تصلّب بريطاني وإصرار أوروبي.. "بريكست" يسابق الوقت

time reading iconدقائق القراءة - 9
ميشال بارنييه، أبرز مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف "بريكست"، خلال محادثاته في لندن - 30 نوفمبر 2020 - REUTERS
ميشال بارنييه، أبرز مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف "بريكست"، خلال محادثاته في لندن - 30 نوفمبر 2020 - REUTERS
لندن – وكالات

كشف الاتحاد الأوروبي عن "خلافات هائلة" في محادثاته مع المملكة المتحدة لإبرام اتفاق تجاري بعد خروجها من التكتل (بريكست)، عند انتهاء المرحلة الانتقالية أواخر العام، فيما أكدت لندن أنها لن تغيّر موقفها التفاوضي.

المحرر السياسي في شبكة "آي تي في" البريطانية نقل عن عدة مصادر بريطانية قولها إنها يمكن أن ترى حلاً سياسياً للمأزق في المحادثات مع الاتحاد الأوروبي. واعتبرت المصادر البريطانية أن التوصّل إلى تسوية "في متناول اليد".

أما المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، فأكدت رفضها اتفاقاً مع لندن بأي ثمن، مشيرة إلى أن الوقت بات ينفد، كما أن دولاً في الاتحاد بدأت تفقد صبرها، وفقاً لما أفادت به وكالة "رويترز".

وتتمحور نقطتا الخلاف الأساسيتان حول حق سفن الصيد الأوروبية في دخول المياه البريطانية ومطالبة الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات تجارية، إذا أخلّ أي من الجانبين بالقواعد التنظيمية للمساعدات الحكومية للصيادين، كما أفادت وكالة "فرانس برس".

وأشارت وكالة "رويترز" إلى أن قيمة التبادل التجاري بين الجانبين تقارب تريليون دولار سنوياً، لافتة إلى أن اتفاقهما سيدعم السلام في إيرلندا الشمالية الخاضعة للحكم البريطاني. ونقلت عن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أنه يفضّل إبرام اتفاق، لافتاً إلى أن المملكة المتحدة ستزدهر من دون اتفاق، بعد إنهائها عضوية في الاتحاد دامت 48 عاماً.

بارنييه و"الإصرار"

ويجري ميشال بارنييه أبرز مفاوضي الاتحاد في ملف "بريكست" محادثات في لندن مع نظيره البريطاني ديفيد فروست. ونقلت "رويترز" عن بارنييه قوله، لدى سؤاله عن سبب للتفاؤل بشأن محادثاته مع البريطانيين، إن "هناك أسباباً للإصرار".

ونسبت الوكالة إلى مصدر في الاتحاد قوله إن المحادثات في لندن كانت "صعبة جداً"، متحدثاً عن "خلافات هائلة" بشأن الملفات الشائكة. وقال إن فريق الاتحاد سيبقى في العاصمة البريطانية، لإجراء مزيد من المحادثات في الأيام المقبلة.

في الوقت ذاته، قال ناطق باسم جونسون: "نريد أن نحاول التوصّل إلى اتفاق للتجارة الحرة في أقرب وقت، ولكننا أوضحنا أننا لن نغيّر موقفنا التفاوضي. على الرغم من إحراز تقدّم، لا يزال هناك اختلاف بشأن ملفات مثل مصايد الأسماك وتكافؤ الفرص بين الجانبين"، وفقاً لما نقلته "رويترز".

"الوقت ينفد"

وزير البيئة البريطاني جورج يوستيس قال إن "ديفيد فروست أوضح أننا نواصل المفاوضات لأننا ما زلنا نعتقد بأن هناك احتمالاً لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق، وفي هذه الحالة يجب أن نثابر على هذه المفاوضات". وأضاف في حديث لشبكة "سكاي نيوز": "الوقت ينفد. هذا الأسبوع حاسم. علينا تحقيق اختراق". وأشار إلى إمكان تمديد المفاوضات، إذا أحرز الجانبان تقدماً جيداً هذا الأسبوع.

وذكرت "رويترز" أن الصيد ساهم بنسبة 0.03% فقط من الناتج الاقتصادي لبريطانيا في عام 2019، ولكنها أشارت إلى أنه يشكّل مسألة عاطفية، إذ إن كثيرين من مؤيدي "بريكست" يعتبرونه رمزاً لاستعادة السيادة التي يأملون أن يجلبها "الطلاق" مع الاتحاد الأوروبي. وأضافت الوكالة أن قطاع الصيد، إضافة إلى معالجة الأسماك والمحار، يشكّل 0.1% من إجمالي الناتج المحلي للمملكة المتحدة.

"ارتباط نطاقي"

وتابعت الوكالة أن بريطانيا تريد "ارتباطاً نطاقياً" للاتفاق على إجمالي الصيد المسموح به في مياهها، وهذه خطوة تمنحها حصة أكبر بكثير مما لو استُخدمت الحسابات استناداً إلى اقتراحات الاتحاد.

وقال يوستيس لراديو "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي): "كل ما نطلبه هو أن تكون هناك مفاوضات سنوية مبنية على العلم، وأن يكون هناك تحرّك نحو منهجية مشاركة أكثر عدلاً وعلمية، وهذا يُسمى الارتباط النطاقي".

وأضاف: "بموجب هذا التحليل، لا يمكننا الآن الوصول سوى إلى نحو نصف الأسماك الموجودة في مياهنا. وهذا غير عادل إلى حد كبير بالنسبة إلى صيادي الأسماك. أوضحنا طيلة الوقت وجوب تغيير ذلك".

في المقابل، قال الناطق باسم المفوضية الأوروبية دانيال فيري: "نركز بشكل كامل الآن على مفاوضات بريكست. إذا كانت هناك حاجة إلى إجراءات طوارئ، فستكون محدودة ومصممة وفقاً لظروف محددة جداً، وستُتخذ في الوقت المناسب لضمان استعدادنا التام لمطلع يناير" 2021.

محورية ملف الصيد

وزير الخارجية الإيرلندي سايمون كوفيني اعتبر أن ملف الصيد هو أصعب المتبقي في المحادثات مع بريطانيا. وأضاف: "إذا لم يكن هناك اتفاق على الصيد، فإن الأمر برمته يمكن أن يسقط، وهذا مصدر القلق".

ورجح أن تدرك الحكومة البريطانية أن الصفقة لن تُبرم من دون اتفاق بشأن المساعدة التي تقدّمها الدولة وآلية تسوية النزاعات، كاشفاً أنها تحاول فصل الصيد عن الملفات الأخرى. وزاد: "إذا أرادت المملكة المتحدة إبرام صفقة، فهناك اتفاق يجب إنجازه. وإذا أرادت المملكة المتحدة استخدام السمك ذريعة لعدم عقد اتفاق، فقد يحدث ذلك أيضاً".

استقلال اسكتلندا

بموازاة "بريكست"، قد تواجه المملكة المتحدة جبهة أخرى قريباً، إذ لم تستبعد رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن أن ينظم الإقليم، العام المقبل، استفتاء ثانياً على استقلاله، علماً أنه سيشهد انتخابات نيابية في مايو المقبل.

ورفض الاسكتلنديون الاستقلال، في استفتاء نُظم عام 2014، لكن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتعامل حكومتها مع أزمة فيروس "كورونا" المستجد عززا دعماً للانفصال، إذ تظهر استطلاعات للرأي أن الغالبية في الإقليم تؤيد تفكيك المملكة المتحدة، وفق رويترز.

تجدر الإشارة إلى أن تنظيم الاستفتاء على الاستقلال يحتاج إذناً من لندن، لكن جونسون اعتبر أن تصويت 2014 كان حاسماً، فيما رفضت حكومته إجراء استفتاء آخر قريباً.

لكن ستورجن التي تتزعم "الحزب الوطني الاسكتلندي" المؤيد للاستقلال، قالت إنها تريد استفتاء آخر "في الجزء الأول من الدورة المقبلة للبرلمان الاسكتلندي، بدل جزئه الأخير". ورفضت استبعاد احتمال تنظيم استفتاء في خريف 2021. وقالت لشبكة "سكاي نيوز": "لا أستبعد أي شيء ولا أفترض حصول أي شيء".

وعلّقت على إمكان أن يمنع جونسون تنظيم استفتاء ثانٍ، وقالت لراديو "بي بي سي" إن القضاء لم يبتّ في مسألة "هل يتمتع البرلمان الاسكتلندي بصلاحية إجراء استفتاء بصرف النظر عما تقوله" الحكومة البريطانية. وتابعت: "ما هو غير مشروع أو غير مقبول، في رأيي، أن يقول جونسون إن ليس من حق الشعب الاسكتلندي أن يقرر"، علماً أن معظم الاسكتلنديين صوّتوا لمصلحة البقاء في الاتحاد الأوروبي.

وشددت ستورجن على "وجوب أن يكون البلد الذي نعيد بناءه هو الذي تريد غالبية الاسكتلنديين رؤيته، وليس ذاك الذي على شاكلة بوريس جونسون وجماعته من أنصار بريكست".