تركيا.. تظاهرات بعد الانسحاب من اتفاق مكافحة العنف ضد المرأة

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يلقي خطاباً عقب اجتماع لمجلس الوزراء في أنقرة، 11 يناير 2021 - via REUTERS
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يلقي خطاباً عقب اجتماع لمجلس الوزراء في أنقرة، 11 يناير 2021 - via REUTERS
إسطنبول-الشرقأ ف ب

تظاهر الآلاف، السبت، في تركيا لمطالبة الرئيس رجب طيب أردوغان بالعودة عن قراره بالانسحاب من اتفاق إسطنبول لمكافحة العنف ضد المرأة، وسط زيادة الجرائم بحق النساء، وهي الخطوة التي أثارت انتقادات أوروبية.

وهتف آلاف النساء والرجال الذين تجمعوا في منطقة كاديكوي في إسطنبول بشعارات، من بينها "إلغِ قرارك، طبّق الاتفاق". وكان المتظاهرون يحملون صور نساء قُتلنَ ولافتات كُتب عليها: "النساء سيربحنَ هذه الحرب".

وفي مرسوم رئاسي نُشر في الساعات الأولى من صباح السبت، أعلن أردوغان سحب بلاده من اتفاق أسطنبول، أول معاهدة دولية وضعت معايير ملزمة قانوناً في نحو 30 بلداً لمنع العنف القائم على أساس الجنس.

وأثار القرار الذي تم اتخاذه، رغم تزايد جرائم قتل النساء منذ عقد في تركيا، غضب المنظمات المعنية بحقوق المرأة وانتقادات من جانب الاتحاد الأوروبي.

واعتبر مجلس أوروبا، "انسحاب تركيا من اتفاق اسطنبول نبأً مدمراً ويهدد حماية المرأة". والمجلس هو منظمة أوروبية أنقرة عضو فيها، وبرعايتها وقعت الحكومة التركية هذه المعاهدة عام 2011.

وكتب مقرر البرلمان الأوروبي عن تركيا ناتشو سانشيز أمور، في تغريدة: "هذا هو الوجه الحقيقي للحكومة التركية الحالية: ازدراء تام لدولة القانون وتراجع تام لحقوق الإنسان".

وتحدث الرئيس التركي للمرة الأولى عن الانسحاب من هذه المعاهدة العام الماضي في محاولة لحشد ناخبيه المحافظين في مواجهة الصعوبات الاقتصادية المتزايدة في البلاد.

ويأتي قرار الانسحاب من الاتفاقية، ضمن رؤية حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، وحليفه حزب "الحركة القومية"، وبعض الأطراف اليمينية المحافظة، التي تصفها المعارضة بـ"المتطرفة"، بأنه يسهم في "التفكك الأسري وتقويض دعائم الأسرة".

ووفقاً لجماعات حقوقية، تصاعد العنف ضد النساء في تركيا خلال الفترة الماضية، إذ توفيت 77 امرأة منذ بداية العام الجاري، وفقاً لمنصة "سنوقف قتل الإناث"، التي قالت إن 409 نساء على الأقل قضين العام الماضي، بسبب العنف الأسري.

"تتعارض مع القيم"

ودعا بعض المسؤولين من حزب أردوغان المحافظ، إلى مراجعة الاتفاقية، بدعوى أنها تشجع الطلاق، وتروج لثقافة المثليين، التي يقولون إنها تتعارض مع القيم المحافظة في البلاد.

وكانت تركيا أول دولة توقع على "اتفاقية مجلس أوروبا بشأن منع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي"، في اجتماع لجنة الوزراء في إسطنبول عام 2011. ودخل القانون حيز التنفيذ عام 2014.

وتنص "اتفاقية إسطنبول"، على أن الرجال والنساء لهم حقوق متساوية، وتلزم سلطات الدولة باتخاذ خطوات لمنع العنف ضد المرأة، وحماية الضحايا، ومقاضاة الجناة.

تنديد واسع

القرار التركي قوبل بموجة تنديد واسعة في أوساط المعارضة والنشطاء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبين بالعدول عنه، وتطبيق الاتفاقية من جديد، تحت وسوم بينها: "#هل_يوجد_على_جسدكم_كدمات"، و "#اتفاقية_إسطنبول"، و "#جرائم_المرأة_هي_سياسة"، و"#لا_يمكنكم_إسكاتنا".

وعلق رئيس بلدية مدينة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، المنتمي لحزب الشعب الجمهوري، وهو أكبر أحزاب المعارضة التركية، في تغريدة على "تويتر"، قائلاً: " إنه أمر مؤلم للغاية، إعلان الانسحاب من الاتفاقية في بلد يشهد يومياً حوادث عنف ضد المرأة، الانسحاب من الاتفاقية يعني تجاهل جميع النساء.. ورغم العقلية الذكورية ستنتصر المرأة".

وقال المرشح الرئاسي السابق والمعارض البارز، محرم إينجه، إن "الحكومة التي اختارت الانسحاب من اتفاقية إسطنبول، بدلاً من تطبيقها، أثبتت مرة أخرى أنها غير صادقة في كبح جماح العنف ضد المرأة.. عقليتكم الفاسدة هي التي تسبب الضرر للمجتمع وبنية الأسرة". 

وقالت باشاك دميرتاش، عقيلة الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المعارض ذي أغلبية كردية، والمعتقل، صلاح الدين دميرتاش: "لم أُفاجأ بهذا القرار.. يظنون أنهم سيفوزون بدفع المرأة ثمن قراراتهم التي يصدرونها في منتصف الليل.. لكن تعزيز ضمان حقوق المرأة سيكون أفضل رد عليهم.. حتماً سننتصر".

على صعيد متصل، شدد فرع النساء التابع لحزب الشعوب، في بيان، على أن "هذا القرار يمهد الطريق لتصاعد العنف ضد المرأة، ويبرر الجرائم ضدها، وينكر المساواة بين الجنسين، ويحمي الرجال الذي يمارسون العنف ضد المرأة، ويغتصب حق الحياة لجميع النساء".

وأعرب معارضون ونشطاء عن استيائهم من قرار الانسحاب، إذ قالت الناشطة التركية ميرال دانيش: "لقد اغتصبوا حقوقنا بعملية في منتصف الليل، هل يعتقدون أنهم سيقمعوننا بهذا الشكل، إنهم مخطئون! النساء اللواتي يموتون كل يوم ويخرجون من وسط العنف.. سيحافظون على حقوقهم في كل الظروف".

وقال نائب رئيس حزب الشعوب الديمقراطي، الموالي للأكراد، غارو بايلان: "تمت الموافقة على اتفاقية إسطنبول بالإجماع من قبل البرلمان التركي، لا يمكن القضاء عليها بقرار من رجل واحد، إن اختزال إرادة الأمة لإرادة رجل واحد هو انقلاب!!".

وقال النائب عن حزب الديمقراطية والتقدم المعارض، مصطفى يانير أوغلو، إن "الانسحاب من اتفاقية إسطنبول يعني أنكم ترفضون محاربة العنف ضد النساء، وترفضون تعزيز المساواة بين الجنسين". 

وقالت الصحافية ميليس ألفان: "سيكون الرد على السلطة التي تجعل المرأة تشعر دائماً بالهزيمة والوحدة في صندوق الاقتراع، حتى لو ألغيتَ اتفاقية إسطنبول، سيستمر نضال النساء، لن نسكت، ولن نخاف، ولن نطيعكم".

وقالت الناشطة غوزدي أوناي: "قتل النساء أمر سياسي. هذا القرار الذي اتخذته الحكومة في منتصف الليل، دليل على ذلك، لن نتخلى عن اتفاقية إسطنبول، ولا عن حياتنا، ولا عن مقاومتنا، أنا لا أشعر باليأس، لأن هذا الحشد ليس مثل جمهورك".

تأييد محدود

في المقابل، أيد مسؤلون أتراك وموالون للحكومة القرار، تحت وسم "#امرأة_قوية_يعني_تركيا_قوية"، إذ شدد نائب الرئيس التركي، فؤاد أوقطاي، على أن بلاده مصممة على الارتقاء بمكانة المرأة التركية في المجتمع، لكن "مع الحفاظ على النسيج الاجتماعي، من دون الحاجة لتقليد الآخرين"، على حد تعبيره. 

وأكد رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألتون، على "مواصلة الكفاح من أجل دعم المرأة بشكل أكبر في الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية". 

ولفتت وزيرة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية، زهراء زمرد سلجوق، إلى أن "ضمان حقوق المرأة، تأتي في مقدمة أهداف خطة عمل حقوق الإنسان التي أعلنها أردوغان مؤخراً".

وقال كبير مستشاري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أحمد سليم كور أوغلو، في تغريدة: "قال رئيسنا أردوغان، إن المرأة التركية تعني الأناضول، لأنها مثل هذه الأرض تماماً، منتجة وبانية وصامدة".

وقال الصحافي إبراهيم كاراغول: "لقد تم تحويل اتفاقية إسطنبول إلى اتفاقية لحماية المثليين.. هذه الاتفاقية لا علاقة لها بحقوق المرأة، بل تم استخدامها كشكل جديد من أشكال منظمات الوصاية الاجتماعية، لكن رئيسنا سحب هذا السلاح منهم".

وقال رجل الأعمال علي يالجين المقرب من أردوغان: "أهنئ الشعب التركي.. وأخيراً انسحبنا من اتفاقية إسطنبول.. نحن لا نحتاج لتقليد الغرب من أجل حماية حقوق وقوانين نسائنا".