العراق يتعهد بالرد على قصف دهوك.. وتركيا تنفي مسؤوليتها

time reading iconدقائق القراءة - 11
مسعفون ينقلون جثمان أحد ضحايا القصف التركي على مدينة زاخو شمال إقليم كردستان العراق- 20 يوليو 2022 - AFP
مسعفون ينقلون جثمان أحد ضحايا القصف التركي على مدينة زاخو شمال إقليم كردستان العراق- 20 يوليو 2022 - AFP
دبي - الشرق

تعهدت الحكومة العراقية، الأربعاء، بالرد على قصف دهوك الذي أودى بحياة 9 أشخاص وأصاب 23 آخرين، وتتهم تركيا بالضلوع فيه، فيما تنفي أنقرة مسؤوليتها عن الهجوم. 

بغداد طالبت أنقرة بتقديم اعتذار رسمي وسحب قواتها من جميع الأراضي العراقية، بينما تتهم تركيا حزب العمال الكردستاني بشن الهجوم. وطالب وزير الخارجية التركي، الخميس، بغداد، بألا تسقط في ما وصفه بـ"فخ الجماعات الإرهابية"، بحسب تعبيره.

ووجّه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قيادة القوات المشتركة في العراق إلى تقديم تقرير عن حالة الحدود مع تركيا، و"اتخاذ كل الخطوات اللازمة للدفاع عن النفس".

وكان وزير الثقافة المتحدث باسم مجلس الوزراء العراقي حسن ناظم قال، في تصريحات لـ"الشرق"، إن رد بلاده "سيكون قوياً ومختلفاً هذه المرة"، مضيفاً أن "الحكومة العراقية عازمة على محاسبة تركيا ولن يمر هذا الاعتداء مرور الكرام".

وأسفر قصف مدفعي على مصيف سياحي في مدينة زاخو بمحافظة دهوك عن سقوط 9 ضحايا وإصابة 23 آخرين.

موقف بغداد

وفي سلسلة من القرارات التي اتخذتها الحكومة العراقية، رداً على الهجوم، أعلن المجلس الوزاري للأمن الوطني خلال اجتماع طارئ ترأسه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، "توجيه قيادة العمليات المشتركة بتقديم تقرير بشأن الحالة على الحدود مع تركيا، واتخاذ كل الخطوات اللازمة للدفاع عن النفس".

كما أعلن المجلس "توجيه وزارة الخارجية باستدعاء السفير التركي لدى العراق وإبلاغه الإدانة"، إضافة إلى "استقدام القائم بالأعمال العراقي من أنقرة لغرض التشاور، وإيقاف إجراءات إرسال سفير جديد إلى تركيا"، مديناً ما وصفه بـ"العدوان التركي الغاشم".

وقرر المجلس "مطالبة تركيا بتقديم اعتذار رسمي وسحب قواتها العسكرية من جميع الأراضي العراقية"، مجدداً رفضه "أن تكون أرض العراق منطلقاً للاعتداء على أي دولة، وأن تكون ساحة لتصفية الحسابات"، ورفض بشدة وجود أي تنظيم إرهابي أو جماعة مسلحة على أراضيه.

ووجّه المجلس وزارة الخارجية إلى "إعداد ملف متكامل بالاعتداءات التركية المتكررة على السيادة العراقية وأمن العراقيين، وتقديم شكوى عاجلة بهذا الشأن إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة".

كما وجّه بـ"التنسيق مع حكومة إقليم كردستان بشأن أخذ إجراءات حاسمة لمنع الانتهاكات"، و"متابعة أحوال جرحى الاعتداء وعائلات الشهداء وتعويضهم". 

واعتبر المجلس أن الهجوم "يؤكد تجاهل الجانب التركي للمطالبات العراقية المستمرة بوقف الانتهاكات ضد سيادة العراق وأمن مواطنيه، واحترام مبدأ حسن الجوار".

وفي بيان منفصل، حذرت وزارة الثقافة العراقية المواطنين العراقيين من "التوجه إلى تركيا لغرض السياحة حفاظاً على سلامتهم، وتضامناً مع دماء الشهداء والجرحى".

تنديد عراقي

وكان الكاظمي ندّد في وقت سابق بارتكاب "القوات التركية مجدداً انتهاكاً صريحاً وسافراً للسيادة العراقية"، مؤكداً أن بغداد "تحتفظ بحقها الكامل في الرد على هذه الاعتداءات".

وقال الكاظمي في بيان إن "العراق إذ يقدّر ويلتزم بمبادئ حسن الجوار ويرفض رفضاً قاطعاً استخدام أراضيه من قبل أي جهة للاعتداء على جيرانه، فإنه يرفض في المقابل استخدام المسوغات الأمنية لتهديد حياة المواطنين العراقيين والاعتداء على أراضي العراق".

واعتبر رئيس الوزراء العراقي أن هذا التصرف "يعد تنصلاً من مبادئ حسن الجوار، والاتفاقيات الدولية والعلاقات والتعاون المشترك".

وأكد الكاظمي أن العراق "سيقوم بكل الإجراءات اللازمة لحماية شعبه، وتحميل الطرف المعتدي كل تبعات التصعيد المستمر".

نفي تركي

من جانبها قالت وزارة الخارجية التركية، الأربعاء، إن تركيا تعتقد أن الهجوم على محافظة دهوك العراقية "كان هجوماً إرهابياً"، داعية السلطات العراقية إلى تجنب إصدار بيانات متأثرة بـ"دعاية منظمات إرهابية".

وقالت الخارجية التركية في بيان إن أنقرة حزينة لسقوط ضحايا في الهجوم، مضيفة أن "تركيا تولي أقصى درجات الحذر لتجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين، أو إلحاق أضرار بالمواقع التاريخية أو الثقافية".

وتابع البيان أن تركيا مستعدة لاتخاذ أي خطوات ضرورية لكشف الحقيقة وراء الهجوم.

كما دعت الخارجية التركية السلطات العراقية إلى "التعاون في الكشف عن المرتكبين الحقيقيين لهذا الحادث المأوساوي"، على حد تعبيرها.

في السياق نفسه قال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، الخميس، إن بلاده لم تنفّذ أي هجمات تستهدف المدنيين في محافظة دهوك، مشدداً على ضرورة ألا تسقط السلطات العراقية في هذا "الفخ".

وأضاف أوغلو لقناة "تي آر تي" الإخبارية الحكومية أن "العمليات العسكرية التركية في العراق تستهدف دائماً حزب العمال الكردستاني المحظور"، مشيراً إلى أن "الهجوم على دهوك نفّذه إرهابيون".

وتابع: "التقارير التي تحمّل تركيا مسؤولية الهجوم ما هي إلا محاولات من جانب حزب العمال الكردستاني لعرقلة جهود أنقرة في مكافحة الإرهاب".

واشنطن تراقب

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، إن واشنطن تراقب الوضع في أعقاب قصف دهوك الذي أدى إلى سقوط مدنيين، ولكنه رفض التعليق بالتفصيل.

وجدّد برايس في مؤتمر صحافى دوري التأكيد على موقف الولايات المتحدة القائل بأن العمل العسكري في العراق يجب أن يحترم سيادته وسلامة أراضيه، مشدداً على "أهمية ضمان حماية المدنيين".

على المستوى المحلي أثار الهجوم ردود فعل قوية في أوساط القوى السياسية التي دعت الحكومة الاتحادية إلى الرد بقوة على أنقرة.

وأكد الرئيس العراقي برهم صالح أن قصف دهوك "يمثل انتهاكاً لسيادة البلد وتهديداً للأمن القومي العراقي، وتكراره أمر غير مقبول".

وقال صالح في تغريدة على تويتر إن "القصف التركي الذي طال دهوك، وأسفر عن استشهاد واصابة عدد من أبنائنا، مدان ومستنكر ويمثل انتهاكاً لسيادة البلد وتهديداً للأمن القومي العراقي".

وأضاف أن "تكراره غير مقبول بالمرة بعد دعوات سابقة لوقف مثل هذه الأعمال المنافية للقانون الدولي وقواعد حسن الجوار".

خطوات تصعيدية

وفي تغريدة على تويتر اقترح زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، اتخاذ خطوات تصعيدية ضد تركيا رداً على القصف المدفعي، تشمل خفض التمثيل الدبلوماسي وإغلاق المعابر.

وقال الصدر إن "تركيا زادت من وقاحتها ظناً منها أن العراق لا يستطيع الرد إلا بإدانة هزيلة من وزارة الخارجية مع الأسف الشديد".

وأضاف: "كخطوة أولى أقترح التصعيد من خلال النقاط التالية أو بعضها: أولاً تقليل التمثيل الدبلوماسي مع تركيا، ثانياً غلق المطارات والمعابر البرية بين العراق وتركيا، ثالثاً  رفع شكوى لدى الأمم المتحدة بالطرق الرسمية وبأسرع وقت ممكن".

كما اقترح الصدر في نقطة رابعة إلغاء الاتفاقية الأمنية مع تركيا ما لم تتعهد بعدم قصف أراضي البلاد إلا بعد إخبار الحكومة والاستعانة بها إذا كان هناك تهديدات قرب حدودها، لافتاً إلى أن "التعدي على محافظات الشمال والإقليم من الداخل والخارج ما عاد يُحتمل".

