بعد جدل فيلم "بحبك".. كيف يتم احتساب إيرادات السينما؟

time reading iconدقائق القراءة - 9
الملصق الدعائي لفيلم "بحبك" - facebook.com/TamerHosny
الملصق الدعائي لفيلم "بحبك" - facebook.com/TamerHosny
القاهرة-ميّ هشام

حالة من الجدل أثارها إعلان شركة التوزيع الخارجي لفيلم "بحبك" للفنان تامر حسني تحقيق قرابة 100 مليون جنيه حتى الآن، ووصفه بأنه "الأكثر تحقيقاً للإيرادات" عربياً وعلى مستوى العالم، لاسيما أن الفيلم يأتي في المرتبة الثانية محلياً في موسم أفلام العيد بعد فيلم "كيرة والجن".

وكانت شركة التوزيع المصرية "دولار" قد كشفت عن إجمالي إيرادات أفلام عيد الأضحى حتى 13 يوليو، ليتصدر فيلم "كيرة والجن" من بطولة كريم عبد العزيز وأحمد عز بإجمالي إيرادات بلغ 58 مليوناً و258 ألف جنيه، يليه "بحبك" بإجمالي إيرادات وصل إلى 22 مليوناً و755 ألف جنيه، وفي المرتبة الثالثة يأتي "عمهم" من بطولة محمد إمام بإجمالي إيرادات بلغ 18مليوناً و590 ألف جنيه.

وتساءل متابعون عن مدى صحة اعتبار فيلم "الأكثر تحقيقاً للإيرادات"، فيما يتفوق عليه فيلم آخر على المستوى المحلي، ما دفع الفنان تامر حسني لإصدار توضيح عبر صفحته الشخصية، حاول فيه فض الاشتباك بين مصطلحي "الإيراد الدولي" و"الإيراد المحلي"، موضحاً أن أفلامه يتم توزيعها عالمياً، ومن ثم يتم تصنيف إيراداتها بأنها إيرادات دولية".

وجاء في البيان : "الحمد لله اليوم في رابع أيام العيد وصل إيراد فيلم (بحبك) داخل مصر إلى19 مليون جنيه ونصف، والإيراد الدولي 154 مليون جنيه، بمجموع 173 مليوناً ونصف حتى الآن".

فما هو المتعارف عليه في احتساب إيرادات الأفلام التي توزّع عالمياً؟

شباك التذاكر

يشير مصطلح شباك التذاكر بالأساس إلى الموضع الذي تباع من خلاله التذاكر للجمهور لدخول حدث ما، غير أنه في عُرف صناعة السينما والمسرح يمثل مرادفاً لمقدار الإيرادات التي يحققها  إنتاج عمل فني معيّن، سواء أكان فيلماً أو عرضاً مسرحياً.

على مستوى المواقع المتخصصة في السينما حول العالم، فإنه من المعتاد الفصل بين الإيرادات المحلية والعالمية بشكل واضح، فعلى سبيل المثال، تبرز التقارير أن إجمالي مبيعات التذاكر عالمياً للجزء الأول من فيلم "أفاتار" كان قرابة 2.8 مليار دولار، فيما تشير في مواضع أخرى إلى أرقام مبيعات التذاكر المحلية.

ولهواة السينما وتاريخها، وحاضرها أيضاً، يمكنهم بنقرة زر واحدة، عبر المنصة المفتوحة لـ IMDB بوكس أو"فيس موجو"، متابعة إيرادات أفلام كل عام على حدة، مرتبة من الأكثر تحقيقاً للإيرادات في العام نفسه إلى الأقل. وتفصل المنصة بين الإيرادات المحلية والعالمية لكل فيلم، وتوفر المنصة ذاتها تحديثاً يومياً لأفلام العام الحالي، كما توفر تصنيفاً أسبوعياً للإيرادات.

تداخل 

تساءل الموزع محسن البغدادي "ما شأن الإيرادات الدولية بالمحلية؟"، مؤكداً أن جمع الفئتين في رقم واحد، لاسيما أثناء أسابيع العرض الأولى، أمر غير صحيح.

وأوضح بغدادي أن الإيرادات خارج مصر لا تتم معرفتها أسبوعياً أو يومياً، وإنما تكون الحقوق مباعة "بمبلغ قطعي" لدور العرض في الخارج.

