"نوبك" يُقلق شركات النفط الأميركية.. وتحذيرات من "مخاطر"

time reading iconدقائق القراءة - 6
مبنى الكونجرس الأميركي في العاصمة واشنطن 29 ديسمبر 2021 - Getty Images via AFP
مبنى الكونجرس الأميركي في العاصمة واشنطن 29 ديسمبر 2021 - Getty Images via AFP
واشنطن/ دبي -الشرق

أثار مشروع قانون "نوبك" الذي يسمح للولايات المتحدة برفع دعاوى قضائية ضدّ دول من "مجموعة الدول المصدرة للنفط" (أوبك) وحلفائها أمام محاكم اتحادية، قلقاً في أوساط صناعة البترول الأميركية، في وقت اعتبر مشرع أميركي في تصريح لـ"الشرق"، أن أفضل طريقة لخفض الأسعار هي زيادة الإنتاج محلياً.

وأكد "معهد البترول الأميركي"، وهو  أكبر تكتل في قطاع صناعة النفط في الولايات المتحدة، معارضته لمشروع قانون "لا لتكتلات إنتاج وتصدير النفط" المعروف اختصاراً بـ"نوبك"، محذراً من تداعياته على المصالح الأميركية وصناعة النفط والغاز في الولايات المتحدة.

وقال المعهد في رسالة وجهها إلى رئيس اللجنة القضائية السيناتور ريتشارد دوربين وكبير أعضائها السيناتور تشاك جراسلي، وحصلت "الشرق" على نسخة منها، إنَّ هذا القانون "يجعل المصالح الدبلوماسية والعسكرية والتجارية للولايات المتحدة عرضة لمخاطر كبيرة ومضرة، مع احتمالية أنْ يكون تأثيره محدوداً على مخاوف السوق التي كانت الدافع وراء تشريعه".

وشدَّد المعهد على أنَّ مشروع القانون "ينذر بعواقب وخيمة وغير مقصودة على صناعة النفط والغاز الأميركية، ونجاحها المستمر في الحد من الآثار السلبية لأوبك على السوق"، بحسب تعبير المعهد الأميركي.

زيادة الإنتاج

من جهته، اعتبر عضو مجلس الشيوخ جون كورنين، في تصريح لـ"الشرق"، أنه "إذا أردنا فعلاً التعامل مع أسعار النفط عند المستهلك النهائي"، في إشارة إلى الأميركيين، "فيجب علينا أن ننتج المزيد من النفط والغاز هنا في أميركا". 

ووفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، تضاعف إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام منذ عام 2010، كما ارتفع إجمالي سحوبات الغاز الطبيعي بنحو 55.2%.

وتوقعت الإدارة زيادة الإنتاج بـ800 ألف برميل من النفط الخام في 2022، و900 ألف برميل إضافية يومياً من النفط الخام في 2023، بما يتجاوز المتوسط القياسي السابق.

وقال المعهد إنَّ هذا الإنتاج المتزايد "يوفر مزايا للشعب الأميركي، ويمكن أن يقلل بشكل كبير من تأثير دول أوبك"، و"هما هدفان أساسيان لمشروع القانون"، لافتاً إلى أنَّ "نوبك يعرض للخطر قدرة الشركات الأميركية على التقدم في تحقيق هذين الهدفين".

"إجراءات مماثلة"

واعتبر المعهد أنَّ المشروع يمثل "عملاً سياسياً يهدف لإزالة الحصانة السيادية التي تحمي الدول من الدعاوى القضائية، وهو ما يفتح الباب أمام إجراءات مماثلة أو حتى إضافية من طرف الدول المتأثرة بمشروع القانون".

وأضاف: "من الواضح أن هذا سيكون له تأثير سلبي على عمليات الولايات المتحدة واستثماراتها في هذه الدول، مما قد يؤدي في ظل البيئة الجيوسياسية الحالية إلى عواقب كبيرة وغير مقصودة"، وهي المخاوف نفسها التي أبداها محللون، وفقاً لوكالة "رويترز".

