
عقدت الحكومة الإيطالية، السبت، أول اجتماع لها برئاسة ماريو دراغي بعد تأديته اليمين الدستورية، لتنكب على مهمة مواجهة الركود الاقتصادي الناجم عن أزمة وباء كورونا.
وأدى الاقتصادي الإيطالي المخضرم المعروف بـ"ماريو الخارق" اليمين الدستورية، السبت، ليصبح رئيساً لحكومة وحدة شُكلت لمواجهة أزمة كورونا وركود الاقتصاد.
وردّد دراغي أمام الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا: "أقسم أن أكون وفياً للجمهورية"، في مراسم بثتها قنوات التلفزة مباشرة.
وسارعت جميع الأحزاب الكبيرة، باستثناء واحد، لمساندة دراغي وحكومته، التي تشمل وزراء من مختلف الأطياف السياسية ومتخصصين في مناصب مهمة من بينها وزارة المالية وحقيبة وزارية جديدة للتحول البيئي.
تحديات
ويواجه دراغي تحديات كثيرة، فهو مكلف بالتخطيط للتعافي الاقتصادي من جائحة كورونا، ويتعين عليه الشروع فوراً بوضع خطط لكيفية إنفاق أكثر من 200 مليار يورو (240 مليار دولار) تأمل إيطاليا الحصول عليها من صناديق الاتحاد الأوروبي بهدف إعادة بناء اقتصادها.
وبحسب تحليل صادر عن "مركز الإصلاح الأوروبي"، فإن "إنفاق الأموال غير كافٍ وتتوقع المفوضية الأوروبية أن تترافق المصاريف مع إصلاحات"، وفي مقدمتها تسريع حملة التلقيح التي تأثرت كما في دول أوروبية أخرى ببطء تسليم اللقاحات. ولُقّح حتى الآن 1.2 مليون إيطالي فقط من أصل 60 مليوناً.
ويتعين على دراغي عرض الخطة المفصلة أمام بروكسل بحلول نهاية أبريل، ما يشكل عامل ضغط إضافياً. ويعوّل عليه في هذه المهمة لدوره في إنقاذ منطقة اليورو عام 2012 خلال أزمة الديون عندما كان رئيس البنك المركزي الأوروبي، وهو نجاح منحه لقب "ماريو الخارق".
وسيضطر دراغي لمعالجة ملفات أخرى عمرها عقود، تشمل تسريع عمل القضاء وتصحيح البيروقراطية وإطلاق عملية التحول البيئي التي ستنسقها وزارة جديدة أحدثها لهذه المهمة، وهي الأولى من نوعها في إيطاليا.
وتشهد إيطاليا، ثالث اقتصادات منطقة اليورو، أسوأ تباطؤ اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية، ولا تزال تسجل مئات الوفيات يومياً بفيروس كورونا.
مهمة يصعبها التباين السياسي
وكان دراغي أعلن أسماء وزرائه في وقت سابق السبت، وعيّن نائب حاكم مصرف إيطاليا المخضرم دانيال فرانكو وزيراً للاقتصاد، بينما أبقى كلاً من روبرتو سبيرانزا وزيراً للصحة، ولويجي دي مايو وزيراً للخارجية.
وأحدث دراغي وزارة للتحول البيئي يتولاها عالم الفيزياء المعروف روبرتو كينغولاني، المسؤول منذ سبتمبر 2019 عن الإبداع التكنولوجي لدى شركة "ليوناردو" العملاقة للفضاء.
ومنذ أن كلفه ماتاريلا في 3 فبراير، أجرى دراغي مشاورات مع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، سمحت له بتشكيل فريق متنوع من الحزب الديمقراطي (يسار وسط)، والرابطة (يمين متطرف) بزعامة ماتيو سالفيني، وحزب "فورتسا إيطاليا" (يمين) الذي يتزعمه سيلفيو برلوسكوني.
والخميس، في اللحظة الأخيرة، أعطت حركة "خمس نجوم" التي كانت مناهضة للمؤسسات التقليدية إلى أن وصلت إلى السلطة، موافقتها أيضاً خلال تصويت إلكتروني، ما أزال آخر عقبة أمام تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وحذر "مركز الإصلاح الأوروبي" من أن "حقيقة أن حكومته تعتمد على دعم مجموعة متباينة من الأحزاب السياسية ستحد على الأرجح من قدرته على المناورة، وستجعل التوصل إلى توافق أمراً صعباً".