"تسرّب نووي" في الصين.. باريس تراقب واجتماعات أمنية بواشنطن

time reading iconدقائق القراءة - 7
محطة تايشان الصينية للطاقة النووية - 8 ديسمبر 2013 - AFP
محطة تايشان الصينية للطاقة النووية - 8 ديسمبر 2013 - AFP
دبي- الشرق

قال مسؤولون أميركيون إن واشنطن عقدت اجتماعات أمنية لتقييم تقرير بشأن "تسرب نووي" من محطة "تايشان" للطاقة النووية جنوبي الصين، بعدما حذرت شركة فرنسية ساعدت في بناء المحطة وتشغيلها، من "تهديد إشعاعي وشيك".

وتضمن التحذير اتهاماً بأن "هيئة السلامة الصينية"، رفعت الحدود المقبولة للكشف عن الإشعاع خارج المحطة في مقاطعة غوانغدونغ، من أجل تجنب الاضطرار إلى إغلاقها، وفقاً لخطاب من شركة "فراماتوم" الفرنسية، وجهته إلى وزارة الخارجية الأميركية.

وأوضح أحد المسؤولين في حديث لشبكة "سي إن إن" الأميركية أنه رغم الإخطار "المقلق" من شركة "فراماتوم"، تعتقد إدارة الرئيس جو بايدن أن المنشأة "لم تصل بعد إلى مستوى الأزمة".

في حين اعتبر مسؤولون آخرون تحدثوا لـ"سي إن إن"، أن الوضع "لا يشكل حالياً تهديداً خطيراً لسلامة العمال في المصنع".

ولفتوا إلى أنه "من غير المعتاد أن تتواصل شركة أجنبية من جانب واحد مع الحكومة الأميركية، للحصول على المساعدة، عندما يكون شريكها الصيني مملوكاً للدولة".

وأشار المسؤولون إلى أن "هذا السيناريو قد يضع الولايات المتحدة في موقف معقد، حال استمرار التسرب أو اشتداد حدته دون إصلاحه".

ووفقاً للمسؤولين، فإن القلق "كان كبيراً بما يكفي لعقد مجلس الأمن الأميركي، اجتماعات متعددة الأسبوع الماضي، بما في ذلك اجتماعان، ترأسهما كبير مديري المجلس للصين لورا روزنبرغر، وكبير مديري الحد من التسلح مالوري ستيوارت".

وأوضح المسؤولون أن إدارة بايدن "ناقشت الوضع مع الحكومة الفرنسية وخبرائها في وزارة الطاقة"، مشيرين إلى أن واشنطن كانت على اتصال أيضاً ببكين، رغم أن مدى هذا الاتصال غير واضح، بحسب "سي إن إن".

"فراماتوم تراقب"

من جهتها قالت شركة "فراماتوم" النووية التابعة لمجموعة "أو دي إف" الفرنسية، الاثنين، أنها تراقب "تطور مشكلة أداء" في محطة "تايشان" للطاقة النووية.

وأوضحت الشركة في تصريح لوكالة "فرانس برس"، أن المنشأة التي شاركت في بنائها "تقع ضمن نطاق التشغيل والأمان المسموح به".

وتواصلت "فراماتوم" مع الولايات المتحدة من أجل الحصول على تنازل يسمح لها بمشاركة المساعدة التقنية الأميركية من أجل حلّ المشكلة.

ولفتت "سي إن إن"، إلى وجود سببين فقط لمنح هذا التنازل، أحدهما هو التحذير من "تهديد إشعاعي وشيك"، فضلاً عن إرسالها مذكرة تتعلق بذات الشأن لوزارة الطاقة الأميركية.

ووفقاً لشيريل روفر المختصة في الشأن النووي والتي تقاعدت من مختبر "لوس ألاموس الوطني" الأميركي في عام 2001، فإنه "ليس مستغرباً أن يتواصل الفرنسيون مع حكومة خارجية"، لافتة إلى أن هذا النوع من الأحداث "ليس استثنائياً لا سيما إذا اعتقدوا أن البلد الذين طلبوا دعمه، لديه قدرة خاصة على المساعدة".

ويمكن أن تمنح الولايات المتحدة الإذن للشركة الفرنسية لتقديم المساعدة الفنية أو الدعم للمساعدة في حل المشكلة، لكن الحكومة الصينية هي من تقرر ما إذا كان ذلك يتطلب إغلاق المنشأة بالكامل، وفقاً لـ"سي إن إن".

وأقرت "فراماتوم" في بيان نُشر الجمعة، بأنها "تدعم حل مشكلة الأداء مع محطة تايشان للطاقة النووية بمقاطعة غوانغدونغ الصينية".

وأضاف البيان: "وفقاً للبيانات المتاحة يعمل المصنع ضمن معايير السلامة، ويعمل فريقنا مع الخبراء المعنيين لتقييم الوضع واقتراح الحلول لمعالجة أي مشكلة محتملة".

ويأتي الخطاب، في وقت لا تزال فيه التوترات بين بكين وواشنطن عالية، وتزامناً مع اجتماع قادة مجموعة السبع في نهاية هذا الأسبوع بالمملكة المتحدة مع الصين، إذ كان موضوعاً مهماً للنقاش، لكن لا توجد مؤشرات على أن تقارير التسريب نوقشت على مستوى عالٍ في القمة.

الصين ونشاطاتها النووية 

وظهرت المشكلة لأول مرة، عندما قامت الشركة الفرنسية، بالتواصل مع وزارة الطاقة الأميركية أواخر الشهر الماضي، لإبلاغهم بمشكلة محتملة في المحطة.

وقدمت الشركة في الثالث من الشهر الجاري، طلباً للمساعدة بشأن السلامة التشغيلية، وإعفاءً إلى وزارة الطاقة من شأنه أن يسمح لهم بمعالجة المسألة، محذرة المسؤولين الأميركيين من أن المفاعل النووي "يقوم بتسريب غاز انشطاري"، وتابعت الأمر مع وزارة الطاقة في مذكرة نُشرت بتاريخ 8 يونيو الجاري، لطلب مراجعة عاجلة لطلبهم.

وأشارت المذكرة إلى أن الشركة تواصلت مع الإدارة الأميركية للحصول على المساعدة، لأن وكالة حكومية صينية كانت مستمرة في زيادة حدودها على كمية الغاز التي يمكن إطلاقها بأمان من المنشأة دون إغلاقها. 

وأبلغت الشركة وزارة الطاقة عبر المذكرة، أن "هيئة السلامة الصينية" واصلت رفع "حدود الجرعات خارج الموقع المخصص"، مشتبهة في إمكانية زيادة الحد مرة أخرى للحفاظ على تشغيل المفاعل المتسرب رُغم المخاوف المتعلقة بالسلامة.

وبحسب المذكرة، فإنه اعتباراً من 30 مايو الماضي، وصل مفاعل تايشان إلى 90 % من الحد المنقح المزعوم، مشيرة إلى مخاوف من أن مشغل المحطة قد يطلب من وكالة (NNSA) شبه المستقلة في الصين والمسؤولة عن تعزيز الأمن القومي من خلال التطبيق العسكري للعلوم النووية والإشعاعية، زيادة حد الإغلاق على أساس ضروري".

ووسّعت الصين من استخدامها للطاقة النووية خلال السنوات الأخيرة، وهي تمثل حوالي 5% من إجمالي الطاقة المولدة في البلاد.

ووفقاً لرابطة الطاقة النووية الصينية، كانت هناك 16 محطة عاملة مع 49 مفاعلاً نووياً في الصين اعتباراً من مارس 2021، بقدرة تبلغ 51 ألف ميغاوات.

ومحطة "تايشان"، هي مشروع "مرموق" تم بناؤه بعد أن وقعت الصين اتفاقاً لتوليد الكهرباء النووية مع شركة الكهرباء الفرنسية، إذ بدأ بناء المحطة في عام 2009، في حين أن توليد الكهرباء بدأ في عامي 2018 و2019 على التوالي.

ويبلغ عدد سكان مدينة تايشان 950 ألف نسمة وتقع  جنوب شرقي البلاد في مقاطعة غوانغدونغ، التي يبلغ عدد سكانها 126 مليون نسمة، ويبلغ إجمالي الناتج المحلي فيها 1.6 تريليون دولار، مقارنة مع روسيا وكوريا الجنوبية.

"مخاطر السلامة"

في غضون ذلك، ذكرت الإذاعة الصينية الوطنية، أن الرئيس شي جين بينغ أمر المسؤولين بالتحقق من مخاطر السلامة، قبل الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، بعد حادث انفجار غاز مميت وقع في مدينة شيان بمقاطعة هوبي، الأحد، وسط البلاد.

من جانبها، أفادت "وكالة أنباء الصين الجديدة"، في وقت سابق الأحد، بأن الانفجار،  أسفر عن مقتل 12 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 100 آخرين، بينهم 39 في حالة خطيرة. 

وطالب شي جين بينغ السلطات المحلية بـ"تحسين الحساسية السياسية"، وإجراء تحقيقات شاملة في مخاطر السلامة بجميع أنحاء البلاد من أجل "خلق جو جيد" في ذكرى تأسيس الحزب المقرر مطلع الشهر المقبل.