أصبح الظفر برحلة سياحية في زمن كورونا أمراً ليس هيناً أو مضموناً، فقد تباغت مستجدات الجائحة خطط عطلتك السنوية وتجعل منها "مهمة مستحيلة".
هذه المتغيرات التي باتت من مفردات عالمنا اليوم في ظل الجائحة دفعت العديد من المسافرين حول العالم لتبني سلوك يشبه المقامرة في التخطيط للسفر، فيما أصبح مألوفاً لدى العاملين بمجال السفر وما يتصل به من خدمات بهوجة "تكديس الرحلات"، أو الحجز المزدوج والمتضارب.
ورغم غرابة المصطلح وجدته، إلا أن مألوف لهواة تصفُح المنصات المخصصة للسفر ومدوّنات المراجعات السياحية، إذ أصبح Trip Stacking أو "تكديس الرحلات"، مفهوماً شائعاً في هذه الدوائر، في إطار من التوقُعات المحدثة بصفة يومية عن أي دولة قد تكون وجهة سياحية مناسبة لعطلات الخريف، وأي وجهة سياحية من المُحتمل أن تغلق حدودها في وجه المسافرين في غضون أشهر تبعاً لموجات تفشي الفيروس والنسخ المتحوّرة منه.
وفي حين كان من المعتاد في الماضي، التخطيط لرحلة واحدة في العُطلة، أصبح من الشائع جداً أن يكون لدى السائح قائمة حجوزات، مدعومة من قبل وكالة السفر التي يتعامل معها، وتشارك معه في لعبة المقامرة ذاتها، لتحتوي القائمة على وجهة مثالية ولكنها مهددة بالإلغاء، ووجهات أخرى أقل احتمالية لأن تُلغى.
وبالرغم من أن المصطلح بدأ كواقع في وكالات السفر، إلا أنه أصبح مصطلحاً شائعاً في أبعد من ذلك، لا سيما في منصات التدوين عن السفر، إذ من العادي أن تقابل مقالة بعنوان "هل من الضروري أن تحظي برحلات مكدسة إلى جانب عطلتك في جزر الكاريبي؟"، فيما أبدت مجلات السفر اهتماماً أيضاً بالاتجاه الرائج، فنشرت "ترافل توك"، المجلة الأسترالية المهتمة بالسفر مقالاً عنوانه: "ماهو تكديس الرحلات؟ وكيف يمكنك جني المال من خلاله؟".
إلغاء أم تأجيل
ويربط تقرير منشور على شبكة "سي إن بي سي" الأميركية بين ظاهرة تكديس الرحلات التي اجتاحت صناعة السفر مؤخراً، والبدء في طرح اللقاحات وتجدد الحديث عن الجائحة والمتحورات سريعة الانتشار مثل المتحور "دلتا".
ووفقًا لـ"سي إن بي سي"، فإن إحدى القائمين على واحدة من أشهر وكالات السفر الفارهة، تؤرخ لبدء تلك الظاهرة بين شهري مايو ويونيو الماضيين، بالتزامُن مع تدشين عمليات التلقيح واسعة النطاق بالولايات المتحدة، والتراجع عن الإغلاق في البلدان الأوروبية.
بدورها، تمثل بعض الرحلات وجهات مضمونة أكثر من غيرها، فعلى سبيل المثال تمثل اليونان وجهة أكثر ضماناً من هاواي، كذلك المكسيك وجزر الكاريبي، أما البرتغال، فحينما حلت على بعض قوائم "الرحلات المتراصة" كانت وجهة أقل احتمالية للتحقق، لتدعمها رحلة لولاية فلوريدا الأميركية أكثر قابلية للتحقق.
وفيما يُعد إلغاء الرحلات خياراً منطقياً لغالبية المسافرين عند دنو موعد الرحلة ووقوع الاختيار على رحلة بعينها، يفضل البعض الإبقاء على فرص السفر الأخرى بالدفع بمواعيد الرحلات البديلة لأجل آخر.
رابحون وخاسرون
وبينما قد يبدو الأمر من وجهة نظر المسافرين كورقة رابحة، إذ سيتمكنون في النهاية من قضاء عطلاتهم السنوية بدلاً من الإحباط في واحدة من الوجهات التي خططوا لها مسبقاً، إلا أن ذلك يمثل جانباً واحداً من المعادلة، فعلى الجانب الآخر هنالك رابحون وخاسرون في سياق صناعة السفر.
وبحسب تقرير لمجلة "فوربس"، فإن تكديس الرحلات كحيلة، من صنيعة وُكلاء السفر، الذين يستفيدون في جميع الأحوال. ونقلت المجلة تصريحات للرئيس التنفيذي لشركة أفينيو تو ترافل، جوشوا بوش، قال فيها إنه ابتكر سياسة "تكديس الرحلات" أثناء الجائحة، مستفيداً من سياسات الإلغاء المرنة لحجز رحلتين أو أكثر في الوقت نفسه، فيما تُعد غالباً الرحلات البديلة مرشحة لإعادة النظر فيها لاحقاً.
على الصعيد الآخر، فإن خطوط الطيران أقل حظاً، فبحسب "نيويورك تايمز"، فإن القائمين تطبيق "هوبر" لحجز رحلات الطيران قد رصدوا زيادة ملحوظة في استخدام الخواص التي تتيح للمسافرين الإلغاء أو إعادة حجز الرحلات بدون غرامات، مثل خيار "الإلغاء لأي سبب" الذي زاد الطلب عليه بنسبة 54% في الأشهر الأخيرة، وإمكانية "إعادة الحجز" التي شهدت رواجاً بنسبة 50% منذ الربيع.
أما الفنادق، بدورها تشهد تأزماً بسبب ذلك الاتجاه، وقد صرح تيم هينتشل، المدير التنفيذي لتطبيق السفر هوتل-بلانر لمنصة "إنترناشونال بيزنس تايمز"، أن الاستمرار في تلك السياسة قد يعني أن الفنادق وخطوط الطيران قد تكون مضطرة لرفع أسعارها في الفترة المقبلة لمواكبة الأمر واحتمالية الإلغاء الدائمة، وهو ما يجب على المسافرين التعامل معه كضريبة العثور على عطلة مضمونة في آخر لحظة.