القضاء الإسباني يعيد فتح دعوى بحق زعيم البوليساريو

time reading iconدقائق القراءة - 5
جانب من تظاهرة تطالب بمحاكمة زعيم البوليساريو إبراهيم غالي في مدريد - 1 يونيو 2021 - REUTERS
جانب من تظاهرة تطالب بمحاكمة زعيم البوليساريو إبراهيم غالي في مدريد - 1 يونيو 2021 - REUTERS
مدريد-الشرقأ ف ب

أعاد القضاء الإسباني فتح تحقيق في دعوى "الإبادة الجماعية" بحق إبراهيم غالي، زعيم جبهة بوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء عن المغرب، بسبب "خلل في الإجراء".

وذكر القضاء في بيان: "ألغت المحكمة الوطنية حفظ الدعوى الذي قرره القاضي سانتياغو بيدراز في 29 يوليو، بحق زعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي، إثر شكوى رفعتها الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان ضد إبراهيم غالي، لارتكابه جرائم إبادة جماعية"، مشيراً إلى وجود عدة أخطاء إجرائية. 

كما رفعت شكوى أخرى بحق غالي قدمها فاضل بريكة، وهو منشق عن جبهة بوليساريو يحمل الجنسية الإسبانية.

توترات مع المغرب

وفي نهاية شهر يوليو، قرر القاضي المكلف بالقضية إغلاق الدعوى المتعلقة بـ"وقائع مزعومة ارتكبت ضد مواطنين مغاربة بين 1975 و1990".

ورأى القاضي أن "الوقائع سقطت بالتقادم، ولم يتم إثبات ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وشهادات الشهود تتعارض مع التأكيدات الواردة في الشكوى" التي تم إيداعها في عام 2008.

وأثار دخول إبراهيم غالي إلى مستشفى إسباني في أبريل، لتلقي العلاج من كورونا، غضب المغرب، الذي أعرب عن "سخطه"، وطالب بتحقيق "شفاف" حول ملابسات دخول غالي إلى إسبانيا، وقال إن زعيم الحركة دخل الأراضي الإسبانية وافداً من الجزائر "بوثائق مزورة وهوية منتحلة"، وهو ما نفته الخارجية الإسبانية.

وبعدما استمع القضاء إليه في الأول من يونيو عبر الفيديو من المستشفى الإسباني، حيث كان يتلقى العلاج، تمكن إبراهيم غالي في اليوم التالي من العودة إلى الجزائر.

وردّت مدريد لدى مغادرة غالي إلى الجزائر مطلع يونيو الماضي، بعدما تلقى العلاج، بالقول إن زعيم البوليساريو "كان يحمل أوراقاً ثبوتية باسمه دخل بموجبها إسبانيا"، لكن المغرب اعتبر أن الأزمة "لن تحل بالاستماع إلى غالي فقط"، مشدداً على أنها "تستوجب من إسبانيا توضيحاً صريحاً لمواقفها وقراراتها واختياراتها".

وقالت الخارجية المغربية إن القضية تشكّل "اختباراً لمصداقية الشراكة بين البلدين".

أزمة دبلوماسية

وأثار استقبال غالي في إسبانيا أزمة دبلوماسية بين مدريد والرباط، بلغت ذروتها بوصول أكثر من عشرة آلاف مهاجر في منتصف مايو إلى مدينة سبتة الخاضعة للسلطة الإسبانية، واتهمت مدريد حينها الرباط بـ"التراخي في ضبط الحدود".

ولم يتقبل المغرب حجج إسبانيا لاستقبال غالي، إذ اعتبرت وزارة الخارجية المغربية أن قضيته كشفت عن "مواقف إسبانيا العدائية واستراتيجياتها المسيئة، تجاه قضية الصحراء"، وشكت من "انهيار الثقة" بين الجانبين.

وفي 21 سبتمبر قرر القضاء الإسباني استدعاء وزيرة الخارجية السابقة أرانتشا غونثاليث لايا، لاستجوابها في إطار تحقيق حول ملابسات السماح لزعيم جبهة "البوليساريو" إبراهيم غالي بدخول البلاد لتلقي العلاج.

وذكر بيان للمحكمة الإقليمية في أراجون (شمال شرقي البلاد)، أن قاضي التحقيق في محكمة مدينة سرقسطة، حيث حطّت طائرة غالي "قرّر استدعاء وزيرة الخارجية السابقة أرانتشا جونزاليس لايا، لاستجوابها في إطار تحقيق قضائي في قضية غالي". 

وتركت الوزيرة السابقة منصبها إثر تعديل أجراه رئيس الوزراء بدرو سانشيز في يوليو الماضي، فيما ربط مراقبون استبدالها، بمحاولات نزع فتيل التوتر الحاصل مع المغرب.

وأوضحت المحكمة أن "هذا التحقيق فُتح بسبب الاشتباه بارتكاب جرم المواربة"، ويرمي إلى "التحقق من الظروف التي أحاطت بدخول إبراهيم غالي إلى إسبانيا".

بوادر انفراج

وأواخر أغسطس أكد ملك المغرب محمد السادس، في خطاب حرصه على "إقامة علاقات قوية، بناءة ومتوازنة، خصوصاً مع دول الجوار، وهو نفس المنطق، الذي يحكم توجهنا في علاقتنا مع جارتنا إسبانيا".

وأشار ملك المغرب في كلمة له بـ"مناسبة الذكرى الـ68 لثورة الملك والشعب"، إلى أن العلاقات مع إسبانيا مرت خلال الفترة الأخيرة بـ"أزمة غير مسبوقة، هزت بشكل قوي الثقة المتبادلة، وطرحت تساؤلات كثيرة بشأن مصيرها، غير أننا اشتغلنا مع الطرف الإسباني، بكامل الهدوء والوضوح والمسؤولية".

ورحّبت إسبانيا والاتحاد الأوروبي، على الإثر بإعلان الملك، وأكدا بدورهما ضرورة ترسيخ الروابط مع المملكة المغربية. وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، إنه يود "شكر ملك المغرب على تصريحاته"، معتقداً أنه مع كل أزمة "تتولد فرصة"، وأن "خطاب ملك (المغرب) يشكل فرصة سانحة لإعادة تحديد العلاقات بين البلدين، والركائز التي تقوم عليها".

ويدور نزاع بين المغرب وجبهة بوليساريو حول الصحراء، منذ رحيل إسبانيا القوة الاستعمارية السابقة عام 1975. ويقترح المغرب منحها حكماً ذاتياً تحت سيادته، فيما تطالب جبهة بوليساريو بتنظيم استفتاء لتقرير المصير.