اليمين أقرب للفوز بانتخابات إسرائيل.. ونتنياهو يبقى المعضلة والحل

time reading iconدقائق القراءة - 10
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مركز اقتراع بمدينة القدس. 23 مارس 2021 - REUTERS
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مركز اقتراع بمدينة القدس. 23 مارس 2021 - REUTERS
القدس -قاسم الخطيب

عززت نتائج استطلاعات الرأي مؤخراً في إسرائيل النتائج السابقة التي رجحت فشل أي من المعسكرين الأساسيين (نتنياهو وخصومه)، في حسم الانتخابات المقررة، الثلاثاء 1 نوفمبر، لصالحه.

وبحسب نتائج الاستطلاعات الأخيرة، فإنه من المتوقع أن يحصل معسكر نتنياهو على 60 مقعداً، على أن يحقق معسكر مناهضيه نفس النتيجة، بحيث بات حسم الانتخابات يعتمد على قدرة أحد المعسكرين على الحصول على مقعد إضافي من المعسكر المنافس.

ولم تتضح بعد تبعات تصريحات بتسلئيل سمودريتش زعيم تحالف "الصهيونية المتدينة" التي وصف فيها زعيم معسكر اليمين ورئيس الوزراء السابق وزعيم المعارضة الحالي بنيامين نتنياهو بأنه " كاذب ابن كاذب".

ويتألف البرلمان الإسرائيلي أو الكنيست من 120 عضواً، ويتطلب تشكيل حكومة في إسرائيل إقامة ائتلاف يجمع 61 عضواً. ومنذ دخول إسرائيل أزمتها السياسية الحالية منذ نحو 4 سنوات، لم تستطع المعسكرات السياسة الحالية حسم الصراع رغم إجراء 4 انتخابات عامة، وبينما يقترب موعد الانتخابات الخامسة، يلوح في الأفق استمرار الأزمة واحتمالات انتخابات سادسة.

ومنذ إعلان إنشاء إسرائيل عام 1948 سيطر حزب "مباي" بزعامة بن جوريون على مقاليد الحكم بشكل شبه مطلق، وسيطرت نخبه بيضاء ذات أصول يهودية أوروبية على جميع مناحي الحياة والاقتصاد والسياسية والأمن في إسرائيل.

وفي عام 1997 حصل ما يعرف في إسرائيل بالانقلاب، حيث وصل حزب الليكود إلى الحكم مدعوماً بتيارات يمينية اعتبرت معارضة لحزب "مباي" حتى في فترة ما قبل الإعلان عن إنشاء إسرائيل.

انقسام بشأن نتنياهو

النقاش السياسي في إسرائيل تمحور منذ عام 1967 حول الموقف من الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام ذاته، وكشف النقاش توجهات فكرية أعمق من مجرد النقاش حول التعاطي السياسي مع الضفة الغربية وسكانها.

ورأى اليسار في نتائج الحرب فرصة لإنهاء النزاع وفق معادلة دولتين لشعبين وتعزيز وجود إسرائيل في المنطقة، أما اليمين فقد نادى بضم أغلب مناطق الضفة وإعطاء سكان المدن نوعاً من الحكم الذاتي للحفاظ على أمن وحدود إسرائيل، فيما اعتبرت بعض التيارات الدينية الصهيونية بأن نتائج حرب 1967،  تُجسد مقولة حق "شعب الله المختار" في "أرض الميعاد "، أي أرض إسرائيل الكاملة وقالت إن أي تنازل عن أي شبر أرض منها هو خيانة وحكم الخائن القتل، وهو ما حدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يتسحاق رابين، بعد توقيعه على اتفاق أوسلو مع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

واستمر النقاش حول هذه النقطة، وأصبح لسنوات طويلة محور المعارك الانتخابية في إسرائيل، وانقسمت الخارطة السياسية فيها بناء على موقف الأحزاب من الأراضي المحتلة وفق مصطلحات اليسار أو "المحررة" وفق مصطلحات اليمين، حتى بدأت الأزمة السياسية الأخيرة عام 2019، عندما بات النقاش الأساسي في إسرائيل حول شخص نتنياهو ومعسكر سياسي مؤيد ومخلص له يرى فيه منقذاً لليمين وعقيدة أرض إسرائيل ومستقبل الشعب اليهودي، ومعسكر مناهض له يرى في نتنياهو رجل فاسد تورط في مخالفات جنائية ويحاول التأثير على الجهاز القضائي وحتى تغييره أو القضاء عليه للنجاة من محكمة يمكن تُنهي حياته السياسية والشخصية في السجن.

أغلبية يمينية

تملك الأحزاب ذات الفكر اليميني في الكنيست الحالي أكثر من 61 عضواً، وهو العدد المطلوب لإقامة حكومة يمينية مستقرة، وتبدو خارط الكنيست على الشكل التالي:

  • حزب الليكود 30 مقعداً.
  • حزب "شاس" والذي يمثل اليهود المتشددين من أصول شرقية 9 مقاعد.
  • حزب "يمينا" بزعامة رئيس الوزراء السابق نفتالي بينت 7 مقاعد.
  • حزب "يهدوت هتوراة" ويمثل المتدينين من أصول غربية 7 مقاعد.
  • حزب "يسرائيل بيتينو" برئاسة أفيجدور ليبرمان.
  • "الصهيونية المتدينة" وهو تحالف يضم سمودريتش وبن غفير7 مقاعد.
  • حزب "تكفا حدشاه" (أمل جديد) بزعامة جدعون ساعر المنشق عن الليكود 6 مقاعد.

وهناك أيضاً 72 عضواً يمينياً في الكنيست المنتهية ولايته، دون احتساب أعضاء الكنيست من أصحاب المواقف اليمينية في حزب "يش عتيد" بزعامة رئيس الحكومة يائير لبيد وحزب "أزرق أبيض" بزعامة وزير الدفاع بيني جانتس.

وبناء على الخارطة السياسية الإسرائيلية الداخلية وفق معايير ما قبل الأزمة الأخيرة، هناك أغلبية كبيرة للطروحات والعقائد اليمينية داخل البرلمان الإسرائيلي، وهو قادر على إقامة حكومة يمينية، لكن يبدو العائق الأساسي أمامها وفق السجال الحالي في إسرائيل، هو شخص بنيامين نتنياهو.

ومنذ الإعلان عن حل الكنيست والتوجه إلى انتخابات مبكرة خامسة خلال 4 سنوات، برزت نقطتان أساسيتان، الأولى تأييد متصاعد للقوى الأكثر يمينية في الخارطة السياسية في إسرائيل، تحول إلى ارتفاع حاد في نسب الدعم لتحالف "الصهيونية المتدينة"، والذي يضم الأحزاب الأكثر تشدداً في اليمين الإسرائيلي، مثل حزب "الوحدة الوطنية" بزعامة بتسلئيل سمودريتش، وحزب "قوة يهودية" بزعامة إيتمار بن غفير، والذي بات من المتوقع أن يحصل في الاستطلاعات الأخيرة على 14 مقعداً بعد أن حصل في الانتخابات الماضية على 6 مقاعد فقط.

أما النقط الثانية، تتمثل في انحسار الرغبة في المشاركة بالتصويت لدى المجتمع العربي داخل إسرائيل، وبحسب معدل الاستطلاعات الأخيرة فالنسبة تدور حول 40%، وهي نسبة قد لا تُمكن أي من القوائم العربية الثلاث من الوصول إلى الكنيست.

لكن ما الذي قد يُمكن من حسم نتيجة الانتخابات لصالح أحد المعسكرين؟

دور الأصوات العربية

لقد فشلت أي قائمة في اجتياز نسبة الحسم، وفق قوانين توزيع المقاعد في الانتخابات الإسرائيلية والمعروف باسم قانون "بدر عوفر"، وهذا يخدم الأحزاب صاحبة أكبر عدد من المقاعد عند توزيعها، ولهذا يبدو يعني غياب القوائم العربية من لائحة القوائم الناجحة في الانتخابات مباشرة أن مقاعدها الافتراضية توزعت على بقية الأحزاب التي نجحت في الوصول إلى الكنيست، أي أن كتلة مؤيدي نتنياهو ستحصل على حصتها من هذه المقاعد، وبما أن الحديث يدور عن حاجة نتنياهو لعضو إضافي واحد لاجتياز حاجز الـ60 عضواً والحصول على 61 عضواً المطلوبين لتشكيل الحكومة، فإن فشل اثنتين من القوائم العربية أو ثلاثتهم بسبب عزوف المصوتين العرب عن المشاركة في الانتخابات، يعني فوز حسم معسكر نتنياهو للانتخابات، ورفع احتمالات تشكيل أكثر حكومة يمينية في تاريخ إسرائيل، إذ يُشكل اليمين المتطرف أحد مركباتها الأساسية.

عاملٌ آخر يُمكن أن يُهدد احتمالات نتنياهو خصوصاً فيما إذا اجتازت القوائم العربية نسبة الحسم ودخلت إلى الكنيست هو نسب التصويت في "المخازن الانتخابية" لليكود في المدن ذات الأغلبية اليهودية من أصول شرقية، والتي امتنع جزء منها في الانتخابات الماضية عن التصويت، وتُقدر بـ 300 ألف صوت، من الوصول إلى صناديق الاقتراع.

ويضم معسكر نتنياهو أو معسكر أحزاب اليمين أو شعب اليمين وفق بعض التسميات في إسرائيل، الأحزاب اليمينية، الليكود و"الصهيونية المتدينة" بالإضافة إلى الأحزاب اليهودية المتدينة المعروفة بـ"الحريديم"، وحزب "شاس" الذي يُمثل المتدينين من أصول شرقية، وتحالف "يهدوت هتوراة" الذي يُمثل تيارات وتكتلات سياسية مختلفة تُمثل اليهود المتزمتين من أصول أوروبية.

ويعد هذا المعسكر أكثر تماسكاً خصوصاً أنه حافظ على نفس الخط منذ الانتخابات الأولى في سلسلة الانتخابات الأخيرة، ولم يتوقف للحظة عن دعم نتنياهو وطرحه زعيماً للمعسكر ومرشحه لرئاسة الحكومة، في حين يقف المعسكر المناهض لنتنياهو في حالة من عدم الاستقرار، ربما بسبب تنوع مركباته بين أحزاب يمينية كحزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة وزير المالية أفيجدور ليبرمان، وشخصيات يمينية منشقة عن "الليكود" كوزير القضاء جدعون ساعر ووزير الإسكان زئيف ألكين، المرشحان في تحالف المعسكر الوطني بزعامة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس، إضافة إلى أحزاب وسط كحزب رئيس الوزراء الإسرائيلي "يش عتيد"، وحزب وزير الدفاع بيني جانتس "كحول لفان" أزرق أبيض، وأحزاب يسارية كحزب "العمل"، وحزب "ميرتس" و3 أحزاب عربية.

"تقويض معسكر نتنياهو"

الوصفة التي تجمع أحزاب اليمين واليسار والأحزاب العربية، رغم نجاعتها في إقامة حكومة التغيير برئاسة نفتالي بينيت ويائير لبيد، تبدو أقل استقراراً خصوصاً مع إصرار وزير الدفاع الإسرائيلي، وزعيم حزب "أزرق أبيض"، بطرح نفسه مرشحاً ثانياً في معسكر المناهضين لنتنياهو، لرئاسة الحكومة بعد الانتخابات.

وقال المحلل السياسي علي واكد "بنى يائير لبيد مجده السياسي على معارضة اليهود الحريديم المتزمتين الذين لا يخدمون في الجيش، وبنى رصيداً من العداء معهم يحول دون دعمه أو تأييده أو الدخول معه في أي ائتلاف مستقبلي، وترك معسكر اليمين وحل الأزمة السياسية في إسرائيل".

وأكد واكد في تصريحاته لـ"الشرق" أن التقديرات في إسرائيل تُفيد أنه في حالة فشل نتنياهو في الحصول على أغلبية 61 صوتاً، فإن أعضاءً في "الليكود" بالإضافة إلى أجزاء من الأحزاب اليهودية المتدينة "ستفضل ترك معسكر اليمين، وتقويض معسكر نتنياهو، وعدم الذهاب إلى انتخابات سادسة".

وأضاف "في حال صدقت هذه التقديرات، فجانتس يعرض نفسه رجل الوسط الوحيد القادر على أن يجلب قوى اليمين والمتدينين لائتلاف برئاسته كون أن المتزمتين لن يدعموا أي ائتلاف بزعامة لبيد العلماني المعادي للمتدينين".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات