"الميتافيرس".. خطة "فيسبوك" للتحول إلى عالم افتراضي عملاق

time reading iconدقائق القراءة - 7
مارك زوكربيرج أثناء استخدامه ألعاب الواقع المعزز - facebook/zuck
مارك زوكربيرج أثناء استخدامه ألعاب الواقع المعزز - facebook/zuck
القاهرة -محمد عادل

أعلن مارك زوكربيرج، مؤسس والمدير التنفيذي لشركة "فيسبوك"، أن شركته تسعى نحو التحول من شركة للخدمات الاجتماعية إلى شركة متخصصة في العوالم الافتراضية العملاقة (Metaverse) أي عالم يضم أكواناً متداخلة.

وقال زوكربيرج، خلال إعلان الشركة عن الأرباح الفصلية، إن "الميتافيرس" عبارة عن بيئة افتراضية يمكن من خلالها أن يتواجد شخص مع أشخاص آخرين في مساحات رقمية، وهي مساحات مجسمة يمكن للمستخدم التفاعل معها وكأنه بالفعل بداخلها، بدلاً من كونها مجرد مساحات افتراضية يشاهدها، وفقاً لما نشره موقع TechCrunch.

ما هو "الميتافيرس"؟

في حوار له منذ أسبوع مع موقع "ذا فيرج"، أوضح زوكربيرج وجهة نظره بشأن فكرة الـ"ميتافيرس"، التي وصفها بأنها أقرب إلى نسخة مجسدة من الإنترنت، بحيث يمكن للمستخدم أن يتفاعل مع المحتوى بشكل مباشر وكأنه داخله، يمكنه الرقص داخل فيديوهاته المفضلة، وليس مجرد المشاهدة.

وأضاف أن عالم "ميتافيرس" لا يمكن أن تؤسسه شركة واحدة أو تستطيع السيطرة عليه، فهو عالم مكون من عناصر لا نهاية لها، يمكن لجميع الشركات والمطورين وصناع المحتوى والمصممين التعاون معاً لإنشائه.

وأشار زوكربيرج إلى أن البعض يعتقد أن فكرة الـ"ميتافيرس" تشمل فقط محتوى الواقع الافتراضي، لكنه يرى أن الفكرة أشمل وأكثر رحابة، بحيث تشمل محتوى الواقع الافتراضي VR والمعزز AR، إلى جانب المحتوى المعروض على أجهزة الكمبيوتر PC والهاتف المحمول أيضاً، فالجميع يمكنه الاستمتاع والمشاركة في عالم الـ"ميتافيرس".

 عالم واحد يجمع كل شيء

وأشار زوكربيرج إلى أن "فيسبوك" تستثمر في تقنيات الواقعين المعزز والافتراضي بشكل كبير، خلال الفترة الماضية، وتحاول أن تتحرك بالمستخدمين تجاه عالم "ميتافيرس" يذيب الحدود الفاصل بين العوالم المختلفة، من واقع حقيقي وواقع AR وVR.

وقال مؤسس "فيسبوك" إن العالم الافتراضي العملاق الجديد لن يكون قاصراً فقط على الألعاب والتسلية، كما يظن البعض، لكنه سيكون عالماً يجمع المستخدم بمن يهتم لأمرهم، بحيث يعمل ويدرس ويتسلى ويقوم بجميع أمور حياته داخل هذا العالم، بشكل انسيابي وسريع، يمكنه التنقل بين جوانبه بسهولة وبشكل طبيعي، وكل ذلك من موضعه في العالم الحقيقي.

ولفت زوكربرج في حواره مع "ذا فيرج"، إلى أن عالم "ميتافيرس" فكرة قديمة تناولتها الروايات والسينما كثيراً، لكنه ركز بشكل خاص على رواية Ready Player One للكاتب إيرنست كلاين الصادرة في 2011، وحولها المخرج العالمي ستيفين سبيلبيرج إلى فيلم في 2017، معتبراً أنها جسدت الفكرة بشكل مميز.

استعداد مسبق

ويعد قطاع تقنيات الواقع الافتراضي على فيسوك "Oculus" هو النواة السليمة، التي من الممكن أن تبدأ من خلاله الشركة حلمها نحو عالم "ميتاڤيرس"، إذ وضعت "أوكيلوس" نصب أعينها تحقيق حلم "ميتاڤيرس" من اليوم الأول لتأسيسها في 2013، و أعلنها مؤسسوها بشكل واضح في إحدى التدوينات على موقع الشركة، عند استقبالها استثمارات بقيمة 75 مليون دولار في نهاية 2013.

 وتلا ذلك مباشرة في مارس 2014، إعلان "فيسبوك" الاستحواذ على الشركة الناشئة آنذاك، في صفقة قوامها 2 مليار دولار، وكانت "أوكيلوس" تعد ضمن أهم رواد سوق الواقع الافتراضي، ونجحت إدارة "فيسبوك" في استخدام "أوكيلوس" لإثبات جدارتها بالدخول كأحد اللاعبين الأساسيين في سوق النظارات الذكية.

وتعتبر نظارة أوكيلوس كويست 2 هي إحدى الركائز الرئيسية وراء إعلان "فيسبوك" نيته تأسيس عالم "ميتافيرس"، والسبب في ذلك أنها تحقق المعادلة الصعبة الخاصة بتقديم تجربة خالية من الأسلاك، إذ أن النظارة تعتمد على وحدة معالجة داخلية للتعامل مع البيانات والرسوميات، وتقدم حرية الحركة للمستخدم، إلى جانب تقديم عوامل الراحة عند ارتدائها لفترات طويلة.

ولم تغفل "فيسبوك" من خلال النظارة، متطلبات المحترفين من المصممين والمتخصصين في عالم الجرافيكس، إذ قدمت ميزة "Oculus Link" التي تتيح الحصول على تجربة أفضل وأكثر ثراءً وثباتاً في الاتصال بالإنترنت، من خلال توصيل النظارة مباشرة بجهاز كمبيوتر، كل ذلك مع نطاق حركة مريحة يصل إلى 5 أمتار.

ونجح قطاع أوكيلوس في جذب المطورين، الذين يعتبرون أهم عامل في أي عالم افتراضي أو نظام تشغيل، باعتبارهم المحرك الرئيسي لصناعة المحتوى الشيق الجاذب للجمهور، وبالتأكيد الصانع الأساسي للأرباح، إذ وصل عدد الألعاب المتوفرة داخل عالم نظارات "أوكيلوس" في فبراير الماضي، إلى 60 لعبة، من بينها 29 لعبة تجاوزت أرباحها مليون دولار، و10 ألعاب تجاوزت أرباحها 5 ملايين، و6 ألعاب تجاوزت أرباحها 10 ملايين دولار.

أين الخصوصية؟

هذه المزايا تجعل المستخدم يتخيل أن عالم "ميتافيرس" عالم وردي تتحقق فيه الأحلام، ولكن على المستخدم أن يحتاط وينتبه لخصوصيته، خاصة أن "فيسبوك" وضعت، العام الماضي شرطاً لاستخدام نظارات "أوكيلوس" هو أن يسجل المستخدم دخوله إلى النظارة عبر حسابه على "فيسبوك"، وبالتالي يتمكن "فيسبوك" من ربط بياناته وتفاصيل استخدامه بحسابه على المنصة الاجتماعية، وعند ذلك يسهل استهداف المستخدمين بالإعلانات في كل مكان.

وكان ذلك القرار مناقضاً لوعود "أوكيلوس" لجمهورها عند إتمام صفقة استحواذ العملاق الأزرق عليها في 2014.

وكانت التجربة الأولى لإظهار إعلانات "فيسبوك" أمام أعين مرتدي نظارات "أوكيلوس" ليست مبشرة، فبعد إعلان "فيسبوك" بدء تجربة عرض الإعلانات في بعض ألعاب "أوكيلوس"، شهدت لعبة "Blaston" أول لعبة تشترك في البرنامج التجريبي للإعلانات، موجة نقد وغضب من جانب لاعبيها بسبب إظهار الإعلانات داخلها، خاصة أنها لعبة مدفوعة وليست مجانية.

وأشارت الشركة المطورة للعبة "Resolution Games" إلى أنها تابعت ردود الفعل وقررت عدم عرض الإعلانات داخل لعبتها، لكنها أعلنت أنها ستجرب عرض الإعلانات في بعض ألعابها المجانية، مثل لعبة "Bait".

وبحسب ما نشره موقع مؤسسة الحدود الإلكترونية، تمثل المشاركة في عالم "ميتافيرس" من خلال نظارات الواقع المعزز والافتراضي مخاطرة كبيرة بخصوصية البيانات الحيوية للمستخدمين، لأن معدات العوالم الافتراضية حالياً قادرة على الحصول على بصمة عين المستخدم ووجهه وأصابعه، ما يجعل اختراق إحدى تلك البيانات وإساءة استخدامها، اختراقاً مادياً وجسدياً لجسم المستخدم نفسه، وبالتالي يؤثر على حياته بشكل سلبي، ويهدد خصوصيته في العالمين الحقيقي والافتراضي، ما يتطلب من المُشرعين والشركات التقنية العمل سوياً لوضع أُطر تنظم وتحمي المستخدم داخل ما يتحرك العالم نحوه مستقبلاً.. عالم "ميتافيرس".