قال مصدر في وزارة الخارجية السودانية لـ"الشرق"، الثلاثاء، إن إثيوبيا بدأت تعلية الممر الأوسط لسد النهضة، ووضع حوائط خرسانية، استعداداً للملء الثالث.
ويجري ملء خزان السد خلال موسم الأمطار الذي يستمر من يونيو حتى سبتمبر كل عام، ويرتبط مستوى التخزين السنوي بارتفاع الممر الأوسط للسد.
وأكد المصدر انتظار بلاده دعوة رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيلكس تشيسكيدي، الذي يترأس الاتحاد الإفريقي، لاستئناف التفاوض.
وأَضاف المصدر أن السودان سلم وزير خارجية الكونغو، ملاحظاته بشأن منهجية التفاوض في أزمة سد النهضة.
وفي يوليو الماضي، أعلنت إثيوبيا "اكتمال المرحلة الثانية من ملء السد بنجاح"، رغم حضّ دولتي المصب مصر والسودان، إثيوبيا، على تأجيل هذه الخطوة حتى التوصل إلى اتفاق شامل.
ولم تعلن إثيوبيا على وجه التحديد حجم المياه المُخزنة خلف السد، إلا أن المرحلة الثانية كانت تتطلب الاحتفاظ بـ 13.5 مليار متر مكعب من المياه، إضافة إلى 4.9 مليار متر مكعب سبق تخزينها في الملء الأول، ليصل إجمالي المستهدف إلى 18.4 مليار متر مكعب.
ولكن خبراء مياه، قالوا إن أديس أبابا لم تنجح في الوصول إلى هدفها أثناء الملء الثاني، إذ تم تخزين 9.6 مليار متر مكعب فقط من المياه، وهو ما يقل عن المطلوب بنحو 4 مليارات متر مكعب.
وتوقفت المفاوضات بين مصر والسودان، من جانب، وإثيوبيا، في الجانب الآخر، بسبب خلافات عميقة مرتبطة بمطالب دولتي المصب، وعدم التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لقواعد الملء والتشغيل، والاتفاق على عدد سنوات الملء، وآلية حل النزاعات ومشاركة المعلومات بين الدول الثلاث، وكيفية إدارة السد خلال مواسم الجفاف.
وذكر وزير الري المصري محمد عبدالعاطي، الاثنين، أن المفاوضات "شبه متجمدة حالياً"، ولفت إلى "اتصالات على مستويات مختلفة من بعض الدول لكنها لا ترقى لمستوى الطموحات".
وقال رئيس جنوب السودان سيلفا كير، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، الأحد، إن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد "ليس في وضع يؤهله لبدء التفاوض" بشأن سد النهضة، بسبب الصراع المسلح في إقليم تيجراي، مشيراً إلى أن آبي أحمد وعده بـ"استئناف المفاوضات حول سد النهضة بحلول شهر أكتوبر لكن هذا لم يحدث".
"تداعيات خطيرة"
وقال رئيس لجنة الوساطة الجنوبية والمستشار الأمني لرئيس جنوب السودان توت قلواك، الثلاثاء، إن حل أزمة سد النهضة يتمثل في العودة إلى الحوار، محذراً في تصريح لصحيفة "الشروق" المصرية من "تفجر نزاع في الإقليم تكون له تداعيات خطيرة بسبب تلك القضية".
ودعا بيان اعتمده مجلس الأمن الدولي، منتصف سبتمبر الماضي، إلى استئناف المفاوضات التي يقودها الاتحاد الإفريقي "بطريقة بناءة وتعاونية"، مشيراً إلى ضرورة الإسراع في وضع "صيغة نهائية لنص اتفاق مقبول وملزم بشأن الملء والتشغيل".
ولم يحدد بيان المجلس أي مهلة للوصول إلى اتفاق، لكنه شدد على أنه "يجب التوصل إليه في غضون فترة زمنية معقولة".
ورحبت مصر والسودان، بالبيان الصادر عن مجلس الأمن، فيما قالت أديس أبابا إنها "لن تعترف بأي مزاعم تُبنى على هذا البيان"، واصفة تقدم تونس بمشروع البيان إلى المجلس بأنه "زلة تاريخية"
وأعربت إثيوبيا عن أسفها لما قالت إنه "إعلان المجلس سلطته على قضية حقوق مائية وتنموية، تقع خارج التفويض الممنوح له بمناقشة قضايا الأمن الدولي".
واعتبرت أن موقفها من مياه النيل "عادل" ويطمح إلى تحقيق حقها المشروع وبناء صداقة بين شعوب حوض النيل.
جهود كونغولية
وأجرى وزير خارجية الكونغو الديمقراطية كريستوف لوتوندولا، منتصف سبتمبر، مشاورات في إثيوبيا والسودان، بالتزامن مع بيان مجلس الأمن.
والتقى لوتوندولا، في أديس أبابا، رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد ووزير خارجيته ديميكي ميكونين.
وقال وزير الري الإثيوبي آنذاك سيليشي بيكيلي على تويتر، إن وزير الخارجية الكونغولي أحضر معه "ملفاً" أعده خبراء من بلاده والاتحاد الإفريقي، يتضمن مقترحات "لتضييق نقاط الخلاف".
كما حل وزير الخارجية الكونغولي، أيضاً في الخرطوم، والتقى وزيرة خارجية السودان مريم الصادق المهدي.
وأعربت الوزيرة عن تطلع الخرطوم إلى استئناف العملية التفاوضية تحت قيادة الاتحاد الإفريقي "في أقرب الآجال، مع تغيير المنهجية غير الفاعلة التي وسمت جولات التفاوض الماضية".