دول جنوب شرقي آسيا تبحث عن توازن بين واشنطن وبكين

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال لقائهما في مانيلا - 6 أغسطس 2022 - Twitter/@bongbongmarcos
الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال لقائهما في مانيلا - 6 أغسطس 2022 - Twitter/@bongbongmarcos
دبي- الشرق

تلتزم دول جنوب شرقي آسيا الحذر بشأن التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين حول تايوان، وتسعى إلى تحقيق توازن في علاقاتها الوثيقة مع الجانبين، كما أوردت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.

وذكّرت الصحيفة ببيان أصدره الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور، تعليقاً على التوتر بشأن تايوان الشهر الماضي، اعتبر فيه أن زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي للجزيرة "لم ترفع حدة" الوضع السياسي المشحون بالفعل، مشدداً على أن التقلبات في المنطقة أظهرت أهمية علاقات بلاده مع واشنطن.

تصريحات ماركوس، التي أدلى بها بعد لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أدرجها مراقبون في إطار النأي عن الصين والتقارب مع الولايات المتحدة، بعد عهد سلفه رودريجو دوتيرتي.

وانتقد محللون مانيلا سابقاً، معتبرين أن خطابها مزدوج عندما يتعلّق الأمر بواشنطن وبكين. لكن هذا التحوّل في خطاب الفلبين وردّ الفعل الإقليمي اللاحق، شكّلا رمزاً للتحدي الذي تواجهه دول جنوب شرقي آسيا، فيما تحاول تحقيق توازن بين الضغوط المتنافسة التي تمارسها الصين والولايات المتحدة.

ورأى درو طومسون، وهو باحث زائر في كلية لي كوان يو للسياسة العامة بسنغافورة، أن تكثيف الصين ضغوطها على تايوان بعد زيارة بيلوسي، يجعل "تجاهل دول جنوب شرقي آسيا أخطار (حصول) نزاع في المضيق، مستحيلاً".

القواعد العسكرية في الفلبين

تبدو المعضلة أكثر وضوحاً في الفلبين، نظراً إلى قربها من تايوان. وشملت التدريبات بالذخيرة الحية التي نفذتها الصين أخيراً، جزءاً من "قناة باشي"، التي تقع في المنطقة الاقتصادية الخالصة للفلبين، وتبعد نحو 40 كيلومتراً عن أقرب جزرها.

وأشار خبراء إلى معاهدة الدفاع المشترك المُبرمة بين مانيلا وواشنطن، مرجّحين أن تسعى الولايات المتحدة لاستخدام القواعد العسكرية في الفلبين، إذا نشب نزاع في المنطقة.

وفي المقابل، ستتعامل الصين مع الفلبين بوصفها موقعاً محتملاً لشنّ عمل عسكري أميركي، بحسب "فايننشال تايمز".

وقال طومسون: "لا إجماع بين دول جنوب شرقي آسيا بشأن كيفية التخفيف من الأخطار، لكن الأغلبية تتفق على أنها لا تريد اختيار جانب أو المجازفة باستعداء الصين، إذ تدرك أن انتقامها سيكون غير متناسب" مع موقف تلك الدول.

بلينكن في مانيلا

سعت الولايات المتحدة إلى طمأنة حلفائها، كي تضمن قدرتها على استخدام قواعدهم وتتجنّب تقرّبهم من الصين.

وأبلغ بلينكن ماركوس أن الولايات المتحدة ستدافع عن الفلبين، إذا تعرّضت لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

واعتبر إرفيه لوماهيو، مدير الأبحاث بـ"معهد لوي" (مقره سيدني)، أن موقف ماركوس يشكّل تحوّلاً ضخماً، بعدما أعلن دوتيرتي "انفصال" الفلبين عن الولايات المتحدة وجعلها أكثر ارتباطاً بالصين.

وأضاف: "ثمة الآن إمكانية لأن يساعد (الفلبينيون) الولايات المتحدة".

أما الباحث ريتشارد حيدريان، الذي أعدّ كتاباً عن السياسة الخارجية التي انتهجها دوتيرتي، فرجّح أن "تدفع الولايات المتحدة إدارة ماركوس للتعويض عن الوقت الضائع، وتوسيع التعاون بطرق كان ممكناً أن تفعلها لو لم تنتخب الفلبين شخصاً مثل دوتيرتي" رئيساً.

سنغافورة و"مشاغبو" واشنطن

سعت بكين لإبلاغ دول المنطقة أن دعمها تايوان سيكون محفوفاً بالأخطار ومكلفاً، وشجّعت الحكومات والمواطنين على التنديد بالسلوك الأميركي، باعتباره استفزازياً.

وسجل السفير الصيني في سنغافورة، سون هايان، رسالة مصوّرة موجّهة مباشرة إلى سكان المدينة، أظهرت صوراً للانسحاب الفوضوي للولايات المتحدة من أفغانستان. وقال: "دعونا نتحدث علناً إلى هؤلاء المشاغبين معاً. لا! ليس هنا، ليس في موطننا".

وأشار وليام تشونج، وهو باحث بـ"معهد يوسف إسحاق" بسنغافورة، إلى مطالبة بكين بالسيادة على تايوان، قائلاً: "تمارس الصين مقداراً لا بأس به من الضغط من أجل الالتزام بنقاط الحوار الصينية، لا سيّما مع (مبدأ) صين واحدة".

وتتمتع سنغافورة، وهي دولة مدينة محايدة، بعلاقات جيدة مع الصين والولايات المتحدة، إضافة إلى علاقات مديدة مع تايوان.

وإذا اندلع نزاع، فسيتوجّب عليها مناقشة ما إذا كانت ستدعم عمليات بحرية أميركية أو تسمح لمقاتلات أميركية بالمرور عبر مياهها ومجالها الجوي. وقال لوماهيو في هذا الصدد: "سيراقب الصينيون سنغافورة فوراً".

تدريبات أميركية في إندونيسيا

ثمة دولة أخرى تحظى بأهمية جغرافية، هي إندونيسيا. ويتمتع قائد القوات المسلحة الإندونيسية، الجنرال أنديكا بيركاسا، بعلاقات ودية مع الولايات المتحدة، لكنه يبلغ سنّ التقاعد هذا العام.

واستضافت إندونيسيا الشهر الماضي مناورات حربية مع الولايات المتحدة، تُنفذ سنوياً لكنها وُسّعت للمرة الأولى، بحيث شملت اليابان وسنغافورة وأستراليا. ونفذت الصين في الوقت ذاته، تدريبات مع سلاح الجوّ التايلاندي.

لكن محللين اعتبروا أن التدريبات في إندونيسيا يجب ألا تشكّل إشارة إلى تقارب مع الولايات المتحدة. ونقلت "فايننشال تايمز" عن مصدر مطلع على مناقشات حكومية، قوله: "كان هناك بعض الذعر في جاكرتا بشأن كيفية تطوّر الأمر مع الصين. لم يكن هناك دعم شامل" للتدريبات في البلاد.

ورجّح آخرون ألا تنحاز إندونيسيا لأحد الجانبين، أو حتى تندّد بأي عمل. وقال جيلانج كيمبارا، وهو باحث في "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" (مقره جاكرتا): "أعتقد بأن الحوار يجنح إلى عدم السماح لأي سفينة عسكرية بالمرور عبر مياهنا الأرخبيلية خلال نزاع، سواء كانت أميركية أو صينية".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات