متكئاً على عكازه، كان الرجل السبعيني عصام شكر أوّل المقترعين في مركزه الانتخابي في بغداد، مع فتح الصناديق في الانتخابات المبكرة التي جرت الأحد. لكن العديد من الشباب لم يندفعوا للمشاركة، يائسين من إمكانية تغيير الأوضاع الراهنة، وسط عمق الأزمات التي تواجه العراق.
شوارع العاصمة العراقية، خلت من الازدحام المعتاد، فيما انتشر عدد كبير من عناصر القوى الأمنية، خصوصاً عند مداخل مراكز الاقتراع، وحلّقت في أجواء العاصمة طائرات "أف 16" الحربية، في بلد لا تزال المخاوف الأمنية حاضرة فيه، من خلايا تنظيم "داعش" الإرهابي، إلى الخشية من تظاهرات منددة بالعملية الانتخابية.
وقال عصام لوكالة "فرانس برس": "أفتخر لأني أول من يصوّت في كل انتخابات جرت بعد 2003"، أي بعد سقوط نظام صدام حسين، من أجل "تحسين أوضاع البلد وتشكيل برلمان جديد".
في المركز الانتخابي بمدرسة الأمل في وسط بغداد، كان عدد كبير من الوافدين في الصباح الباكر من كبار السن.
وتناثرت في محيط المركز، ملصقات انتخابية ممزقة وملقاة على الأرض.
آمال التغيير
وتعد الانتخابات المبكرة واحدةً من التنازلات القليلة التي قدمتها السلطة لامتصاص الغضب الشعبي، بعد انتفاضة اندلعت في خريف عام 2019 ضد الفساد وتراجع الخدمات العامة والتدهور الاقتصادي.
وتراجعت الاحتجاجات على وقع قمع دموي أسفر عن مقتل نحو 600 شخص وإصابة أكثر من 30 ألفاً بجروح، لكن الأوضاع المعيشية والاقتصادية لم تتحسن، فيما يعاني اثنان من كل خمسة شباب عراقيين من البطالة.
في أربيل، عاصمة إقليم كردستان ذي الحكم الذاتي، أعرب كارزان عبد الخالق، وهو رجل أعمال يبلغ من العمر 39 عاماً، عن أمله في أن "تحدث الانتخابات تغييراً في البلاد". وقال: "ما يهمنا هو تحسّن الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد".
أما في مدينة الموصل، التي كانت معقلاً لتنظيم داعش قبل طرده منها في عام 2017، قال العامل جاسم سلطان البالغ من العمر 54 عاماً، في طريقه للمشاركة في الانتخابات، إنه يثق "بالعملية الانتخابية لإعمار واستقرار بلدنا"، على الرغم من أن مدينته لا تزال بعد أربع سنوات من نهاية الحرب، تعاني الدمار وتردي البنى التحتية. وأضاف: "من الضروري أن نشارك جميعاً لاختيار الأصلح".
وبعيد إدلائه بصوته صباحاً في بغداد، دعا رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي العراقيين إلى الإدلاء بأصواتهم، قائلاً "انتخبوا، انتخبوا، انتخبوا".
ضعف الإقبال
واختارت معلمة مسيحية، تبلغ من العمر 30 عاماً وتقطن في وسط بغداد، عدم التصويت. وقالت الشابة التي فضلت عدم ذكر اسمها: "لماذا نصوّت؟ لا نثق بأحد من المرشحين لا مسيحيين ولا غيرهم.. لا ننتظر أي تغيير. إنهم أنفسهم يديرون البلد منذ 18 عاماً، ولم نرَ أي تحسن".
وحتى منتصف النهار، لم يكن هناك إقبال كبير على التصويت في بغداد.
وقالت صحافية في "فرانس برس" من أحد مراكز الاقتراع، إن العشرات فقط توافدوا إلى المركز منذ فتحه عند السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي.
كما واجهت عملية التصويت الإلكتروني بعض المشاكل التقنية في أنحاء العراق.
وفي الناصرية جنوب العراق، التي تعاني إهمالاً وحرماناً كبيرين، وتعدّ مركز ثقل التظاهرات في العراق، وصفت إيمان الأمين، المهندسة الزراعية البالغة من العمر 54 عاماً، الانتخابات بأنها "خدعة وليست ديمقراطية".
وأضافت بيأس "نعيش في دولة يسيطر عليها سلاح متفلت يقتل من ينافسه أو يختلف معه".