
لدى الطيور البحرية التي تعيش بالقرب من جزيرة جوف في جنوب المحيط الأطلسي، وجزيرة ماريون القريبة من القارة القطبية الجنوبية، وحتى طيور سواحل كل من هاواي وأستراليا، عادة خطيرة، هي أكل البلاستيك.
فبعد أخذ عينات من 32 نوعاً من الطيور البحرية في جميع أنحاء العالم، وجد فريق دولي من 18 مؤسسة في 7 بلدان، أن ما يصل إلى 52% من الطيور لم تأكل البلاستيك فحسب، بل تراكمت أيضاً المكونات الكيميائية لتلك المادة السامة في أجسامها.
وقالت الدراسة التي نشرتها دورية "مراقبة البيئة وأبحاث الملوثات"، الاثنين، إن هناك نحو 400 مليون طن متري ينتج من البلاستيك كل عام في جميع أنحاء العالم، يتسرب جزء كبير من تلك المنتجات إلى البيئة، وفي النهاية يجد طريقه إلى المحيطات.
وعندما تطفو تلك المنتجات على سطح البحر أو ينتهي بها المطاف إلى الشواطئ، تتعرض المواد البلاستيكية للأشعة فوق البنفسجية من الشمس وتتحلل إلى أجزاء أصغر. هذه الشظايا، إضافة إلى حبيبات الراتنج المستخدمة كمواد أولية بلاستيكية تشق طريقها أيضاً إلى المجاري المائية، وهي غير قابلة للتحلل الحيوي، كما أنها لا تهبط إلى أعماق المحيط.
وتشبه الحبيبات في حجمها الفريسة الطبيعية للطيور البحرية والأسماك الصغيرة والحشرات، وهي خفيفة بما يكفي لتطفو أو تتحرك مع التيارات.
تهديد مستقبلي
نتيجة لذلك، تتوفر كميات هائلة من المواد البلاستيكية لمجموعات الطيور البحرية في محيطات العالم، فاعتباراً من عام 2020، تم ملاحظة أن أكثر من 180 نوعاً من الطيور البحرية، بما يعادل نصف إجمالي أنواع الطيور البحرية في جميع أنحاء العالم تتناول البلاستيك. كما تم التنبؤ بأنه بحلول عام 2050، ستكون 99% من أنواع الطيور البحرية قد ابتلعت البلاستيك.
وفي حين أن تناول البلاستيك يمكن أن يسبب ضرراً مادياً ويكون سبباً مباشراً لوفاة الطيور البحرية، وفقاً للباحثين، لا يُعرف الكثير عن العواقب البيولوجية لاستهلاك المواد الكيميائية المضافة للبلاستيك المستخدم في تعبئة الطعام ومعدات الصيد وغير ذلك.
ويقول الأستاذ في مختبر الكيمياء الجيولوجية العضوية بجامعة طوكيو هيديشيج تاكادا، وهو مؤلف تلك الدراسة، إنه كان يعتقد أن المواد المضافة لا تتراكم في الأنسجة البيولوجية، حيث تتم إذابتها في مصفوفة البوليمر أثناء إنتاج البلاستيك.
إلا أن ذلك الاعتقاد ليس صحيحاً "فقد ثبت أن المكونات الزيتية في سوائل الجهاز الهضمي يمكن أن تعمل كمذيبات عضوية لتسهيل ترشيح المواد المضافة"، ونتيجة لذلك يمكن أن تتراكم الإضافات البلاستيكية في أنسجة الطيور البحرية.
فهم التهديد
كان الهدف من الدراسة فهم التهديد المنتشر للتراكم البلاستيكي للإضافات الكيميائية على الطيور البحرية عالمياً. لذا فقد قام الباحثون بتحليل الزيت من الغدة الخضراء، الموجودة فوق الذيل مباشرة، من 145 طائراً بحرياً في 16 موقعاً مختلفاً حول العالم.
ومن خلال فحص التركيزات الكيميائية في هذا الزيت، يمكن للباحثين تحديد المواد الملوثة لمخازن الدهون الداخلية للطيور. كما قاموا أيضاً بتشريح معدة مستخرجة من 54 جثة للطيور تم العثور عليها على الشواطئ. ووجد الباحثون مادة مضافة واحدة متراكمة في 16 من الطيور، ومضافات أخرى في 67% من الطيور الأخرى.
وتم اكتشاف تركيزات عالية من المواد المضافة في الطيور البحرية التي تحتوي أيضاً على أحمال بلاستيكية كبيرة ومبتلعة، بحسب الباحث تاكادا، الذي يشير إلى أن الطيور يمكن أن تتلقى أيضاً مواد مضافة تم ابتلاعها في البداية من قبل فرائسها الطبيعية.
وأظهرت التحاليل أن أجزاء كبيرة من الطيور البحرية في العالم، من 10 إلى 30%، من المحتمل أن تراكم المواد الكيميائية مباشرة من تناول البلاستيك، ولكن العواقب الصحية المترتبة على ذلك ما زالت غير واضحة تماماً، ويخطط الباحثون لمواصلة استكشاف الآثار البيولوجية للإضافات المتراكمة في الطيور البحرية.