأضاف: "هذه الحجرات مكدسة لدرجة أنني لا أستطيع وضع هؤلاء الصغار فيها، خوفاً من أن يتأذوا من رفاقهم الأكبر سناً"، لافتاً إلى أنه في إحدى الحالات "كان مهاجرون في عمر 17 عاماً يتولون رعاية حديثي الولادة".

ووفقاً لـ "نيويورك تايمز"، فإن منشأة "دونا" شُيدت لتخفيف الضغط عن مراكز حرس الحدود، حيث يتم إدخال الأطفال إلى البلاد قبل تسليمهم إلى ذويهم، أو نقلهم إلى منشآت أخرى، لكن الصور الجديدة رسمت صورة قاتمة للأوضاع التي يُتوقع أن تزداد سوءاً، خلال هذه الموجة التي من غير الواضح متى ستنتهي.

وكان الأطفال الذين تكدسوا بالمئات في حجرة مصممة لاستيعاب أقل من 50 شخصاً، يفترشون الأرض في مساحة 3200 قدم مربعة، متلحفين ببطانيات من الألمنيوم، فيما كانت العديد من الحجرات تضم أكثر من 500 طفل.

ويبلغ عدد الأطفال في هذه المنشآة 3300 طفل عبروا الحدود، من دون ذويهم، ورغم أن بعضهم يحمل عناوين وأرقام هواتف أقربائهم داخل الولايات المتحدة، إلا أنه يتعين على السلطات الأميركية احتجازهم أولاً على الحدود، قبل إرسالهم إلى ملاجئ حكومية.

500 طفل يومياً

وقال عاملان في الملاجئ، إن "عمليات النقل عبر الحدود، لا تواكب وتيرة التوافد عليها، حيث بلغت معدلات توافد الأطفال المهاجرين إلى البلاد 500 طفل يومياً، وهو أمر غير مسبوق".

وخلال يناير فقط، وصل أكثر من 9400 طفل، من دون ذويه، بزيادة ثلاثة أضعاف تقريباً عن الفترة ذاتها من العام الماضي، وإزاء ذلك، أقامت إدارة بايدن منشآت مؤقتة في مراكز المؤتمرات، بمناطق في سان دييغو ودالاس، وفي معسكر نفطي سابق في ميدلاند بتكساس.

لكن الإدارة "لم تفلح" حتى الآن في نقلهم إلى ملاجئ تقدم برامج تعليمية، وتوفر مساحات ترفيهية لهم، على عكس المنشآت الحالية التي يضطلع بإدارتها موظفو حرس الحدود. 

"أكثر من 72 ساعة"

وبحسب وثائق حكومية داخلية، يمكث أكثر من 4 آلاف طفل في هذه المنشآت لمدة تزيد على 72 ساعة، وهي الفترة التي حددها القانون الفيدرالي كحد أقصى للبقاء فيها، فيما توفر الولايات المتحدة حالياً، أكثر من 17 ألفاً و600 سرير في المعسكرات ومنشآت الطوارئ والملاجئ، وتتوقع الإدارة احتياجها إلى توفير أكثر من 35 ألفاً و500 سرير، بحلول نهاية مايو المقبل.

ويجري حالياً استكشاف منشآت إضافية لإيواء الأطفال، كما تبذل الإدارة محاولات حثيثة لتوسيع منظومة الملاجئ التي تبلغ سعتها 14 ألف سرير، بعد أن تسبب وباء كورونا في الحد من عدد الأطفال الذين يمكن إدخالهم في هذه المنظومة.

وتقوم الإدارة حالياً بتسليم حوالي 250 طفلاً يومياً لذويهم، أو لمنظمات ودور حضانة، وفقاً لوثيقة حصلت عليها "نيويورك تايمز".

ويوجد حالياً أكثر من 12 ألف طفل مهاجر في الملاجئ الحكومية، بينما يوجد 5 آلاف و160 آخرون في المنشآت التابعة لحرس الحدود، كتلك الموجودة في "دونا"، لعدم توافر أسرّة خالية كافية لاستيعابهم جميعاً.

"إصابات كورونا"

ويتم إطلاق سراح هؤلاء الأطفال من الملاجئ الحكومية، بعد أن يقوم أحد الأوصياء بتقديم عشرات الوثائق، والتحري بدقة لضمان سلامتهم، والتأكد من عدم خضوعهم مستقبلاً لأي عمليات اتجار بالبشر.

وأوضح إسكاميلا أن مابين 250 و300 طفل ينضمون يومياً إلى منشأة "دونا"، وأقل من هذا العدد بكثير يغادرونها، فيما يتألف بقية المهاجرين المقيمين في المخيم، والذين يبلغ عددهم حوالي 700 مهاجر، من بالغين وأطفال سافروا معاً عبر الحدود كأسر.

ولفت إلى أن حرس الحدود "لا يجرون اختبارات فيروس كورونا على الأطفال، إلا في حال ظهور أعراض عليهم"، مشيراً إلى أن اختبارات 14% من الأطفال أثبتت نتائج إيجابية بعد نقلهم لاحقاً إلى الملاجئ.

وتعد منشأة "دونا"، التي تم بناؤها في فبراير الماضي، أكبر مركز للطوارئ على الحدود، بكلفة تشغيله قيمتها 16 مليون دولار شهرياً، فضلاً عن كلفة الرعاية الطبية وعقود الموظفين.

وتضم المنشأة ممرضات لإجراء تقييمات الصحة البدنية والعقلية، ولتزويد الأطفال بأساور تحمل رمزاً شريطياً (باركود) لتتبعهم عند الاستحمام أو تعرضهم لأي وعكة صحية.

وكجزء من العملية، يتم أخذ بصمات الأطفال البالغين 14 عاماً فما فوق، وعند تسجيلهم، يصدر الوكلاء الحدوديون إخطارات لهم، للمثول أمام المحكمة للنظر في ترحيلهم أو منحهم حق اللجوء. وفي المتوسط يقضي الأطفال 133 ساعة في هذه المنشأة، قبل نقلهم إلى أحد الملاجئ.

"تحديات سابقة"

ومثّل العثور على سكن مناسب للمهاجرين عبر الحدود، تحدياً إشكالياً للإدارات السابقة أيضاً، إذ كافحت إدارة الرئيس باراك أوباما من أجل إيواء آلاف الأطفال والأسر الذين شرعوا في عبور الحدود بأعداد غفيرة في عام 2013.

كما واجهت إدارة الرئيس دونالد ترمب، انتقادات حادة لإيواء الأسر تحت أحد الجسور، بينما آوت الأطفال المهاجرين في منشأة قذرة ومكدسة في مدينة كلينت، بولاية تكساس.

وقالت إيمي كوهين، الطبيبة النفسية التي تتعامل مع الأطفال والأسر المهاجرة، إن "الصور التي تم التقاطها من داخل منشأة دونا، تذكر بالصور التي جسدت الأوضاع من قبل في كلينت، والتي قوبلت بإدانة واسعة النطاق من جماعات رعاية الأطفال".