مع تسجيل الهند الأحد، رقماً قياسياً عالمياً جديداً للإصابات اليومية بفيروس كورونا المستجد، بلغ نحو 350 ألف حالة، اعتبرت وكالة "بلومبرغ"، أن الجائحة تهدد حكم رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
وعلى الرغم من التوترات بين البلدين، على خلفية النزاع في إقليم كشمير، عرضت باكستان إرسال إمدادات طبية أساسية إلى الهند، لمساعدتها في مواجهة الفيروس، بعد استنفاد مخزون الأكسجين واحتياجات أخرى في المستشفيات.
وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن وزارة الخارجية الباكستانية تحدثت عن بادرة تضامن مع الشعب الهندي، مشيرة إلى إمكان أن تستكشف سلطات البلدين سبلاً لمزيد من التعاون، للتخفيف من التحديات التي يفرضها كورونا.
وأشارت الوكالة إلى أن العرض جاء بعد يوم على تمنّي رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان "شفاءً عاجلاً للشعب الهندي المتضرّر من الفيروس"، في تغريدة على تويتر. كذلك أدرج وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي، العرض في إطار ممارسة بلاده سياسة الإنسانية أولاً، مشيراً إلى أنها تنتظر رداً من نيودلهي.
"حشود ضخمة"
وذكرت "بلومبرغ" أن مودي نظم مسيرة انتخابية في بلدة أسانسول، بغرب البنغال، وكتب على تويتر: "لم أرَ إطلاقاً مثل هذه الحشود الضخمة".
وأضافت أن الموجة الثانية من كورونا تحوّلت إلى "تسونامي" في الهند، التي تتداول مواقع التواصل الاجتماعي فيها صوراً لمستشفيات تفيض بمرضى ومحتضرين، ويوجّه العاملون الطبيون والمواطنون نداءات يائسة للحصول على إمدادات الأكسجين.
وفيما أُغلقت العاصمتان السياسية والمالية، نيودلهي ومومباي، ألغى مودي مشاركته في تجمّع انتخابي آخر، كان مقرراً الجمعة في ولاية غرب البنغال، من أجل عقد اجتماعات بشأن الاستجابة للفيروس. وأشارت "بلومبرغ" إلى أن نجاح رئيس الوزراء في تجنّب تداعيات سياسية محتملة للأزمة، سيتّضح في 2 مايو المقبل، لدى إعلان نتائج الانتخابات التي نظمتها 5 ولايات الشهر الماضي، هي غرب البنغال وآسام وكيرالا وتاميل نادو وبودوتشيري.
ونقلت الوكالة عن بانشانان ماهارانا، وهو ناشط في ولاية أوديشا، كان داعماً لسياسات مودي، لكنه سيبحث الآن عن أحزاب بديلة، قوله: "في هذا الوقت الحرج، يقاتل (رئيس الوزراء) من أجل الأصوات، لا ضد كوفيد.. عليه التوقف عن الحديث والتركيز على إنقاذ حياة الناس وسبل عيشهم".
نزعة قومية
وذكرت "بلومبرغ" أن كثيرين يعتبرون أن مودي يثير استقطاباً، نتيجة نزعته القومية التي تروّج لهيمنة الهندوس على الهند. ورغم عثرات سياسية في ولايته الأولى، أُعيد انتخابه بأغلبية ساحقة في عام 2019، في غياب أي معارضة فعلية. وفي استطلاع للرأي أُعدّ في يناير الماضي، بلغت شعبية مودي 74%، مقارنة بـ 78% في أغسطس الماضي.
ونقلت الوكالة عن نيكيتا سود، وهي أستاذة التنمية الدولية في جامعة أكسفورد، نشرت كتاباً عن القومية الهندوسية، قولها: "لا شك في أن الغضب يتدفق في الهند، من سوء إدارة أزمة كوفيد-19. السؤال هو: هل يتفوّق هذا الغضب على الكراهية التي تُزرع بشكل منهجي في مجتمعنا طيلة سنوات؟ وهل ستستمرّ الذاكرة العامة لفترة كافية، كي ينعكس الغضب المرتبط بالوباء خلال الانتخابات؟".
وفيما كان مودي يلقي خطاباً إلى الأمّة، الثلاثاء الماضي، شهد تويتر، أكثر من 108 آلاف تغريدة على وسم باللغة الهندية بعنوان "أوقفوا الخطاب، وليس الأكسجين". كذلك انتشرت وسومات أخرى، بما في ذلك "مودي صنع الكارثة" و"مودي استقل".
أولويات أنصار مودي
واستدركت "بلومبرغ" أن خسارة مودي في الانتخابات ليست أكيدة، رغم الأزمة. وأضافت أن أنصاره يرون أولويات أكثر إلحاحاً، في دعم الحكومة لتشييد معبد هندوسي في ولاية أوتار براديش، في موقع متنازع عليه لمسجد "بابري"، وإلغائها الوضع الخاص لإقليم جامو وكشمير، المنطقة الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة في الهند التي يشكّل الهندوس 80% من سكانها.
ونقلت الوكالة عن غوفيند كومار، وهو عامل مصنع، قوله: "تشييد المعبد مهم بالنسبة إلينا، لماذا لا يستطيع الهندوس بناء معبد في أرضنا؟". وتطرّق إلى كورونا، متسائلاً: "لا أحد يستطيع السيطرة على الوضع، فلماذا نلقي اللوم فقط على مودي؟".
لكن نيكيتا سود، اعتبرت أن قرار مودي بتنظيم مسيرات انتخابية، وسماحه بتجمعّات دينية ضخمة، خلال الموجة الثانية من الفيروس، "لن يوحيا بالثقة بشأن سجل القيادة والحوكمة في الهند، لدى أي مراقب أو مستثمر موضوعي".
وأشارت "بلومبرغ" إلى أن الاقتصاد الهندي، الذي أظهر بوادر انتعاش ناشئة، بعدما عانى ركوداً في العام الماضي، للمرة الأولى منذ عقود، يكافح الآن مجدداً، إذ ارتفعت نسبة البطالة في المدن إلى 10.72% في الأسبوع المنتهي في 18 أبريل، من 7.21% قبل أسبوعين، وفقاً لبيانات أعدّها مركز مراقبة الاقتصاد الهندي.
"صيدلية العالم"
وذكرت الوكالة أن رئيس الوزراء يتعرّض لانتقادات عنيفة، بسبب وعوده المفرطة في إطلاق حملة التطعيم، محلياً وعالمياً، بعدما وصف الهند بأنها "صيدلية العالم"، في أكتوبر الماضي. ومع ارتفاع أعداد الإصابات، أوقفت الهند فجأة صادراتها من اللقاحات، والتي كانت جزءاً مهماً من "كوفاكس"، وهو برنامج منظمة الصحة العالمية لتأمين لقاحات للبلدان منخفضة الدخل. وفي الشهر الماضي، أعلنت حكومة مودي أن كورونا يشارف على نهايته.
وبعد إعطاء أكثر من 3 ملايين جرعة يومياً، في وقت سابق من هذا الشهر، نفدت الجرعات في مراكز التطعيم، وأغلقت أبوابها في ولايات كثيرة، بما في ذلك مدينة مومباي. وفي 19 أبريل، أعلن مودي تغييرات في استراتيجية التطعيم التي تعتمدها حكومته، بحيث تشمل جميع مَن تجاوزوا 18 عاماً، وتتيح لحكومات الولايات تكييف استراتيجيتها الخاصة والشراء مباشرة من الشركات المصنّعة. ويخشى منتقدون لرئيس الوزراء أن يكون يستهدف تحميل الولايات مسؤولية التقصير.
ونقلت "بلومبرغ" عن سانجاي كومار، وهو خبير انتخابي ومدير مشارك في "مركز لوكنيتي لدراسة المجتمعات النامية" (مقرّه نيودلهي)، قوله: "في المرحلة الأولى، أعلن مودي أن (حكومته) تسيطر على الوضع ونالت الفضل في ذلك. الآن لن يقتنع الناس بحجتها، وسيلومون مودي وحكومته".