
قالت وكالة "بلومبرغ" الأميركية إن الجهود الصينية الطموحة لتلقيح 560 مليون شخص (40% من إجمالي السكان) ضد فيروس كورونا، بحلول نهاية يونيو المقبل، اصطدمت بقصور في الإمدادات، الأمر الذي أجبر السلطات الصحية على تمديد الفترات الفاصلة بين جرعتي اللقاح، وأدى إلى عجز كثير من الأشخاص عن حجز موعد تلقي الجرعة الثانية.
وتأتي أزمة قصور الإمدادات، بحسب الوكالة، بالتزامن مع تسريع الصين عمليات توزيع اللقاح لتصل إلى نحو 5 ملايين جرعة يومياً، وهو المعدل الأكبر في العالم، على الرغم من أن الصين لا تزال متأخرة، بالنظر إلى نسبة السكان المحصَّنين، عن الولايات المتحدة وإسرائيل وغيرهما من الدول الرائدة في التحصين ضد فيروس كورونا.
ونقلت الوكالة عن مصادر وصفتها بالمطلعة أنه على الرغم من اعتماد الصين في إمدادات اللقاح على مصنعين محليين، ما خوّلها قدراً أكبر من السيطرة في هذا المجال مقارنة بالدول الأخرى التي تصارع من أجل تأمين الجرعات، إلا أن الوتيرة المتسارعة للتلقيح تجاوزت القدرة الإنتاجية للمصنعين المحليين.
وأشارت المصادر إلى أن هذا الاختلال في الإمدادات، هو ما دفع اللجنة الصحية الوطنية في الصين إلى إصدار دليل إرشادي حول التلقيح أواخر مارس الماضي، يقول إن الفترات الفاصلة بين الجرعة الأولى والثانية يمكن أن تمتد إلى ثمانية أسابيع.
ويعد هذا الفاصل الزمني ضعفي الفترة المعتمدة خلال التجارب السريرية للقاح الذي صنعته "ناشيونال بايوتيك غروب" المملوكة للدولة، و"سينوفاك بيوتيك" التي تتخذ من العاصمة الصينية بكين مقراً.
وبالمقارنة مع اللقاحات الغربية، يتراوح الفاصل الزمني بين الجرعتين بالنسبة للقاح "موديرنا" ما بين 21 إلى 28 يوماً، علماً بأن "المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها" أوصى بفاصل لا يتجاوز ستة أسابيع كأقصى حد. أما لقاح "أسترازينيكا" البريطاني فينصح بإعطاء جرعتيه مع فاصل زمني يتراوح ما بين 4 إلى 12 أسبوعاً.
تحديات هائلة
ووفقاً لـ"بلومبرغ"، تبرز هذه الخطوة التحدي الكبير أمام الصي، التي استطاعت القضاء على تفشي فيروس كورونا محلياً، ومع ذلك تواجه خطر التخلف عن الدول الأخرى - وعلى وجه الخصوص منافسيها جيوسياساً مثل الولايات المتحدة- في إنجاز مناعة القطيع، وإعادة فتح اقتصادها وحدودها.
وخلال الأسابيع الأخيرة حققت حملات دعائية صينية تربط ما بين التلقيح وصيانة سمعة بكين عالمياً في احتواء فيروس كورونا معدلات انتشار عالية، لكن حتى الآن لقّحت الصين فقط 5 أشخاص من كل 100 فقط، مقارنة بـ27 في الولايات المتحدة و56 في إسرائيل، بحسب ما أظهرته إحصائيات لـ"بلومبرغ".
وفاقم عجز الإمدادات تعهُّد بكين بجعل جرعاتها منفعة عامة عالمية، في سبيل القضاء على الوباء، إذ منحت وباعت أكثر من 100 مليون جرعة عالمياً، وسط توقعات بتصدير المزيد مع استعداد المصنعين الصينيين للإدراجه ضمن برنامج "كوفاكس" المدعوم من "منظمة الصحة العالمية" لتمكين الدول الفقيرة من الحصول على نصيبها من التحصين ضد الفيروس.
كما عرضت الصين أيضاً تقديم لقاحات للجنة الأولمبية الدولية من أجل "أولمبياد طوكيو" المقبل، مع إجراء محادثات في الوقت نفسه مع الدول الأوروبية التي تتطلع إلى المزيد من الإمدادات.
تفاوت التوزيع
وفي الصين تفاوت من حيث تأثير نقص إمدادات اللقاح، فالعاصمة بكين على سبيل المثال لا تواجه أي مشكلة بهذا الخصوص، إذ تمكنت حتى الآن من تطعيم ما يزيد على نصف سكانها، بينما اضطرت شنغهاي التي يزيد سكانها عن 20 مليون شخص إلى تمديد الفاصل بين الجرعات من 14 إلى 21 يوماً، إثر مخاوف تتعلق بنقص الإمدادات.
ونتيجة لهذه المخاوف قدمت شنغهاي، حتى الآن، 5 ملايين جرعة فقط.
والأمر نفسه في مقاطعة غوانغدونغ، حيث كشف مصدر مطلع أن الحكومة المحلية اصطفت 5 مدن رئيسة هي غوانزو وشنجن وفوشان ودونغ غوان وزوهاي لمنحها الأولوية في توزيع اللقاح، مع تعليق الجرعات الجديدة في جميع المدن الأخرى.
ويعني هذا التفاوت، بحسب ما نقلته الوكالة عن مصدر مطلع على خطط الحكومة، أن الهدف الحكومي المتمثل في تلقيح 40% من السكان، إنما ينظر فيه إلى الدولة ككل، ولا يعني بالضرورة أن التحصين سيغطي مناطق البلاد بالتساوي.
اقرأ أيضاً: