رئيس وزراء إيطاليا يزور الجزائر الاثنين لزيادة واردات الغاز

time reading iconدقائق القراءة - 7
فني في محطة لمعالجة الغاز على بعد حوالي 1200 كلم جنوب الجزائر العاصمة- 14 ديسمبر 2008 - REUTERS
فني في محطة لمعالجة الغاز على بعد حوالي 1200 كلم جنوب الجزائر العاصمة- 14 ديسمبر 2008 - REUTERS
الجزائر-أمين حمداوي

أعلنت الحكومة الإيطالية الأحد، أن رئيس الوزراء ماريو دراجي سيزور الجزائر، الاثنين، للقاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وسط توقعات بأن تشهد الزيارة توقيع اتفاق بشأن استيراد الغاز.

وقال مصدر جزائري مطلع طلب عدم الكشف عن هويته لـ"الشرق"، إن الطرفين الجزائري والإيطالي سيوقعان اتفاقاً لزيادة واردات روما من الغاز الجزائري دون تقديم تفاصيل أكثر.

وتأتي زيارة دراجي المنتظرة بعد أسبوع من زيارة قام بها المدير العام لمجمع "إيني" الإيطالي كلوديو ديسكالزي إلى الجزائر، بحث خلالها مع المدير العام للشركة الجزائرية للمحروقات "سونطراك" توفيق حكارك إمداد إيطاليا بالغاز والمبادرات قصيرة ومتوسطة المدى التي من شأنها أن تسهم في الرفع من إمدادات الغاز لإيطاليا عبر خط أنابيب نقل الغاز "ترانسماد/ إنريكو ماتي".

وتربط شركة "سونطراك" الجزائرية و"إيني" الإيطالية 3 عقود لتصدير الغاز، وذلك حتى عام 2049، بحيث تسمح بتسويق الغاز الطبيعي الجزائري نحو السوق الإيطالية.

وفي 2019 وقعت الشركتان عقوداً لتوريد الغاز لإيطاليا تمتد 10 سنوات، اعتباراً من 2020، وبكميات تتراوح بين 9 مليارات و10 مليارات متر مكعب سنوياً.

تعويض الغاز الروسي

ومع تواصل الحرب في أوكرانيا تحولت الجزائر التي تعد واحدة من أقرب الدول المصدرة للغاز من خارج أوروبا إلى وجهة للمسؤولين الغربيين، في محاولة للاستعانة بها لتخفيف الاعتماد على إمدادات الطاقة الروسية إلى أوروبا.

ومنذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا زار الجزائر كل من وزراء خارجية إيطاليا والبرتغال وسلوفينيا والولايات المتحدة، لحثها على زيادة كميات الغاز نحو أوروبا، وذلك رغم إعلانها عدم قدرتها على تعويض القارة التي تبحث عن بدائل للغاز الروسي.

وبحسب شركة "سونطراك" للمحروقات تحتوي الجزائر حالياً على بعض المليارات من الأمتار المكعبة الإضافية من الغاز التي لا يمكن أن تكون بديلاً للغاز الروسي.

لكنها نبهت إلى أنه ومن خلال وتيرة الاستكشافات الحالية، فإن قدرات الجزائر ستتضاعف في غضون 4 سنوات، ما يُنبئ بآفاق واعدة مع الزبائن الأوروبيين.

وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022، حقق مجمع "سوناطراك" 3 اكتشافات جديدة لحقول نفطية، ويعتزم استثمار 40 مليار دولار ما بين 2022 و2026 في مجال الاستكشاف والتنقيب والإنتاج.

إحياء خط "جالسي"

لم يستبعد مدير الدراسات بوزارة الطاقة الجزائرية سابقاً عبد الرحمن مبتول في حديث لـ"الشرق"، أن تكون زيارة رئيس الوزراء الإيطالي في إطار  جهود لإعادة تفعيل مشروع "جالسي"، وهو خط أنابيب لنقل الغاز تبلغ طاقته 8 مليارات مكعب توقف بسبب تراجع الطلب الإيطالي للغاز، والذي اشترطت الجزائر للاستثمار فيه توقيع عقود طويلة المدى.

وبخصوص إمكانية رفع إمدادات الغاز نحو أوروبا أوضح مبتول أنه على المدى القصير، يمكن للجزائر زيادة صادراتها بمقدار (3/4 مليار متر مكعب) من الغاز، بشكل رئيسي، من خلال شركة "ترانسميد" عبر إيطاليا، والتي تعمل بنسبة 60٪ من طاقتها.

لكنه أشار إلى أنه "سيكون من الضروري مراعاة الاستهلاك المحلي القوي، والذي يُمثل ما يقرب من 40٪ من الصادرات"، في إشارة إلى الضرورة الملحة لتحول الطاقة.

ولفت مبتول إلى أن أحد الحلول لزيادة إمدادات الغاز نحو أوروبا هو الإسراع في إنجاز مشروع خط أنابيب الغاز بين نيجيريا وأوروبا، عبر الجزائر، بطاقة 33 مليار متر مكعب من الغاز، مشيراً إلى أنه وفقاً للدراسات الأوروبية عام 2019، فإنه يكلف 20 مليار دولار فضلاً عن موافقة الاتحاد الأوروبي.

وأوضح أنه لزيادة تصدير الغاز لأوروبا بحلول 2027، فإنه يمكن تطوير النفط والغاز الصخري، فوفقاً للدراسات الأميركية تمتلك الجزائر خزاناً في العالم الثالث يقارب 19 ألفاً و500 مليار متر مكعب من الغاز، لكنه نبه إلى أن ذلك يتطلب استثمارات ضخمة مع إتقان التكنولوجيا التي تحمي البيئة.

زيادة الإنتاج

بدوره، قال الخبير في شؤون الطاقة محمد سعيد بغول في تصريح لـ"الشرق"، إن زيادة تدفقات الغاز لأوروبا مرتبطة بزيادة الإنتاج في الجزائر ما يتطلب استثماراً أجنبياً  يقوم على شراكة رابحة.

ووفقاً لبغول وهو المدير السابق للاستكشافات بشركة "سونطراك"، فإنه يمكن لإيطاليا أن تستفيد من رفع حصصها من الغاز الجزائري على المدى المتوسط والطويل في حال توقيع اتفاقيات شراكة  لاستثمارات تهدف لرفع إنتاج الغاز، خاصة أن  إيطاليا تسعى لتحقيق الاستقلال في الطاقة والحد من اعتمادها على الغاز الروسي.

ونبه إلى أنه يشترط  لأي زيادة في كميات الغاز المصدر إلى أوروبا ألا تؤثر على الاحتياجات المحلية، مذكراً في السياق ذاته بأن الجزائر تنتج سنوياً ما بين 125 إلى 130 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز يتم تصدير ثلثه في حين يوجه الثلث للاستهلاك الداخلي، والثلث الأخير يستخدم في حقن أنظمة الإنتاج في حقول البترول والغاز القديمة بالجزائر.

وأعربت الجزائر وإيطاليا الأسبوع الماضي عن رغبتهما المشتركة في تسريع تطوير مشاريع بترولية وغازية جديدة بمنطقة بركين جنوب ضمن العقد الذي دخل حيز التنفيذ في 6 مارس الماضي.

وبحسب بيان لـ"سونطراك" الجزائرية ستسمح الأنشطة المبرمجة بزيادة الإنتاج بداية من هذا العام، إذ ينتظر أول إنتاج خلال شهر يوليو، أي بعد 3 أشهر فقط من دخول هذا العقد حيز التنفيذ.

حسابات دبلوماسية

وبقدر ما تبدو الظروف الدولية الحالية في ظل الحرب الروسية الأوكرانية مناسبة لتعميق الشراكة مع أوروبا في مجال الطاقة،فإن الجزائر لا تنظر إلى ملف زيادة إمدادات الغاز كمسألة تقنية وتجارية بحتة، إذ تطغى عليه الحسابات السياسية والدبلوماسية، فهي لا تريد أن تُقرأ أي زيادات للغاز نحو أوروبا في الوقت الحالي على أنها ضد حليفها الاستراتيجي روسيا.

وفي هذا الشأن قال الكاتب صابر بليدي، إن الجزائر تحاول التعامل مع هذه المعطيات وفق مقاربة   تجمع بين المصالح الاستراتيجية والبراجماتية التجارية لتحقيق عائدات اقتصادية.

وتطرح الجزائر نفسها كطرف يتخذ مبدأ عدم الانحياز لضمان موقع آمن لمصالحها، في حال حدوث أي تطورات في القضية الروسية الأوكرانية في المستقبل.

من جانب آخر، أوضح بليدي في حديث لـ"الشرق"، أن بلاده تنظر إلى توريد الغاز كورقة ضغط سياسي يمكن إشهارها ضد إسبانيا بعد موقفها الأخير الداعم لطرح المغرب إقامة حكم ذاتي في الصحراء.

ولوحت الجزائر بمراجعة أسعار الغاز المُصدر نحو إسبانيا، وفق تصريح سابق لتوفيق حكار المدير العام "لسونطراك" الجزائرية، وذلك في سياق توتر دبلوماسي بين الجزائر ومدريد بشأن قضية الصحراء.

وكانت الجزائر استدعت في مارس الماضي، سفيرها من مدريد احتجاجاً على ما وصفته بالتحول المفاجئ من الحكومة الإسبانية إزاء ملف الصحراء.

تصنيفات