وأفادت الوكالة بأن القطاع يتخوف من أن يؤدي مشروع القانون في نهاية المطاف إلى زيادة إنتاج "أوبك" عن حاجة السوق، ما قد يُخفض الأسعار بدرجة تجد معها شركات الطاقة الأميركية صعوبة في تعزيز الإنتاج.

ولدى السعودية ودول أخرى من أعضاء "أوبك" بعض من أرخص الاحتياطيات النفطية وأسهلها في الاستخراج، كما أن الطاقة الإنتاجية لديها لم تصل إلى مستوياتها القصوى.

وقالت مجموعة "كلير فيو إنرجي بارتنرز" البحثية في مذكرة إن أي ضخ إضافي للنفط من منتجي "أوبك"، حتى في وقت تهيمن عليه المخاوف من نقص إمدادات روسيا "قد يُجمد أنشطة الحفر في الولايات المتحدة، ما قد يُعرض للخطر أمن الطاقة المحلي وكذلك انتعاش الاقتصاد المحلي".

وقد ترد دول "أوبك" بأشكال أخرى على هذا القانون إذا ما أقر، ففي عام 2019، على سبيل المثال، هددت السعودية ببيع نفطها بعملات غير الدولار إذا ما أقرت واشنطن نسخة سابقة من مشروع قانون "نوبك".

ومن شأن ذلك تقويض وضع الدولار كعملة احتياط رئيسية في العالم، ما يخفض من نفوذ واشنطن على التجارة العالمية ويضعف من قدرتها على فرض عقوبات على دول أخرى.

موقف البيت الأبيض

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي، الخميس، إنَّ الإدارة الأميركية لديها مخاوف من "التداعيات المحتملة والعواقب غير المقصودة" للتشريع، لا سيما في ظل أزمة أوكرانيا، مضيفة أنَّ البيت الأبيض يدرس مشروع القانون.

ويهدف مشروع القانون إلى "حماية المستهلكين والشركات في الولايات المتحدة من الارتفاعات المتعمدة في أسعار البنزين وزيت التدفئة". ويحظر على أي دولة أجنبية الانخراط في عمل جماعي يؤثر على السوق أو العرض أو السعر أو توزيع النفط أو الغاز الطبيعي أو أي منتج بترولي آخر في الولايات المتحدة.

كما يحظر مشروع القانون العمل الجماعي لتحديد سعر هذه المنتجات، والعمل الجماعي للحد من إنتاجها أو توزيعها. 

كما سيُدخِل مشروع قانون "نوبك" المقدم من الحزبين الأميركيين الرئيسيين (الجمهوري والديمقراطي) تعديلات على قانون مكافحة الاحتكار الأميركي، بهدف إلغاء الحصانة السيادية التي تحمي منظمة "أوبك" وشركات النفط الوطنية في دولها الأعضاء من الدعاوى القضائية.

ولم يتضح بعد كيف يمكن لمحكمة اتحادية تنفيذ أحكام قضائية لمكافحة الاحتكار على دولة أجنبية، لكن العديد من المحاولات لسن قانون "نوبك" على مدى أكثر من 20 عاماً أثارت القلق.

وفشلت نسخ من التشريع في الكونجرس على مدار أكثر من عقدين. لكن قلق المشرعين يتزايد من ارتفاع التضخم المدفوع بعض الشيء بأسعار البنزين في الولايات المتحدة، والذي سجل لفترة وجيزة مستوى قياسياً فوق 4.30 دولار للجالون هذا الربيع، وتأثيره على نتائج الانتخابات النصفية في نوفمبر المقبل.

ويحتاج مشروع القانون لأن يقره مجلسا الشيوخ والنواب، ثم يوقعه الرئيس جو بايدن ليصبح قانوناً.

تصنيفات