كردستان العراق: استهداف متكرر

من جانبه دان مجلس وزراء إقليم كردستان العراق القصف في دهوك، مؤكداً أن المواجهات بين القوات التركية وحزب العمال تشكل خطراً على حياة المواطنين.

وقال المجلس في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية: "لقد تعرّض إقليم كردستان في الفترة الأخيرة إلى استهداف متكرر من داخل العراق وخارجه، ما تسبب بخسائر بشرية بين المدنيين وإلحاق أضرار مادية بممتلكاتهم. ويجب على الحكومة الاتحادية والمجتمع الدولي أن يبذلوا جهودهم بطريقة أكثر فاعلية لمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات".

وأشار إلى أن "المواجهات التي تدور بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني، في المناطق الحدودية للإقليم، أصبحت تشكّل مصدر تهديد وخطراً دائماً على حياة المواطنين".

كما دعا إلى "إبعاد إقليم كردستان والنأي به عن المشاكل والنزاعات الإقليمية التي يكون ضحيتها المواطنون الأبرياء".

دعوات للتحقيق في الحادث

ودعا رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، الحكومة، إلى إتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق في حادثة القصف بدهوك.

وقال الحلبوسي في تغريدة على تويتر: "لا ينبغي أن يكون العراق ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الإقليمية والصراعات الخارجية، ويدفع لأجلها العراقيون فواتير الدماء بلا طائل".

وأضاف: "ندعو الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق، واعتماد كل السبل لحفظ البلاد وحماية أبناء الشعب".

الرد الدبلوماسي

وأكدت وزارة الخارجية العراقية أنها ستتخذ أعلى مستويات الرد الدبلوماسي، بدءاً من اللجوء إلى مجلس الأمن واعتماد كل الإجراءات الأخرى المقررة في هذا الشأن، معتبرة أن "هذه المواقف تمثل انتهاكاً صارخاً لسيادة العراق، وتهديداً واضحاً للآمنين من المدنيين".

وأشارت الوزارة في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية إلى أن رئيس مجلس الوزراء وجّه بتشكيل لجنة تحقيقية برئاسة وزير الخارجية فؤاد حسين وعضوية عدد من القادة الأمنيين، للوقوف على تفاصيل دقيقة حول الطرف المعني بالاستهداف.

 وكان "قائممقام" زاخو، مشير محمد بشير، أكد أن جميع الضحايا سياح قدموا من وسط وجنوب العراق، وذلك بحسب ما نقلته وكالة الأنباء العراقية.

"جريمة وعدوان"

من جانبه، دان رئيس "ائتلاف النصر"، رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي ما وصفه بـ"الاعتداء التركي"، مؤكداً أن الائتلاف "يدين القصف التركي على مصيف بمدينة دهوك، ويعتبره جريمة وعدواناً على شعبنا".

وقال العبادي في تغريدة على تويتر إن الائتلاف "يدعو الحكومة العراقية لتقديم شكوى رسمية لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته إزاء الانتهاكات التركية، ويطالب القوى السياسية والمجتمعية بموقف وطني موحد وقوي للرد على الانتهاكات التركية".

كما دان زعيم "تيار الحكمة" عمار الحكيم القصف التركي، معتبراً أن "هذه الأفعال المدانة وغيرها من تكرار قصف مدن وقرى كردستان العراق فضلاً عن أنها تنتهك سيادة العراق، فإنها تستدعي وقفة جادة من قبل الحكومة العراقية لشجبها وسلك الطرق الدبلوماسية للحيلولة دون تكرارها".

إدانة أممية

وعلى الصعيد الدولي، دانت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) القصف التركي في دهوك، داعية إلى إجراء تحقيق شامل، ومشددة على ضرورة احترام سيادة العراق وسلامته الإقليمية.

وقالت "يونامي" في بيان "ندين بشدة القصف المدفعي المميت اليوم في منطقة زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان، والذي أفادت التقارير بمقتل 8 مدنيين وإصابة 23 آخرين".

وأضافت أن "المدنيين يعانون مرة أخرى من الآثار العشوائية للأسلحة المتفجرة"، مشيرة إلى أنه "بموجب القانون الدولي، يجب ألا تكون الهجمات موجهة ضد السكان المدنيين".

وتشن تركيا بانتظام غارات جوية على شمال العراق، وأرسلت قوات خاصة لدعم عملياتها الهجومية في إطار حملة طويلة الأمد في العراق وسوريا ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية السورية اللذين تصنفهما أنقرة ضمن المنظمات الإرهابية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات