كيف واجهت الشرطة الأميركية اقتحام الكابيتول قبل 53 عاماً؟

time reading iconدقائق القراءة - 10
سيارة تنقل عدداً من الجنود إلى مبنى الكابيتول في واشنطن. 5 أبريل 1968 - AFP
سيارة تنقل عدداً من الجنود إلى مبنى الكابيتول في واشنطن. 5 أبريل 1968 - AFP
دبي-الشرق

لم تكن أحداث اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير الجاري، من قبل أنصار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، هي الأولى، إذ سبقتها حادثة مماثلة قبل 53 عاماً، ولكن تصدت لها الشرطة الأميركية.

وفي أبريل عام 1968، شهد مبنى الكابيتول، المقر الرئيسي للسلطة التشريعية الاتحادية في الولايات المتحدة، أحداثاً مماثلة لما حدث في 6 يناير، نستعرضها في هذا التقرير، كما نستعرض كيف واجهتها الشرطة.

"حرس الكابينة".. وأحداث 1968

وبحسب ما أورده موقع "مونيتور" الإخباري، غطت النيران العاصمة واشنطن في عام 1968، بعد اغتيال مارتن لوثر كينغ جونيور، المناضل الحقوقي والذي يٌعد "زعيماً مناصراً لذوي البشرة السمراء". لكن في ذلك الوقت، كانت الخطط التفصيلية، منسقة بين الوكالات الفيدرالية والمحلية، ما أسهم في منع اندلاع أحداث عنف في مبنى الكابيتول.

وبعد صيف طويل من أعمال الشغب في عام 1967، اتخذ الرئيس ليندون جونسون آنذاك، إجراءات صارمة للتحضير لاضطراب محتمل في واشنطن، إذ أنشأ المدعي العام رامسي كلارك، وحدة استخبارات سرية داخل وزارة العدل لجمع المعلومات عن النشطاء من ذوي البشرة السمراء، لتنسيق الردود بشكل أفضل مع الدولة والمسؤولين المحليين.

 ومنح جونسون أيضاً، الإذن للجيش الأميركي بإجراء عملية مراقبة خاصة به، فيما كلف مكتب وزير الدفاع بإصدار خطط مكافحة الشغب. واعتمدت خطة الجيش اللاحقة التي أطلق عليها اسم "عملية حرس الكابينة"، على وحدات عسكرية جيدة الإعداد ومدربة على تقنيات مكافحة الشغب ومخصصة لمراكز شرطة معينة.

وبعد ساعات من بدء أعمال الشغب بالعاصمة في 4 أبريل 1968، "نفذ المسؤولون الفيدراليون عملية حرس المقصورة. وبعد ذلك بفترة وجيزة، تشاور عمدة العاصمة والتر واشنطن، مع نائب المدعي العام وارن كريستوفر، الذي قدم للرئيس أمراً تنفيذياً وإعلاناً ضرورياً للسماح باستخدام القوات الفيدرالية وإضفاء الطابع الفيدرالي على الحرس الوطني للمقاطعة".

ووفقاً للموقع، فإن الجهات الأمنية "تملك مخططاً قوياً متيناً منذ أكثر من 50 عاماً"، لكن أحداث 6 يناير، كشفت فشل الحكومة الفيدرالية في التعامل بجدية مع الأمر وعدم رغبتها في استخدام الأدوات المتاحة للتخطيط ونشر القوات لحماية مبنى الكابيتول من التهديدات التي أطلقها اليمين المتطرف.

اعتقال 7500 شخص

وساعدت الخطة، ضباط الشرطة والحرس الوطني على ضبط النفس، على الرغم من اعتقال 7500 شخص واستدعاء 15 ألف جندي، ووفاة 13 أميركياً، بينهم اثنان أطلقت الشرطة النار عليهما.

وبالإضافة إلى أعمال الشغب، حرص كل من مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" ووزارة العدل على متابعة حملة وطنية لمكافحة الفقراء، أعلنها كينغ في ديسمبر 1967. 

وفي غضون ذلك، دفعت أعمال الشغب تلك، وزارة العدل إلى توسيع قدراتها الاستخباراتية لتقديم معلومات أكثر دقة حول أنشطة الجماعات المسلحة في المدينة، بالإضافة إلى أولئك المتجهين إلى واشنطن من أجل حملة الفقراء.

 وفي الشهر الفاصل بين أعمال الشغب وحملة الفقراء التي كانت مقررة في مايو من العام ذاته، عمل كلارك على تحسين التنسيق بين مسؤولي العاصمة وولايتي ماريلاند وفيرجينيا، بشأن حظر التجول ومراقبة حركة المرور وبيع الأسلحة والغاز.

ومن خلال التنسيق المشترك، أبقت وزارة العدل أعينها على مواطنين من البشرة السمراء "يُعتقد أنهم كانوا يعتزمون السفر إلى واشنطن للمشاركة في مظاهرات خلال الحملة".

وعلى الرغم من إحتمالية عدم صدقية المعلومة آنذاك، إلا أن الشرطة أوقفت 77 من أصول إفريقية، كانوا سيحتجون على برنامج فائض غذائي موسع للفقراء. إذ وصل 150 ضابطاً من شرطة بارك والعاصمة إلى مكان الحادث، وألقوا 15 عبوة غاز مسيل للدموع على الحشد. 

وبحسب "مونيتور"، تؤكد الإجراءات التي تم اتخاذها خلال أعمال الشغب في عام 1968 على سهولة تنفيذ حملات منسقة للقانون والنظام، عندما تكون الأهداف من أميركيين ذي أصول إفريقية.

غياب التنسيق

ومنذ خسارة الرئيس ترمب في الانتخابات التي أُجريت في 3 نوفمبر الماضي، شجع مؤيديه الذين وصفهم بـ"الوطنيين"، على الخروج إلى واشنطن للاحتجاج.

وفي 19 ديسمبر الماضي، أي بعد خمسة أيام من انتهاء الهيئة الانتخابية إحصاء الأصوات في الولايات، أعلن ترمب عن حملة "أوقفوا السرقة"، إذ انتشرت وعود العنف علناً عبر الإنترنت من قبل المتطرفين اليمينيين.

وحتى أن مكتب "إف بي آي" في نورفولك "أصدر تحذيراً داخلياً صريحاً من أن المتطرفين كانوا يستعدون للسفر إلى واشنطن لارتكاب أعمال عنف وحرب"، وهي معلومات قال رئيس شرطة الكابيتول آنذاك إنه "لم يتلقها مطلقاً".

وأفاد مسؤولو وزارة الدفاع "البنتاغون"، أنه في الأيام التي سبقت أحداث الشغب، أكد الرئيس مراراً للكونغرس أن ضباطه "يمكنهم التعامل مع الحشود المتوقعة". 

إجراءات"خفيفة"

وكان عمدة العاصمة، موريل بوزر، دعا إلى اتخاذ إجراءات أمنية "أخف" للتجمع المؤيد لترمب، مما كانت عليه في احتجاجات الصيف الماضي من أجل العدالة العرقية".

واستغرق الأمر ساعات من أجل الرد المناسب، على الرغم من مناشدة أعضاء الكونغرس والموظفين، مساعدي الرئيس وحكام ولاية ماريلاند وفيرجينيا للحصول على المساعدة، حيث احتمى البعض في مواقع آمنة واختبأ آخرون تحت الأثاث.

وقال الخبير الشرطي، أليكس فيتالي لـ "مونيتور": "التهديدات من اليسار والأقليات العرقية دائماً ما تكون مبالغة، في حين أن التهديدات من اليمين ومن الجماعات القومية تتضاءل دائماً"، لافتاً إلى أن "تلك التفاوتات ترجع إلى التحيزات المؤسسية والضمنية ضد الأشخاص المختلفين من حيث لون البشرة". 

وأوضح لورين بيرلمان، الأستاذ المساعد للتاريخ بجامعة فلوريدا، أن "شرطة الكابيتول، المسؤولة عن الأمن في مبنى الكابيتول، تمتلك ميزانية سنوية تبلغ نصف مليار دولار وأكثر من ألفي ضابط محلف، ومع ذلك، كانت القوة لا تزال غير مستعدة لإدارة الأزمة".

وأضاف: "لم تكن شرطة الكابيتول، وحدها التي فشلت في وقف أحداث العنف في المبنى، إذ اختارت الحكومة الفيدرالية عدم استخدام الأدوات الموجودة تحت تصرفها للحد من عمل المتطرفين البيض".