وأضاف: "المنتج يقوم ببيع حقوق العرض في الخارج عدا مصر، فكيف يعقل أن تضاف تلك القيمة بشكل كامل إلى إيرادات دور العرض هنا؟".

وقال لـ"الشرق" إن المتعارف عليه لدى موزعي السينما، إذا ما قاموا ببيع حقوق عرض بعض الأفلام، بشكل قطعي، وليس نظير نسبة من مبيعات التذاكر، القيام بتوزيع تلك القيمة على الأسابيع المتتالية، وليس إضافتها بشكل كامل إلى إيرادات الأسبوع الأول.

ووصف بغدادي لجوء بعض النجوم إلى إضافة قيمة بيع حقوق العرض عالمياً إلى إجمالي الإيرادات المحلية بأنه"سلوك غير منطقي".

جمهور واعٍ

من جهة أخرى، اعتبر البغدادي أن ذلك السلوك من بعض النجوم يعكس رغبتهم في تسليط الضوء على أفلامهم، وتصديرها للجمهور والمتابعين على مواقع التواصل بأنها "الرقم واحد"، مؤكداً أنها حيلة غير ناجحة، وقد تتسبب في إحباط الجمهور عند الذهاب إلى دور العرض. 

ويعزي بغدادي غياب الشفافية بشأن مسألة الإيرادات السينمائية إلى إحجام بعض الشركات عن مد "غرفة صناعة السينما" بتحديثات وأرقام صحيحة حول إجمالي الإيرادات، مشيراً إلى أن الأمر يحتاج جهداً في التواصل مع دور العرض وتجميع الأرقام للحصول على رقم دقيق.

"شفافية مفتقدة"

الموزع السينمائي عماد سيد أحمد يقول لـ"الشرق" إن العرف الراسخ في صناعة السينما المصرية، هو أن إيرادات الداخل تخص المنتج، بينما إيرادات الخارج تخص الموزع.

وأكد أن النموذج برمته قد تغيّر، خصوصاً بعدما دخلت منصات المشاهدة المعادَلة، وأصبحت قيمة بيع حقوق الأفلام لها أيضاً تندرج تحت بند إجمالي الإيرادات، موضحاً أن تفاصيل الإيرادات وتفريعاتها تخص الشركاء في العمل بالأساس، ولا تخص آخرين.

في حين تعلن شركات الإنتاج العالمية عن أرباحها وإيراداتها عالمياً ومحلياً بشكل مستمر، وتمد بها المنصات السينمائية على نحو دوري، اعتبر أحمد أن الافتقار إلى الشفافية بشأن إيرادات الأفلام المصرية عموماً يُعزى إلى تعثر الصناعة في بعض مراحلها، ومحاولاتها النهوض.

 على سبيل الاستثناء، نجد أن السينما الهوليودية صناعة استراتيجية ومصدر دخل قومي، ومن ثم فإن الشفافية مطلوبة إلى حد بعيد، وفقاً لأحمد.

واستبعد الموزع السينمائي المصري أن تلجأ شركات الإنتاج أو حتى النجوم إلى المبالغة في إيرادات أعمالهم، مؤكداً أن "الصناعة وتفاصيلها علنية"، مشيراً إلى أن أي نجم يلجأ للمبالغة في إيراداته لأي غرض، يقع تحت طائلة القانون بتهمة التهرب الضريبي.

وهو يعتبر أن الشباب والمراهقين هم الجمهور الأساسي للأفلام في الوطن العربي، وفقاً لأحدث استطلاعات الرأي، ومن ثم فإن الفيلم المحظوظ هو الذي يوافق مضمونه هوى تلك الشريحة العمرية. ويمكن أن يُفهم الارتباك إزاء بعض الأرقام التي يجري تداولها إعلامياً تحت مسمى إجمالي الإيرادات.

واختتم أحمد قائلاً: "بعض تلك الأرقام تكون مقتطعة من سياقها الطبيعي، كأن يتم تضمين نظير بيع حقوق الفيلم في الخارج إلى الإيرادات المحلية، بعد تحويلها من الدولار إلى العملة المحلية، ما قد يسبب ارتباكاً".

"لا قاعدة"

أما المنتج المصري جابي خوري، عضو غرفة صناعة السينما، فيختلف مع الموزع السينمائي عماد سيد أحمد مؤكداً أنه لا قاعدة فيما يخص الإفصاح عن إيرادات الأفلام، وأن الأمر يعود إلى المنتج نفسه.

وأوضح خوري أن عدم الجمع بين الإيراد الداخلي والخارجي لأي فيلم "ليس عرفاً" في الصناعة، سواء داخل مصر أو خارجها، غير أن المعتاد عند متابعة إيرادات أي فيلم حول العالم توضيح الإيرادات المحلية والخارجية والإجمالي، ولا يعني ذلك أن هذا النموذج ملزم لأي منتج يود الإفصاح عن إيراداته.

وأشار إلى أن بعض الأفلام يفصح صنّاعها عن إيراداتها على نحو أكثر تفصيلاً، فكما يعلنون عن إيرادات بلد المنشأ، يفصحون أيضاً عن إجمالي الإيرادات في كل بلد حول العالم على حدة. واستنكر الضجة المثارة حول الأمر مؤكداً: "لا أرى في الأمر أي موضع للجدل، التفاصيل الداخلية لإجمالي الإيرادات لا تخص أحداً سوى المنتج".

أغراض متباينة

ذكر المنتج هشام عبد الخالق، نائب رئيس غرفة صناعة السينما المصرية، لـ"الشرق"، أن العُرف قد جرى أن الإيرادات المعلن عنها إعلامياً تكون عادة إيرادات دور العرض المصرية.

وأرجع عبد الخالق الأمر إلى أن حقوق الفيلم تكون مباعة بشكل استباقي، ويقوم على توزيعها آخرون، مؤكداً أنه لا ينكر على أحد حقه في الإفصاح عن إجمالي إيراداته، بيد أنه يرى ذلك الجمع "غير واقعي"، لا سيما مع فرق العملة.

وأشار إلى أن تلك الممارسة قد يقوم بها النجم أو الشركة المنتجة لأغراض متباينة، منها إغراء الجمهور بمشاهدة الفيلم، أو هوس البعض بأن يكونوا "الرقم واحد" على حد تعبيره، أو حتى الإعلان لأرباب الصناعة عن حجم الإيرادات المحلية والعالمية مجتمعة.

واستبعد عبد الخالق أن يؤثر الإفصاح عن الإيرادات على سلوك الجمهور ويدفع الناس للذهاب إلى قاعات السينما ومشاهدة الفيلم، موضحاً أن نسبة قليلة فقط من الجمهور  قد تتأثر بتلك الممارسة.

ويضيف: "كنا في الماضي نقرأ عن دور عرض كاملة العدد و طوابير وزحام عند شباك التذاكر، لحث الجمهور على الذهاب، ولكن ذلك يؤثر في نسبة ضئيلة جداً".

"بلوك باستر"

من ناحية أخرى، يعتقد عبد الخالق أن عاملاً واحداً فقط يؤثر في الإقبال على فيلم بعينه، وهو ذوق المشاهد نفسه، مشيراً إلى أن المتعارف عليه لدى الحديث عن "البوكس أوفيس"، هو إيرادات شباك التذاكر في مصر، سواء يومياً أو أسبوعياً، ولا يضاف إليها ما قد يحققه الفيلم في الخليج أو شمال إفريقيا أو غيرها.

وبحسب نائب رئيس غرفة صناعة السينما، فإن الأمر عالمياً تتحكم فيه عوامل عديدة، أهمها ما إذا كان الفيلم "بلوك باستر"، أي فيلم بميزانية ضخمة أو بميزانية اعتيادية، موضحاً أن الفئة الأخيرة لا يكون لها عداد عالمي منفصل عن العداد المحلي.

واستطرد قائلاً إن أفلام "البلوك باستر" يجري توزيعها عالمياً، ولا تباع حقوقها، أي أن الشركة المنتجة توزعها مباشرة على دور العرض حول العالم، ومن ثم تتحصل على نصف الإيراد ودور السينما على النصف الآخر؛ في هذه الحالة تجري التفرقة بين الإيرادات المحلية والعالمية في "البوكس أوفيس".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات