قناة إسطنبول المائية.. "حلم أردوغان" يواجه اعتراضات

time reading iconدقائق القراءة - 6
إسطنبول- آلاء جول

جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تأكيد عزمه المضي قدماً في تنفيذ مشروع "قناة إسطنبول المائية"، الذي يعدّ الأضخم ضمن سلسلة مشروعات عمرانية وتجارية كبرى، كان أبرزها وأحدثها مطار إسطنبول الجديد.

المشروع "الحلم" بالنسبة لأردوغان الذي سيفتتحه في 2023 بالتزامن مع الذكرى المئة لميلاد الجمهورية التركية، يواجه اعتراضات كثيرة على خلفية آثاره السلبية على المنطقة التي سيقام فيها، أما مسؤولون حكوميون أتراك فيصفونه بأنه "مشروع العصر".

وسائل الإعلام الغربية تنظر إليه باعتباره "مضيق بوسفور جديد"، لأن القناة الجديدة موازية لمضيق البوسفور، وستربط أيضاً بين البحر الأسود (شمالاً) وبحر مرمرة (جنوباً).

ويأتي في صدارة الرافضين لمشروع قناة إسطنبول الجديدة، رئيس بلدية المنطقة التي ستحتضنه، أكرم إمام أوغلو، القادم من صفوف "حزب الشعب الجمهوري"، ثاني أكبر الأحزاب التركية، والذي حكم البلاد لعقود، وأول عمدة لإسطنبول من خارج "حزب العدالة والتنمية" الحاكم منذ أكثر من 22 عاماً.

ويرى إمام أوغلو، الذي انتزع منصبه من منافس قوي هو رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم، في مشروع القناة الجديدة "خيانة لإسطنبول" و"اغتيالاً" لها، بحسب تعبيرات استخدمها في وصف المشروع ضمن تصريحات إعلامية أطلقها أخيراً.

ولم يقف عمدة إسطنبول المعارض في رفضه لمشروع القناة عند حد استخدام تعبيرات حادة، بل تقدم بالتماس قانوني رسمي لوقفه.

تغيير ملامح إسطنبول

وبحسب ما تظهره المخططات، يشمل مشروع قناة إسطنبول الجديدة ممراً مائياً اصطناعياً (غرباً)، يقطع المدينة من الشمال إلى الجنوب بطول يتراوح بين 40 و45 كيلومتراً وعرض يصل إلى 400 متر وعمق ما بين 20 و25 متراً، كما سيتم إنشاء حدائق عامة على جانبي القناة المائية الجديدة، فضلًا عن عدة جسور عليها، أحدها سيحمل أحد خطوط السكك الحديد.

المشروع الذي سيعيد تشكيل إسطنبول جغرافياً بتحويل قسمها الغربي إلى جزيرة تقدر تكلفته بنحو 16 مليار دولار، ومن المقرر أن يتم استخدام نواتج الحفر من رمل وأحجار في إنشاء جزر اصطناعية عدة في البحر الأسود.

وعلى الرغم من أن مشروع قناة إسطنبول ما زال قيد التخطيط وفي مراحله التمهيدية، إلا أن تأثيراته الاقتصادية بدأت فور الإعلان عنه، إذ شهدت أسعار الأراضي الواقعة على جانبي مسار القناة ارتفاعاً كبيراً، فيما تواجه تصريحات مسؤولي الحكومة التركية المشددة على ضرورة إكمال المشروع مطالبات من المعارضة ومسؤولي البلديات المنتمين إليها تنادي بوقفه.

عبء بيئي

وتعد التأثيرات البيئية الضارة للمشروع أبرز الأسباب التي تدعو المعارضة التركية إلى وقفه، إذ يرى الرافضون لفكرته أن اقتلاع الأشجار على طول مسار القناة المزمع شقها، سيحدث خللاً بيئياً جسيماً.

كما يرى معارضو المشروع أن شق القناة سوف يؤثر سلباً على مخزون المياه الجوفية للمدينة الكبيرة، كما تمتد المخاوف والاعتراضات إلى التحذير من احتمال تسببه في وقوع زلازل مدمرة.

وتشكل الزلازل أحد أهم هواجس السكان في مدينة إسطنبول بسبب كثرة الهزات الأرضية التي تعرضت لها سابقاً، خلال العقود الأخيرة على وجه الخصوص.

وتنضم إلى تلك المخاوف اعتراضات أخرى تتمثل في ما يذكره رموز المعارضة التركية الرافضون للمشروع من أن دافع الضرائب التركي، هو الذي سيتحمل تكاليفه، وهو عبء، بحسب المعارضة، يثقل كاهل المواطن البسيط.

معركة قانونية لإيقاف المشروع

وقال مسؤول العلاقات الإعلامية في بلدية إسطنبول الكبرى، شوكرو كوتشوك شاهين، لـ"الشرق"، إن "الحفريات التي ستحدث لإنجاز القناة والارتدادات الصادرة عنها ستزيد من خطر حدوث الزلازل في منطقة عانت الكثير، وخاصة في الفترة الأخيرة".

وأضاف كوتشوك شاهين أن تكلفة إنجاز القناة المرتفعة ستشكل عبئاً جديداً على الاقتصاد التركي في فترة ترتفع فيها معدلات البطالة والفقر، ناهيك عن الأضرار التي ستلحق بموارد المياه الجوفية والمخزون الطبيعي للمياه، إضافة إلى أن القناة ستغيّر الملامح والمعالم التاريخية للمدينة".

وتعليقاً على تقارير إعلامية أفادت بتملك أقارب للرئيس التركي أراضي مطلة على منطقة مشروع القناة، عقب الإعلان عنه، واتهامات المعارضة للرئيس والمقربين منه بـ"المتاجرة والتربح"، مستغلين اطلاعهم على خطط الدولة ومشاريعها، قال شاهين: "بغض النظر عن ملكية الأراضي حول القناة، والحديث المتداول في الأوساط الإعلامية، فالحكومة لم تتعامل بشفافية مع هذا الموضوع، ونحن بدورنا سنعمل ما بوسعنا لإيقافه بالطرق القانونية".

في المقابل، تؤكد الحكومة التركية أن الهدف من وراء المشروع هو خلق مراكز اقتصادية جديدة على جانبيه، وتأمين مسار للسفن العملاقة خارج مضيق البوسفور لتخفيف الضغط عليه، خاصة أن عدد السفن التي يفترض أن يعبر القناة الجديدة يزيد عن تلك التي تعبر نظيره (مضيق البوسفور).

وذكر النائب في "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، ووكيل ولاية هاتاي فوزي شانفردي، لـ"الشرق"، "لقد انتهت حكومتنا من التخطيط للبنية التحتية لهذا المشروع، ومستمرون في عملنا عليه. ربما كان هناك بعض التباطؤ النسبي في الظاهر بسبب الانشغالات بفيروس كورونا، لكن من المؤكد أنه سيتم الحديث عن المشروع تفصيلياً في القريب العاجل، ولن تتراجع الحكومة عن القيام بكل ما يلزم لإنجازه".