العراق بعد 10 أشهر على انتخاب البرلمان.. انسداد مستمر ولا حل بالأفق

time reading iconدقائق القراءة - 8
الآلاف من أنصار التيار الصدري يشاركون في صلاة الجمعة التي أقيمت في ساحة محاذية للبرلمان العراقي، 26 أغسطس 2022. - RUTERS
الآلاف من أنصار التيار الصدري يشاركون في صلاة الجمعة التي أقيمت في ساحة محاذية للبرلمان العراقي، 26 أغسطس 2022. - RUTERS
بغداد-إدريس جواد

لا يزال الانسداد السياسي يُخيّم على المشهد في العراق، بعد مضي 10 أشهر على الانتخابات البرلمانية المبكرة، ومرور شهر على تعطيل العمل التشريعي بسبب اقتحام مجلس النواب من قبل متظاهرين، أغلبهم من أنصار التيار الصدري، ما يفتح باب التساؤل بشأن سُبل الخروج من الأزمة الراهنة.

المحلل السياسي المقرب من التيار الصدري مجاشع التميمي، قال لـ"الشرق"، إنه لا يوجد حتى الآن مؤشرات على حل الأزمة الحالية، مشيراً إلى أن تحرك ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، لحلحلة الأزمة من خلال الحوارات مع الأطراف السياسية، لا تشمل طرح مبادرات وتقتصر على تقديم النصيحة للأطراف السياسية.

إلّا أن التميمي أوضح أن المسؤولة الأممية تحظى باحترام الجميع وربما يكون لها دور في تقريب وجهات النظر بين القوى المختلفة.

ووصف موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حيال الأزمة بـ"الواضح"، مضيفاً أنه يعبر عن مواقفه من خلال البيانات التي تصدر عنه شخصياً أو من خلال وزيره. لافتاً إلى تأكيد الصدر على أن "لا تراجع عن إصلاح النظام السياسي في العراق".

وقال التميمي إن زعيم التيار الصدري يملك خططاً لا يكشف عنها إلّا في حينها، وسيتم اتخاذها حال استمرار "الإطار التنسيقي" الذي يضم غالبية القوى السياسية الشيعية المعترضة على نتائج الانتخابات، على موقفه. 

كما توقع زيادة الإقبال على المظاهرات التي ينظمها أنصار مقتدى الصدر، كلما اقترب فصل الخريف وانخفضت درجات الحرارة، مشيراً إلى أن الصدر يستهدف جذب المواطنين الناقمين على العملية السياسية وما آلت إليه الأمور من فساد وفوضى حقيقية في البلاد، وفقاً لتعبيره.

تصعيد متبادل

وأشار مجاشع التميمي، إلى وجود تقارب بين التيار الصدري وبين قوى تشرين والقوى المدنية والوطنية، التي تستعد لإحياء الذكرى الثالثة لمظاهرات أكتوبر 2019.

وكشف التميمي عن وجود مبادرة تعمل عليها بعض الشخصيات السياسية المتقاربة مع رؤية الصدر حيال المشهد السياسي.

في المقابل، لا يقف الإطار التنسيقي الشيعي مكتوف الأيدي حيال تحركات الصدر، إذ قال عضو الإطار عائد الهلالي، إنه بعد تقديم العديد من المبادرات التي لم تفلح في إقناع التيار الصدري، قوبل التصعيد بتصعيد "ضمن حدود ونطاق محدد الهدف منه".

وأشار الهلالي إلى أن "الإطار التنسيقي" بعث برسالة من خلال الاعتصام الذي ينظمه حالياً، إلى جميع الأطراف وكذلك للمجتمع الدولي، بشأن قدر الإطار وجمهوره، مضيفاً أن خطوات الصدر السابقة قوبلت برفض وإدانة من المجتمع الدولي والإقليمي إلى جانب الرفض الداخلي، حسب تعبيره.

وذكر عائد الهلالي أنه لا يوجد لدى أنصار التيار الصدري خيار سوى التصعيد، إذ يؤكدون على الذهاب باتجاه تعطيل العمل في المنشأة النفطية من أجل كسب التعاطف الدولي، لما لهذا القطاع من أهمية كبيرة على كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

وشدد على أن الحل الوحيد للأزمة الحالية هو تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، من خلال الحوار على طاولة واحدة تجمع الفرقاء السياسيين، مضيفاً أن الكل يعول الآن على مبادرة الزعيم الكردي مسعود بارزاني، والتي ينتظرها الجميع الآن لكي تكون طوق النجاة والمخرج من الأزمة الحالية.

تجنّب الفوضى

من جهته، قال عضو جبهة الإنقاذ والتنمية صلاح الكبيسي لـ"الشرق"، إنه بعد مرور عام تقريباً على إجراء الانتخابات، عجزت الكتل السياسية عن التوافق بشأن رئيسي الجمهورية والحكومة، بينما الاستحقاق الوحيد الذي تم الاتفاق عليه هو رئاسة مجلس النواب، مؤكداً أن المكون السني هو الأقل في الإشكاليات مقارنة بالمكونات الأخرى.

لكنه أشار إلى أن التأخر في التوافق على رئيسي الجمهورية والحكومة عقّد الأمور داخل المكون السني، إذ بدأت خلافات تظهر وتنافس سياسي جديد "نخشى أن يمتد الى الشارع"، لافتاً إلى أن محافظات ومناطق المكون السنّي لا تتحمل أي صراعات في الوقت الراهن.

وطالب الكبيسي السياسيين في المكون الشيعي بحل خلافاتهم من خلال الجلوس إلى طاولة حوار، وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية، محذراً من فوضى مشابهة لما حدث بالعراق عام 2003، إن لم يتحاور الفرقاء ويقدموا تنازلات لتغليب مصلحة الشعب، خاصة مع وجود "السلاح المنفلت" لدى الفصائل المسلحة والأجنحة العسكرية للأحزاب والذي ربما يفوق السلاح لدى الدولة، حسب قوله.

"عدم التهميش"

على الصعيد الكردي، توقّع النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني محما خليل شنكالي، أن يتجه الوضع السياسي في العراق نحو التصعيد والانسداد، بسبب تمسك كل طرف بمطالبه بدون الاتجاه إلى حلول توافقيه، وعدم وجود مبادرات سوى ما طرحه بارزاني بتشكيل وفد كردي، والذهاب إلى الشركاء بالعملية السياسية بغية إيجاد الحلول للأزمة وفق الاستحقاقات الدستورية.

وقال شنكالي لـ"الشرق" إنه لا توجد حلول في الأفق، بسبب تخوف كل طرف من الآخر في المستقبل والخوف من الانتخابات القادمة، مؤكداً أن رؤية الحزب الديمقراطي الكردستاني واضحة من خلال خطابات رئيس الحزب مسعود بارزاني التي تؤكد على أن العملية السياسية يجب أن تبنى على أسس الشراكة.

وأشار إلى أن موقف الأكراد هو عدم حضور أي مؤتمر بهدف حل الأزمة، إلّا إذا كان بحضور جميع الأطراف السياسية، وكذلك تقوية مؤسسات الدولة السياسية وعدم تهميش الآخر، ورأى أنه من الخطأ المضي في تشكيل أي حكومة في غياب التيار الصدري.

قلق دولي

أما الطرف الكردي الآخر، المتمثل بالاتحاد الوطني الكردستاني فيعتقد بأن الأمور قد تسير إلى الانفراج، إذ قال رئيس كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في مجلس النواب هريم كمال أغا لـ"الشرق"، إن هناك ثمّة حلحلة في الأوضاع في الوقت الحالي، من خلال تدّخل بعثة الأمم المتحدة لتغيير آراء بعض الأطراف.

وأضاف أن الوضع في العراق بات مثار قلق للعراقيين والدول الصديقة والمجتمع الدولي، فبعد مرور أكثر من 10 أشهر على الانتخابات لا تزال حكومة تصريف الأعمال، ولم تتشكل حكومة جديدة مع عدم اتفاق بين الكتل السياسية.

وأشار إلى أن سياسة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني واضحة منذ البداية، إذ كان جزءاً من حلحلة الخلافات داخل البيت الشيعي "لكن الأمور اتّخذت مجرى آخر"، مؤكداً أن الاتحاد لا يزال ثابتاً على موقفه، بالتأكيد على ضرورة وحدة الصف داخل البيت الشيعي وأن حل مشاكل الإقليم الكردي مرتبط باستقرار الوضع في بغداد.

وختم أغا حديثه بالتأكيد على أن حزبه يفعل ما بوسعه لحفظ وحدة الصف بين الأطراف السياسية، وأنه من غير الممكن استمرار حالة الانسداد السياسي القائمة حالياً، داعياً إلى أخذ الأمور بجدية كون الدولة لا يمكن أن تستمر بهذه الحالة.

ويعيش العراق انسداداً سياسياً منذ إجراء الانتخابات البرلمانية في أكتوبر الماضي والتي فاز فيها التيار الصدري بالعدد الأكبر من المقاعد بـ74 مقعداً، قبل أن يستقيل نواب كتلته من البرلمان في يونيو الماضي، بتوجيه من زعيم التيار مقتدى الصدر، بعد الفشل في تشكيل حكومة أو انتخاب رئيس للجمهورية.

وفي 30 يوليو الماضي، اقتحم محتجون عراقيون أغلبيتهم من أنصار التيار الصدري، البرلمان العراقي وأعلنوا الاعتصام فيه، رداً على ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء.

تصنيفات