باكستان إلى أفغانستان: لسنا كبش فداء لكم

time reading iconدقائق القراءة - 7
مصوّر يوثق ما خلفه انفجار قنبلة في بلدة شامان الحدودية الباكستانية الأفغانية يوم 21 مايو 2021. - REUTERS
مصوّر يوثق ما خلفه انفجار قنبلة في بلدة شامان الحدودية الباكستانية الأفغانية يوم 21 مايو 2021. - REUTERS
دبي- الشرق

 استولت حركة طالبان على المزيد من المعابر الحدودية ذات العوائد المالية المجزية، بينما قال مستشار باكستاني بارز إن الحكومة الأفغانية الشرعية "تقدم باكستان كبش فداء"، و"تلقي باللائمة في إخفاقها على باكستان".

واعتبر مستشار الأمن القومي الباكستاني مؤيد يوسف، الأربعاء، أنه يتعين على الحكومة الأفغانية وطالبان تقديم تنازلات معاً من أجل التوصل إلى تسوية سلمية، بحسب ما نقلت عنه وكالة "بلومبرغ" ووسائل إعلام أخرى، في ختام زيارته العاصمة الأميركية واشنطن.

وقال يوسف إن "الخطاب الفج الذي تتبناه الحكومة الأفغانية يجعل العلاقات الطيبة بين الجارتين مستحيلة في الوقت الحالي". 

ويرى المسؤول الباكستاني في ختام محادثاته التي استمرت أسبوعاً مع مسؤوليين أميركيين في العاصمة واشنطن: "بدأنا نرى جهوداً واعية ومتعمدة من قبل الحكومة الأفغانية لتقديم باكستان ككبش فداء"، مشيراً إلى أن أفغانستان تريد أن "تلقي باللائمة في  إخفاقاتها على باكستان". 

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن باكستان لطالما واجهت انتقادات حادة من حكومتي الولايات المتحدة وأفغانستان لإيوائها عناصر من حركة طالبان المتمردة، والتي حققت في الآونة الأخيرة مكاسب سريعة في معظم أرجاء أفغانستان، في الوقت الذي تستعد القوات الأميركية لاستكمال انسحابها في غضون أسابيع. 

وأقر يوسف الذي يزور واشنطن للقاء كبار المسؤولين الأميركيين، بمن فيهم نظيره جيك سوليفان، إن نفوذ الدول الأخرى للضغط على طالبان من أجل التوصل إلى حل سياسي "يتلاشى سريعاً". 

وقال يوسف إن الحل الوحيد في أفغانستان "يجب أن يكون سياسياً"، مؤكداً: "لن نقبل الاستيلاء بالقوة"، في إشارة واضحة إلى اعتداءات حركة طالبان. وأضاف: "لقد أوضحنا بجلاء أننا مع المجتمع الدولي".

"استحالة" العلاقات الجيدة 

ورغم ذلك، وجّه يوسف انتقادات حادة إلى حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني. وقال: "نريد أن تكون لدينا علاقات جيدة للغاية مع الحكومة الأفغانية أيضاً"، قبل أن يستدرك: "لكن لسوء الحظ، النقد والخطاب القادمان من هناك يجعلان هذا ضرباً من المستحيل". 

وأعرب يوسف عن ضرورة "إشراك لاعبين آخرين في المحادثات"، لافتاً إلى أن المسؤولين الباكستانيين "لا تتم دعوتهم"، في إشارة إلى محادثات السلام المتوقفة بين طالبان والحكومة.

وأكد يوسف أن باكستان لم تعد في وضع يسمح لها بقبول لاجئين أفغان، إذ تستضيف في الوقت الحالي "نحو 3.5 مليون لاجئ".

وقال يوسف إن "السلام في أفغانستان غير قابل للتفاوض بالنسبة إلينا"، مضيفاً: "لسنا مستعدين، تحت أي ظرف من الظروف، لرؤية حالة عدم الاستقرار الطويلة الأمد التي تركت في الماضي تداعياتها على باكستان".

"لا نفوذ على طالبان"

وقلل المستشار الباكستاني من مستوى تأثير بلاده على طالبان، وقال: "لقد أوضحنا ذلك بشكل جلي ... لن نقبل بالاستيلاء بالقوة على السلطة"، بحسب ما نقلت عنه وكالة "فرانس برس".

وقال يوسف إن نظيره الأميركي جيك سوليفان وآخرين في إدارة الرئيس جو بايدن لم يقدموا طلبات محددة لباكستان، ولكنهم ناقشوا "السرعة التي يمكننا بها إحضار جميع الفاعلين إلى غرفة واحدة لإجراء محادثات صادقة".

ورفض مستشار الأمن القومي الباكستاني الحديث عن ممارسة إسلام أباد نفوذاً على حركة طالبان التي يتردد على نطاق واسع أنها تقيم علاقات مع المخابرات الباكستانية. وقال: "مهما كان النفوذ المحدود الذي نملكه فقد استخدمناه"، مشيراً الى تشجيع باكستان حركة طالبان على الانخراط في محادثات مع الحكومة الأفغانية في الدوحة. وأضاف: "الآن مع انسحاب القوات، انخفض هذا النفوذ أكثر".

الاستيلاء على نقاط حدودية

وتأتي تصريحات المسؤول الباكستاني بالتزامن مع سيطرة طالبان على مراكز جمركية رئيسية، ما يعني حصولها على إيرادات أكثر وقطعها عن الحكومة المركزية. 

وقال المتحدث باسم وزارة المالية الأفغانية، محمد رافي تاب، في مكالمة هاتفية لـ "بلومبرغ"، إن "الوزارة جمعت 6.4 مليار أفغاني (ما يعادل 58 مليون دولار) فقط كرسوم الشهر الماضي، مقابل 7.3 مليار أفغاني في يونيو" من جميع النقاط الجمركية الـ 30 الواقعة على الحدود وفي المدن والمطارات.

وأضاف أن "معظم الخسائر كانت في المعابر الحدودية الدولية، حيث استولت طالبان على أكثر من 2.7 مليار أفغاني".

وأشار إلى أن الجماعة المسلحة حققت تقدماً سريعاً في جميع أنحاء البلاد مع عودة القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي "ناتو" إلى بلادها، والتي من المقرر خروجها نهائياً في 31 أغسطس.  

وتابع: "على مدى الشهر الماضي، تمكنت الجماعة من بسط سيطرتها على 8 نقاط من إجمالي 14 نقطة جمركية بطول الحدود الأفغانية مع إيران وباكستان و تركمانستان وطاجيكستان".

"عودة سيطرة الحكومة"

وقال تاب إن رسوم الاستيراد تشكل "نحو نصف إجمالي الإيرادات المحلية لأفغانستان"، والتي قدرت هذا العام بنحو "216.5 مليار أفغاني".  

وبحسب "بلومبرغ"، تقدم الولايات المتحدة والمانحون الدوليون الآخرون "نحو 236 مليار أفغاني سنوياً" لمساعدة حكومة أفغانستان التي تعتمد على المساعدات في تمويل نفقاتها العسكرية.

وتعهد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية، فؤاد أمان، بأن الحكومة "ستستعيد السيطرة على المراكز الجمركية باستخدام القوة الكاملة ضد طالبان على الأرض وفي الجو"، وفقاً لما نقلته "بلومبرغ". 

وكانت هيئة رقابية في البنتاجون حذرت في يوليو من أن أفغانستان ستتكبد خسائر مالية جسيمة، إذا بقيت النقاط الجمركية خارج نطاق سيطرة الحكومة. 

طالبان تخفض الرسوم 40%

وفي السياق، أكد المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، سيطرة الحركة على النقاط الجمركية، مضيفاً أن الجماعة قامت بخفض معظم الرسوم "بنسبة تصل إلى 40%" من أجل تعزيز التجارة. وقال المتحدث باسم وزارة المالية الأفغانية، إن أفغانستان تستورد في الغالب مواد غذائية ومواد بناء ووقود. 

ونقلت "بلومبرغ" عن الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، قوله في 22 يوليو إن الجماعة المسلحة "وسّعت بدرجة كبيرة سيطرتها على الأراضي الأفغانية في الشهور الأخيرة"، حيث سيطرت على نصف مقاطعات البلاد البالغ عددها 419 مقاطعة، وتفرض الآن ضغوطاً عسكرية على عواصم الولايات. وأضاف أن قوات الأمن الأفغانية تتجمع حول كابول وعواصم الولايات حيث يحاول مقاتلو طالبان عزل هذه المراكز السكانية.