ما هي نقاط الخلاف الأساسية بين دول العالم في قمة المناخ؟

time reading iconدقائق القراءة - 10
مجسم تفاعلي يعكس آثار التغير المناخي على كوكب الأرض في مقر انعقاد قمة المناخ في جلاسكو، 1 نوفمبر 2021.  - AFP
مجسم تفاعلي يعكس آثار التغير المناخي على كوكب الأرض في مقر انعقاد قمة المناخ في جلاسكو، 1 نوفمبر 2021. - AFP
القاهرة-رحمة ضياء

يعقد العالم آمالاً واسعة على قمة الأمم المتحدة للمناخ المنعقدة في مدينة جلاسكو الاسكتلندية، بين 31 أكتوبر و12 نوفمبر، للخروج بقرارات تساعد على تجنب السيناريوهات الأسوأ للكوارث المناخية.

ويتوقف نجاح هذه القمة على وصول قادة الدول المشاركة في القمة إلى اتفاق بشأن نقاط الخلاف الأساسية، والخروج بقرارات حاسمة للتكيف والتخفيف من التأثيرات المناخية، تساعد جميع الدول.

فما هي أبرز هذه النقاط الخلافية؟ وهل تنجح القمة في دفع قادة العالم إلى الوصول إلى نقاط تفاهم مشتركة؟

مراجعة الأهداف

منذ توقيع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ ودخولها حيز التنفيذ في 21 مارس 1994، اتفق العالم على ضرورة العمل من أجل الحد من تأثير النشاط البشري على المناخ. ويجتمع قادة العالم منذ ذلك الحين بشكل دوري من أجل مواجهة هذه المشكلة.

وتعد قمة جلاسكو القمة السادسة والعشرين منذ دخول الاتفاقية الإطارية حيز التنفيذ. وهي القمة الأولى التي تعقد لمراجعة تحقيق الأهداف المنصوص عليها في اتفاقية باريس للمناخ، التي وُقعت عام 2015.

وحذرت اتفاقية باريس من أنه إذا ارتفعت درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية مقارنة بدرجة الحرارة السائدة قبل الثورة الصناعية، فسيكون من الصعب تجنب السيناريوهات الأسوأ، وبناء عليه التزمت الدول الموقعة على الاتفاقية بتنفيذ عدد من النقاط، وهي تخفيض الانبعاثات الكربونية والتوسع في إنتاج الطاقة المتجددة والحفاظ على أن يظل ارتفاع درجة الحرارة العالمية أقل من درجتين مئويتين ووضع هدف لإيصاله إلى 1.5 درجة مئوية، والتزام الدول الصناعية الكبرى بتقديم مساعدات مالية للبلدان الفقيرة للتعامل مع تأثير تغير المناخ.

وتم الاتفاق على إجراء مراجعة للتقدم المحرز كل 5 سنوات وكان يفترض أن تتم المراجعة الأولى عام 2020، لكنها تأجلت بسبب جائحة كورونا إلى عام 2021.

ورغم اتفاق الدول على الإطار العريض وهو العمل من أجل وضع حد للتغيرات والكوارث المناخية إلا أن هناك الكثير من الخلافات بين الدول حول كيفية تحقيق هذه الأهداف والإطار الزمني لتحقيقها ونسب الانبعاثات التي التزمت كل دولة بتخفيضها، وكذلك تنفيذ الالتزامات التي تعهدت بها الدول الغنية تجاه الدول الفقيرة كجزء من تحملها لمسؤوليتها في ما وصل إليه تغير المناخ.

أزمة ثقة بين الشمال والجنوب

في عام 2009، تعهدت دول الشمال الغنية، والتي تضم  الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، أوربا الغربية وكندا،بتحويل ما لا يقل عن 100 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2020 لمساعدة الدول النامية على خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري والتعامل مع آثار تغير المناخ. إلا أنه حتى عام 2019 لم يتم توفير سوى 79.9 مليار دولار بحسب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.

وسيكون من الصعب على الدول النامية أن تتخلص بشكل كلي من الوقود الأحفوري وتتجه نحو الطاقة المتجددة في ظل حاجتها إلى أموال باهظة لدفع ثمن البنية التحتية والتكنولوجيا الجديدة، في ظل عدم توفر الإعانات من الدول المتقدمة.

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن نحو ثلاثة أرباع الأموال الحكومية المخصصة لقطاع المناخ في الدول النامية هي أموال مقترضة يجب سدادها ولم تكن في شكل منح لا تسترد من الدول الغنية، وهو ما يضع عبئاً كبيراً على كاهل الدول النامية لا سيما مع الخسائر التي تكبدتها العام الماضي في ظل تفشي جائحة كورونا.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيرش، عن قلقه بشأن قمة جلاسكو، ونجاح القادة في الوصول إلى أهداف متوافقة مع الهدف المنشود في ظل وجود ما وصفه بـ "المستوى المقلق من عدم الثقة".

وقال جوتيرش إن هناك "انعداماً للثقة بين الدول المتقدمة الكبرى والاقتصادات الناشئة الكبيرة، وانعدام الثقة بشكل عام بين العالمين المتقدم والنامي".

وأرجع الأمين العام للأمم المتحدة ذلك إلى كون "البلدان المتقدمة حتى الآن لم تكن قادرة على تنفيذ أو حتى تقديم مجموعة من الالتزامات التي تضمن الوفاء بـ100 مليار دولار لدعم البلدان النامية سنوياً".

وأثار تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة المخاوف، وبحسب مراقبين ربما تؤدي حالة غياب الثقة إلى أن تكون البلدان النامية أقل استعداداً لتقديم تنازلات للتوصل إلى توافق في الآراء.

وعبر عن هذا التخوف مدير مفاوضات المناخ في معهد الموارد العالمية والمفوض السابق للمناخ لدى الاتحاد الأوروبي، ياميد داجنيت، مرجحاً أن "تواجه قمة جلاسكو تحديات أكبر من أي قمة سابقة للمناخ".

وأقر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بأن المفاوضات ستكون "صعبة للغاية"، وقال في تصريح له الشهر الماضي إن "فرصة بمقدار ستة من عشرة" هي احتمال أن تفي الدول الغنية بوعودها بشأن المساعدات المناخية.

المواعيد النهائية

وتشمل قائمة الخلافات بين الدول الأطراف في قمة المناخ الإطار الزمني اللازم لتخفيض انبعاثاتها والنسبة التي تستهدف تخفيضها من الانبعاثات الكربونية وبأي قدر ستتحول نحو الطاقة المتجددة.

وتستهدف معظم الاقتصادات الكبرى الوصول إلى "صافي صفر" من انبعاثاتها بحلول عام 2050. ومؤخراً أعلنت ألمانيا عن تخفيض السقف الزمني المتوقع للقضاء على الانبعاثات الكربونية خمس سنوات عن الهدف الأصلي، حيث أعلن الائتلاف الحاكم، عن استهدافه القضاء على انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول عام 2045 ويعد أقصر جدول زمني بين الاقتصادات الكبرى للوصول إلى الحياد الكربوني.

بالمقابل، أعلنت روسيا والصين وهما من أكبر الدول المساهمة في الانبعاثات العالمية، الوصول إلى مستوى صفر من الانبعاثات بحلول عام 2060.

وأعلن رئيس الورزاء الهندي ناريندرا مودي الاثنين في جلاسكو أن الهند حددت لنفسها هدفاً لتحييد أثر الكربون بحلول عام 2070.

نسبة تخفيض الانبعاثات 

وإلى حين وصول الدول إلى تحقيق الحياد الكربوني، يظل هناك خلاف بينها حول نسبة التخفيض خلال السنوات القادمة لحين الوصول إلى صافي صفر من الانبعاثات وبأي قدر سيتم الاستغناء عن الوقود الأحفوري والتحول نحو الطاقة المتجددة.

وتعد الصين أكبر الدول المساهمة في الانبعاثات الكربونية في العالم، ولكنها أيضاً من أكبر المسثتمرين في مصادر الطاقة البديلة.

وبحسب اتفاقية باريس، فإن الصين غير ملزمة بتخفيض الانبعاثات حتى عام 2030. وفي خطتها التي قدمتها حديثا إلى الأمم المتحدة تعهدت الصين بالقضاء على الانبعاثات قبل عام 2060 وبالوصول إلى ذروتها في الانبعاثات بحلول عام 2030. 

وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثانية من حيث المشاركة في الانبعاثات العالمية، وتعهدت بخفض الانبعاثات إلى النصف على الأقل بحلول عام 2030، من المستويات التي كانت عليها عام 2005، وبتحقيق "صافي صفر" من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري (الحياد الكربوني) بحلول عام 2050.

من جانبها، قدمت دول الاتحاد الأوروبي في عام 2015 خطتها لتقليص الانبعاثات بما لا يقل عن 40 في المئة بحلول عام 2030.

وخلال اجتماع مجموعة العشرين (التي تمثل 80% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية) في العاصمة الإيطالية روما قبيل انعقاد قمة جلاسكو، أعربت كبرى اقتصادات المجموعة، الأحد، عن التزامها بحصر الاحترار المناخي بحدود 1.5 درجة مئوية، كما اتفقت على وقف تمويل محطات جديدة تعمل بالفحم في مختلف أنحاء العالم بحلول أواخر عام 2021.

اقرأ أيضاً: