انهيار "سيليكون فالي".. شبح أزمة مالية عالمية يطل من جديد

time reading iconدقائق القراءة - 7
عناصر من الشرطة الأميركية يغادرون مقراً لبنك "سيليكون فالي" بعد إغلاقه في سانتا فاي بولاية كاليفورنيا. 10 مارس 2023 - AFP
عناصر من الشرطة الأميركية يغادرون مقراً لبنك "سيليكون فالي" بعد إغلاقه في سانتا فاي بولاية كاليفورنيا. 10 مارس 2023 - AFP
دبي - الشرق

تسود الأسواق العالمية حالة من الترقب منذ إعلان انهيار بنك "سيليكون فالي"، الجمعة، إذ تتجه العديد من الحكومات وعلى رأسها بريطانيا والولايات المتحدة للحد من تداعيات الانهيار على أسواقها.

وكان البنك المتخصص في صناعة التكنولوجيا قد سجل ثاني أكبر فشل لمؤسسة مالية في الولايات المتحدة، بعد انهيار مؤسسة "واشنطن ميوتشوال" خلال الازمة المالية العالمية في 2008، ما دفع السلطات إلى وضع المصرف تحت سيطرة شركة تأمين الودائع الفيدرالية الأميركية، والتي يتلخص دورها في استلام البنك وتصفية أصوله لسداد المديونية المستحقة لصالح العملاء.

وبدأت الأزمة، الأربعاء الماضي، عند إعلان "سيليكون فالي"، بيع عدد من الأوراق المالية بسعر يؤدي للخسارة، فضلاً عن بيع أسهم جديدة تقدر بنحو 2.25 مليار دولار لدعم ميزانيته، ما أدى إلى إثارة حالة من الفزع بين شركات إدارة رؤوس الأموال، التي نصحت الشركات بسحب أموالها من البنك.

ودفعت أنباء تعثر البنك، أسهمه في البورصة، إلى الانهيار، وامتد ذلك إلى بنوك أخرى ما دفع بورصة نيويورك إلى إيقاف التعاملات على سهم "سيليكون فالي" ثم قطاع البنوك بالكامل، الجمعة.

وأدت سياسة التشديد النقدي التي نفذها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على مدار 2022 إلى زيادات حادة في أسعار الفائدة.

فعندما كانت أسعار الفائدة صفرية استثمرت البنوك في سندات الخزانة طويلة الأجل، والمصنفة بأنها منخفضة المخاطر، ولكن مع رفع أسعار الفائدة لكبح التضخم تقلصت قيمة تلك الأصول من السندات طويلة الأجل، وبالتالي تعرضت البنوك لخسائر.

وتأثر قطاع التكنولوجيا تحديداً بارتفاع أسعار الفائدة، ما قلص قيمة أسهم القطاع وأدى إلى زيادة صعوبة عملية جمع الأموال على من يدير هذه الشركات، الوضع الذي أجبرهم على سحب ودائعهم في بنك "سيليكون قالي" بغرض تمويل أعمالهم.

رغم شراء البنك المتعثر للمزيد من سندات خزانة بنحو 91 مليار دولار باعتباره الاستثمار الآمن لودائع العملاء، فإن ارتفاع أسعار الفائدة كبد البنك خسائر بلغت نحو 15 مليار دولار.

أهمية "سيليكون فالي"

يُصنف بنك "سيليكون فالي" ضمن أكبر 20 بنكاً تجارياً بالولايات المتحدة، بعد أن بلغت أصول البنك نحو 209 مليارات دولار مع نهاية 2022، وفق أرقام نشرتها مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية. بيد أن انهيار "سيليكون فالي" يمثل الفشل الأكبر لمؤسسة مالية منذ انهيار مؤسسة "واشنطن ميوتشوال" عام 2008.

وسادت حالة من الذعر وسط عملاء بنك "سيليكون فالي" الذين سارعوا لسحب أموالهم لتلبية حاجاتهم من السيولة، كما طالبت صندوق "بيتر ثييل فاوندرفند" وغيره من شركات رأس المال الاستثماري الكبيرة من شركاتها سحب أموالها من بنك "سيليكون فالي".

وتضررت بنوك في الولايات المتحدة وأوروبا، من انهيار أسهم "سيليكون فالي"، إذ خسرت البنوك الأميركية أكثر من 100 مليار دولار من قيمة سوق الأسهم، بينما تخلت البنوك الأوروبية عن 50 مليار دولار أخرى في قيمة أسهمها خلال الـ48 ساعة الماضي.

وأثار سقوط بنك "سيليكون فالي" مخاوف تكرار الأزمة المالية العالمية في 2008، إذ أن البنك المنهار يعد الأول بعد الأزمة العالمية قبل نحو 15 عاماً، ما قد يؤدي إلى أزمة كبيرة في صناعة التمويل الأميركية.

قلق المستثمرين

وحسبما شرح موقع "أكسيوس" الأميركي، فإن البنوك تقرض أموال الودائع لشركات وأفراد. ففي حال طلب المودعون استرداد جميع أموالهم دفعة واحدة، كما حدث مع بنك "سيليكون فالي"، فمن المحتمل أن يؤدي إلى انهيار البنك.

ويشعر المستثمرون بالقلق أيضاً، إذ تراجعت أسهم بنك "فريست ريبابليك" بنسبة 34%، الأسبوع الماضي، كما انخفضت أسهم "باكويست" بنسبة 55%، وفق "أكسيوس".

ويتعين على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أن تجد أحد المشترين برأس مال جيد لتولي الأعمال التجارية الخاصة ببنك "سيليكون فالي"، وكذلك الأوراق المالية الخاصة بالبنك وفرعه في بريطانيا.

وبحسب "بلومبرغ"، فإن شركة "رويال جروب" الاستثمارية التي يرأسها الشيخ طحنون بن زايد مستشار الأمن القومي في الإمارات تدرس شراء فرع بنك "سيليكون فالي" في بريطانيا.

 وتناقش المجموعة، وفق "بلومبرغ"، صفقة شراء محتملة من خلال إحدى الشركات التابعة لها.

وأوضحت الوكالة أنه "لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن الصفقة، وقد لا يتمخض الأمر عن تقديم عرض".

إجراءات جوهرية

وأبلغت مصادر مطلعة وكالة "رويترز" بأن السلطات الأميركية بصدد اتخاذ "إجراءات جوهرية" لدعم الودائع في بنك "سيليكون فالي" والحيلولة دون اتساع نطاق تداعيات انهياره المفاجئ.

وقالت المصادر إن مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي عملوا في مطلع الأسبوع الجاري على تقييم تداعيات انهيار البنك، مع التركيز بشكل خاص على قطاع تمويل المشروعات الناشئة والبنوك المتعددة الفروع.

وقال أحد المصادر لـ"رويترز"، إن مجلس الاحتياطي الفيدرالي، نجح في اتخاذ إجراءات أبقت على عمل البنوك خلال جائحة فيروس كورونا، وإن بإمكانه أن يتخذ إجراءات مماثلة الآن.

ومن جانبه، قال صندوق النقد الدولي، الأحد، إنه يراقب الآثار المحتملة على الاستقرار المالي من انهيار بنك "سيليكون فالي".

وأضاف متحدث باسم الصندوق، في بيان، "نراقب عن كثب التطورات والآثار المحتملة على الاستقرار المالي، ولدينا ثقة كاملة في أن صناع السياسة في الولايات المتحدة يتخذون الخطوات المناسبة لمعالجة الوضع".

إيجاد حل

على الجانب الآخر، قال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الأحد، إن الحكومة تعمل على إيجاد حل للحد من الضرر المحتمل على الشركات نتيجة انهيار بنك "سيليكون فالي" الأميركي، وفرعه في بريطانيا.

وقال سوناك للصحفيين المسافرين معه إلى الولايات المتحدة إنه يتفهم "قلق ومخاوف عملاء البنك". وقال إنه والحكومة يعملان على "التأكد من قدرتنا على العمل لإيجاد حل يؤمن السيولة التشغيلية للأفراد واحتياجات التدفق النقدي".

والانهيار المفاجئ، الجمعة، لمجموعة "سيليكون فالي بنك فاينانشال"، التي تركز على الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، هو أكبر انهيار مصرفي في الولايات المتحدة منذ الأزمة المالية في عام 2008.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات