Open toolbar

طائرة مروحية تابعة للجيش العراقي تحلق خلال عملية "الإرادة الصلبة" العسكرية ضد مسلحي تنظيم "داعش" في صحراء الأنبار. 23 أبريل 2022 - REUTERS

شارك القصة
Resize text
بغداد -

دخل الموت ذات ليلة من ديسمبر منزل جبار علوان، حينما هاجم عناصر من تنظيم "داعش" قريته الواقعة في وسط العراق، فتكوا برجال شرطة وعسكريين ومدنيين، من بينهم ابنه وحفيده وابنا عمّه، وفق روايته.

بحقولها الهادئة، كانت قرية ألبو بالي الواقعة على بعد سبعين كيلومترا شمال بغداد، تعيش في سلام، وفق ما يروي الشيخ خالص رشيد، أبرز وجهاء القرية التي يقطنها خمسة آلاف نسمة، لوكالة "فرانس برس"، مضيفاً أن "القرية كانت تعيش بشكل عام على الزراعة، لكن فيها أطباء وموظفين". 

لكن هذا الهدوء تبخّر منتصف ديسمبر، عندما رُصدت مجموعة من عناصر تنظيم "داعش" على طريق زراعي مؤدٍ إلى القرية. 

هجمات متقطعة

قبل خمس سنوات، كانت الحكومة العراقية أعلنت "الانتصار" عسكرياً على المتطرفين عام 2017، ومذّاك، غابت الهجمات الكبيرة عن العراق، لكن خلايا للتنظيم لا تزال تشنّ بشكل متقطّع، عمليات ضد قوات الأمن والمدنيين. 

ويروي عباس مظهر حسين، أحد سكان القرية البالغ من العمر 34 عاماً، أنه عند "الساعة الثامنة والربع مساءً، بدأ إطلاق النار بشكل عشوائي.. وسقط شهداء وجرحى". 

سقط في الهجوم 8 أشخاص وأصيب 6 آخرون بجروح، جميعهم مدنيون، من بينهم ابن وحفيد وابنا عمّ جبار علوان الذي يعيش في مزرعة واقعة عند أطراف القرية. 

ويقول الرجل المسنّ فيما امتلأت عيناه بالدموع "الإحساس مؤلم جداً، لم نكن نتوقع هذا". 

أما جاره علي منوار، فلا يزال يحمل على رقبته ندوباً جراء رصاصات اخترقتها أثناء الهجوم. ويقول "سمعت طلقات نارية، خرجت ورأيت ابن أخي ملقى على الأرض". 

فيما كان علي منوار يغلق بوابته ليحتمي من الهجوم، أطلق عناصر تنظيم "داعش" رصاصاتهم. فخدشت واحدة منها رقبته، وأخرى اخترقت سور منزله الحجري، مخلفةً حفراً صغيرة بحجم قطعة نقدية كل منها. 

وفرّ التطرفون بسهولة بعد الهجوم. 

عمليات انتقامية

كما غالبية العراقيين، ينتمي سكان ألبو بالي إلى المذهب الشيعي الذي ينظر إليه عناصر تنظيم "داعش"  على أنه "كفر". وتبنى تنظيم "داعش" الهجوم على القرية. 

وفي بيان نشروه عبر تليجرام، لم يتحدث المتطرفون عن مدنيين، بل قالوا إنهم استهدفوا "ميليشيات رافضية مرتدة"، في إشارة إلى الحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل مسلحة حليفة لإيران باتت منضويةً في المؤسسات الرسمية.

وأثار الهجوم الرعب في بلد لا يزال يتعافى من عقود طويلة من الحروب. ويقول الشيخ خالص رشيد إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني "اتصل بي وقال إن ما أطلبه هو الامتناع عن أي ردة فعل" درءاً للعنف.

وهناك مخاوف من أن يقوم السكان الشيعة، بعمليات انتقامية في بعض القرى السنية المجاورة التي يتهمون سكانها بالتساهل مع تواجد عناصر تنظيم داعش في المنطقة. 

ويقول عقيد في الشرطة العراقية فضّل عدم الكشف عن هويته، إن "الإرهابيين يختبئون في المناطق الريفية ويواصلون شنّ الهجمات بشكل متفرق". 

"عمليات عصابات"

ويشرح عدي الخدران، وهو قائم مقام قضاء الخالص حيث تقع ألبو بالي، إن المنطقة أصبحت "منطقة عبور" للمتطرفين. ويضيف أن "الحدود غير ممسوكة" بين محافظته ديالى ومحافظة صلاح الدين المجاورة، وتحولت إلى ممّر باتجاه مناطق إقليم كردستان "غير الآمنة"، كما يقول. 

وبحسب تقرير لمجلس الأمن الدولي نشر في يوليو 2022، يملك التنظيم "ما بين ستة آلاف إلى عشرة آلاف مقاتل منتشرين" بين سوريا والعراق يتركز معظمهم في المناطق الريفية، ويُقدّر أن "معظمهم مواطنون سوريون وعراقيون". 

ويضيف الخدران أن "داعش عبارة عن عمليات عصابات، اليوم داعش لا يقوم بعمليات عسكرية".  

ويقول إن "الخرق لم يحصل نتيجة ضعف القوات الأمنية" بل بسبب أن أعدادها لم تكن كافية. 

بعد الهجوم، نشر نحو 200 عنصر إضافي من الجيش والشرطة والحشد الشعبي في المنطقة، ووضعت كاميرات مراقبة في ألبو بالي، وفقاً لعقيد الشرطة. 

مع ذلك، لا يزال جبار علوان يخشى وقوع "هجوم آخر"، ويقول "هذا ليس الأخير". 

اقرأ أيضاً:

Google News تابعوا أخبار الشرق عبر Google News

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.