لبنان.. "حرّاس العدالة" يشكون الغبن وتدخلات السياسيين

time reading iconدقائق القراءة - 5
متظاهرون يرفعون لافتات تندد بتعليق التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، لبنان، 29 سبتمبر 2021  - REUTERS
متظاهرون يرفعون لافتات تندد بتعليق التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، لبنان، 29 سبتمبر 2021 - REUTERS
بيروت - الشرق

 أطلق نادي القضاة اللبنانيين، الجمعة، "صرخة" تعبر عن حال مئات القضاة الذين يشكون "تدخلات السياسيين وتقصير الدولة في تأمين مستلزمات العمل داخل أروقة قصور العدل، إضافة إلى تدني قيمة رواتبهم". فهل وصلت تداعيات الأزمة الاقتصادية والسياسية غير المسبوقة التي يعانيها لبنان، إلى الجسم القضائي؟ وما مطالب "حراس العدالة" في لبنان؟

"واقع غير مقبول"

أحد أعضاء نادي القضاة، قال لـ"الشرق" إن "الواقع القضائي لم يعد مقبولاً، لأن القضاء بات مسار تهكّم بدل أن يكون ملاذاً لإحقاق الحق". ورأى القاضي الذي رفض الكشف عن اسمه، أنه "إذا كان القضاء عاجزاً عن إنصاف نفسه، فلن يكون قادراً على إنصاف الناس"، معتبراً أن "المطلوب من مجلس القضاء الأعلى موقفاً تاريخياً وحاسماً، يضع حداً نهائياً للتطاول على القضاء والتدخل في أعماله والنيل من أعضائه".

وشدد القاضي على أن "المطلب الأول والأخير لنادي القضاة هو إقرار قانون استقلالية السلطة القضائية، الذي يحصّن القضاء من التدخلات، ويوقف عمليات الترغيب والترهيب التي يخضع لها البعض".

وأبدى القاضي أسفه لما وصفه بـ"التدخلات السياسية في عمل القضاء"، قائلاً إن "المراجع القضائية ما زالت تُعيّن بالمناصب العليا بقرار من السياسيين عبر مجلس الوزراء، كما أن التشكيلات دائماً ما تكون رهينة أهل السياسية، ولذلك نجد أن التشكيلات القضائية ما تزال مجمّدة منذ أكثر من سنتين نتيجة الخلافات بين القيادات السياسية".

 وأكد القاضي أن نادي القضاة "سيتجه في الأيام المقبلة إلى اتخاذ مواقف تصعيدية في حال تجاهل هذه المطالب، تبدأ بالإضراب وقد تصل إلى حد الاستقالات الجماعية، فإما يكون القضاء مستقلاً أو لا يكون".

ودعا إلى "عدم التهاون مع هذه الصرخة لأن وقعها سيكون كبيراً وصادماً".

"صرخة قضائية"

وكان نادي القضاة اللبناني ندد، الجمعة، بأوضاع القضاء اللبناني، وقال في بيان: "نطلقها صرخة لمن يسمع، الوضع لم يعد مقبولاً، بل أصبح من المتعذر على القضاة أداء عملهم".

وطالب النادي بإقرار "قانون فعلي يضمن استقلالية السلطة القضائية ويراعي مبدأ الفصل بين السلطات"، لافتاً إلى أن "المحاكم وأقلامها لا تتوافر فيها مقومات الحد الأدنى للعمل، فلا كهرباء ولا تدفئة ولا قرطاسية". وتساءل: "هل هذا الأمر مقصود أو إنه إهمال معادل للقصد؟".

أما من الناحية المادية، فلفت البيان  إلى أن "رواتب القضاة والمساعدين القضائيين لم تعد تتناسب مع الحد الأدنى للعيش بكرامة". وطالب بـ"البدء بخطوات جدية وفاعلة من قبل المراجع المختصة وإلا فسيتم اتخاذ قرارات لاحقة لا نريدها، على أن يتم إعلانها في حينه في حال استمرار النهج المتبع في مقاربة الأمور".

الإضراب على الطاولة

النائب في البرلمان اللبناني المحامي هادي حبيش، قال لـ"الشرق" إن "القضاء في لبنان ليس بخير، حاله كحال سائر المؤسسات الدستورية التي تعاني الترهّل والتدخّلات السياسة من جهة والمشاكل الاقتصادية والمالية من جهة أخرى".

 وأضاف: "لا القطاع الوظيفي في البلد بخير ولا القطاع القضائي بخير ولا حتى القطاعات الأمنية".

ولفت حبيش إلى أن "ما تضمّنه بيان نادي القضاة ليس مستغرباً لأنه كلام واقعي، فالقضاة لا يمكنهم أن يكملوا بهذا الواقع المعيشي المتردي". وقال: "للأسف، بات راتب القاضي لا يتعدى الـ 5 ملايين ليرة لبنانية أي ما يساوي تقريباً 200 دولار أميركي".

وعن إمكانية أن تصل الأمور إلى حد الإضراب، قال حبيش: "كل الأمور واردة، سبق وتوقف عمل القضاء لسنتين بسبب تفشي فيروس كورونا وأرجأوا دعاوى يمكن تأجيلها وأبقوا على سير القضايا الجزائية".

وأضاف: "يمكن الإضراب عن القضايا التي لا تتضمّن موقوفين ويمكن تأجيلها، لكن في المقابل هناك قضايا تهم الناس وتعرقل حياتهم وبالتالي، فإن من الطبيعي أن يؤثر إضراب القضاة على سير حياة المتداعين أو أصحاب الحقوق الذين يهمهم تخليص معاملاتهم بأسرع وقت".

"تعيينات سياسية"

وقال حبيش "إن مطلب استقلالية السلطة القضائية ليس مطلباً جديداً". وأضاف: "نعمل على دراسة مشروع قانون استقلالية السلطة القضائية المحال إلى لجنة الإدارة والعدل في البرلمان اللبناني وننتظر الانتهاء من دراسته وإرساله إلى الهيئة العامة للمجلس النيابي".

ولفت إلى أن "من المفترض أن يتم التوقيع على مشروع القانون المذكور لأن هناك شبه توافق عليه من قبل مختلف الأطراف السياسية". وأشار إلى أنه "بهذا القانون لا يستطيع أحد أن يتدخّل ولن تتطلب التشكيلات توقيع رئيس الجمهورية وستكون التشكيلات ملزمة".

وعن حجم التدخّل السياسي في القضاء، كشف حبيش أن "المواقع الأساسية في السلطة القضائية تُعيّن من قبل السلطة السياسية، ومن رؤوس هذه السلطة القضائية: رئيس مجلس القضاء الأعلى، رئيس التفتيش القضائي، ومدعي عام التمييز، وهذه السلطة القضائية لديها الدور الأساسي بتعيين مواقع أخرى".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات