دخلت العلاقات بين حلف شمال الأطلسي "الناتو" وروسيا منعطفاً خطيراً بعد إعلان موسكو تعليق عمل بعثتها لدى الحلف، وإغلاق مكاتبه لديها، رداً على طرد "الناتو" 8 من أعضاء البعثة الروسية بتهمة التجسس.
وفي ضوء تصاعد هذا التوتر، تستعرض "الشرق" أبرز ملامح العلاقة، وجذور الخلاف بين "الناتو" وروسيا.
ما هو "الناتو"؟
يعتبر حلف "الناتو" منظمة عسكرية دولية تأسست بناءً على معاهدة شمال الأطلسي، التي تم إبرامها في العاصمة الأميركية واشنطن يوم 4 أبريل سنة 1949.
ويُشكل "الناتو" نظاماً للدفاع الجماعي، تقوم فيه الدول الأعضاء بالرد على أي هجوم من قبل أطراف خارجية. وكانت الغاية من الحلف خلق ثقل موازن لانتشار الجيوش السوفييتية في وسط أوروبا وشرقها، بعد الحرب العالمية الثانية.
الدول الأعضاء
انضم إلى الحلف عند تأسيسه 12 دولة، هي: الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وبلجيكا، والدنمارك، وإيطاليا، والبرتغال، والنرويج، وهولندا، وكندا، وأيسلندا، ولوكسمبورج، ثم سرعان ما انضمت دول أخرى مثل: تركيا، واليونان، وإسبانيا، حتى وصل أعضاء "الناتو" في السنوات الأخيرة إلى 30 دولة.
قوة الحلف
يُشكل "الناتو" بأعضائه الثلاثين تحالفاً عسكرياً هائلاً، لاسيما بوجود 3 دول نووية، بما فيها الولايات المتحدة التي تملك ترسانة عسكرية كبيرة، بالإضافة إلى بريطانيا وفرنسا.
كما تنتمي أضخم 7 جيوش في الحلف لدول يبلغ إجمالي عدد سكانها 334 مليون نسمة، وتمتلك 18 ألفاً و365 طائرة حربية، و10 آلاف 438 دبابة، و72 ألفاً و611 مدرعة، و3 آلاف و198 مدفعاً ذاتي الحركة، و4 آلاف و386 مدفعاً ميدانياً، و1911 راجمة صواريخ، و1145 سفينة حربية، وذلك وفق بيانات نشرها موقع "جلوبال بور" الأميركي.
الخلافات مع روسيا
بعد تفكك الاتحاد السوفييتي ونهاية الحرب الباردة، اعتبر البعض أن وجود "الناتو" لم يعد مبرراً، إذ خرجت دول عدة من الكتلة الاشتراكية السابقة، وتوحّدت ألمانيا بشقيها الشرقي والغربي، ولكن رغم محاولات بناء الشراكة، عادت وظهرت خلافات جديدة مع روسيا الاتحادية.
المجلس المشترك
في مايو 1997 تأسس المجلس الروسي -الأطلسي المشترك، بهدف منح روسيا دوراً استشارياً عند مناقشة الأمور ذات الاهتمام المشترك، لكن مخاوف موسكو تصاعدت بعد عامين فقط، عندما أصبحت جمهورية التشيك وبولندا والمجر أول دول المعسكر السوفييتي السابق التي تنضم إلى "الناتو"، ما دفع حدود الحلف أوروبا الشرقية بمسافة 400 كيلومتر.
غزو جورجيا
بدأ الانحدار الحقيقي في العلاقات بين "الناتو" وروسيا جراء تداعيات الأزمة الجورجية والتدخل الروسي العسكري إلى جانب أوسيتيا الجنوبية في حرب 2008 ضد أبخازيا، التي كانت تدعمها جورجيا. وازدادت حدة التوتر في ظل محاولات جورجيا الانضمام إلى حلف "الناتو"، وتوقيع أكثر من اتفاقية مشتركة.
تحسّن العلاقات
تحسنت العلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي بعد تسلم الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما مقاليد الحكم في يناير 2009، وإعلان "الناتو" خلال ذلك العام عزمه استئناف الاتصالات رفيعة المستوى مع موسكو، لكن العلاقات ساءت مرة أخرى، بعد قيام روسيا بضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية.
مساعي بوش
منذ محاولة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن ضم جورجيا وأوكرانيا إلى "الناتو" في عام 2008، اتخذت العلاقات بين روسيا والحلف الأطلسي مساراً تصاعدياً من المواجهة والتوتر، إذ اعتبرت روسيا هذه المحاولة مساساً بأمنها القومي، لأنها تعني زحف "الناتو" نحو حدودها الغربية. لكن تلك المحاولة فشلت بسبب رفض فرنسا وألمانيا آنذاك لتلك الخطوة، التي شكّلت تهديداً مباشراً للعلاقات الأوروبية الروسية.
الحرب على ليبيا
في مارس 2011، انتقدت روسيا صراحة التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي في ليبيا، ولاسيما فرض منطقة حظر جوي وإلقاء الطائرات الفرنسية أسلحة للفصائل المناهضة لنظام العقيد معمر القذافي، معتبرة أن هذه الأعمال تُشكل انتهاكاً لقرارات الأمم المتحدة.
أزمة القرم
في عام 2014 قرر "الناتو" رسمياً تعليق التعاون العملي مع روسيا رداً على التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا وضم شبه جزيرة القرم، وشكّلت تلك القضية نقطة تحول دراماتيكية في العلاقة مع الحلف. وعلى الرغم من ذلك، بقيت قنوات الاتصال السياسية والعسكرية مفتوحة.
عقوبات غربية
في السنوات الأخيرة، فرضت الدول الغربية سلسلة من العقوبات على روسيا، بسبب "مزاعم" تتعلق بالتدخل في الانتخابات، إلى جانب الهجمات الإلكترونية التي تقول دول أوروبية والولايات المتحدة إن مصدرها روسيا، وكذلك ازداد التوتر إثر تسميم المعارض أليكسي نافالني.
"تطويق روسيا"
تتعامل موسكو مع فكرة توسع "الناتو" في الفضاء الأوروبي بحذر شديد، وتعتبره بما في ذلك المناورات العسكرية التي يجريها، مشروعاً يهدف إلى تطويقها. وفي المقابل يقول الحلف إنه مصمم على تعزيز أمن الدول الأعضاء القريبة من روسيا، لاسيما في ضوء التدخلات العسكرية التي حدثت في جورجيا وأوكرانيا.
تخفيض البعثة الروسية
في عام 2021 عاد التوتر مجدداً إلى العلاقات الثنائية بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، وتحديداً بعد إعلان الحلف طرد 8 أعضاء من البعثة التمثيلية الروسية داخل المنظمة، على خلفية اتهامات تتعلق بالعمل لصالح أجهزة الاستخبارات الروسية.