أوروبا من دون الغاز الروسي.. شتاء قاسٍ يطال الأفراد والشركات

time reading iconدقائق القراءة - 5
محطة غاز طبيعي في مدينة ريدين بألمانيا. 16 مارس 2022 - REUTERS
محطة غاز طبيعي في مدينة ريدين بألمانيا. 16 مارس 2022 - REUTERS
باريس-أ ف ب

يتهيّأ الأوروبيون لفصل شتاء صعب ستكون خلاله واردات الغاز الروسي دون مستوياتها المعتادة، في واحدة من تبعات حرب أوكرانيا الأشد تأثيراً على حياتهم اليومية.

وسيتعيّن على سكان القارة التعلم من تجربة أقرانهم في لاتفيا، الذين اعتادوا منذ يوليو العيش من دون الغاز الروسي، بعدما أوقفت موسكو ضخ المادة الحيوية إلى الجمهورية السوفياتية السابقة المطلة على بحر البلطيق.

ويقول يونوس راتينيكس الذي يقطن مدينة ريزكني قرب الحدود مع روسيا: "باتت أسعار الطاقة باهظة لدرجة اضطرتنا لقطع المياه الساخنة عبر أنبوب البلدية وتركيب سخّان مياه خاص بنا".

وخلال الأشهر الماضية، توقفت روسيا عن ضخ الغاز إلى بلغاريا والدنمارك وفنلندا وهولندا وبولندا، وخفضت الكميات لدول أخرى بشكل كبير.

وستعلّق روسيا صادراتها من الغاز إلى ألمانيا عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1" لبضعة أيام أواخر الشهر الحالي، في توقف هو الثاني من نوعه خلال الصيف.

ورغم أن موسكو تعلّل هذا الإجراء بأعمال الصيانة، إلا أن برلين سبق أن اتهمتها باستخدام موارد الطاقة كسلاح ضمن التوتر مع الغرب بسبب أوكرانيا.

وتراجعت كميات الغاز، التي تم ضخّها عبر خط "نورد ستريم 1" في يوليو الماضي، بنسبة 70% عن الفترة ذاتها لعام 2021، وفق خبراء.

"أزمة طاقة عالمية"

وتتوجس حكومات أوروبية من فصل شتاء تبقى فيه أجهزة التدفئة المنزلية بلا حرارة، وتوقف المصانع دورة إنتاجها.

ويرى أطراف غربيون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستخدم موارد الطاقة كـ"أداة" في المواجهة مع الغرب، الذي فرض عقوبات ضد بلاده على خلفية غزوها أوكرانيا منذ فبراير.

وأدى خفض تدفق هذه الموارد إلى ارتفاع حاد في أسعار الغاز، ما انعكس زيادة في أسعار الكهرباء نظراً لاعتماد العديد من محطات الإنتاج على هذه المادة لتوليد الطاقة، كما زاد الطين بلّة ارتفاع أسعار النفط، رغم أنها عاودت الانخفاض بعض الشيء في الآونة الأخيرة.

وكتب المدير التنفيذي لـ"وكالة الطاقة الدولية" فاتح بيرول، الشهر الماضي، أن "العالم يشهد أول أزمة للطاقة العالمية فعلياً في تاريخه"، وأضاف أن "الوضع محفوف بالمخاطر خصوصاً في أوروبا، مركز الاضطراب في سوق الطاقة".

ونظراً إلى أن الغاز الطبيعي محوري بالنسبة لدول عدة، خصوصاً لألمانيا، التي تحتاج إليه لتشغيل صناعاتها الثقيلة، نال استثناء من العقوبات الأوروبية ضد روسيا.

في المقابل، فرضت عقوبات متدرجة على النفط، الذي تعد روسيا من أبرز مصدّريه، ومنع كامل للفحم الحجري.

ركود في الشتاء

ويقول مات أوكسنفورد من "إيكونوميست انتليجنس يونيت": "نعتقد الآن أن كميات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر نورد ستريم 1 ستتراوح بين صفر و20% من الطاقة الاستيعابية (للأنبوب) خلال الأشهر المقبلة".

وتوقع أن يؤدي ذلك إلى ركود اقتصادي في أوروبا خلال شتاء 2022-2023، موضحاً أنه "نظراً للبنى التحتية الحالية المرتبطة بالغاز، لا يمكن لألمانيا تعويض خفض 80% من كمية الغاز الروسي من دون تراجع حاد في الطلب، ما سيؤدي الى ركود خلال الشتاء".

وأشار إلى أنه نظراً لمحورية دور ألمانيا في سلاسل التوريد الاقتصادي، سينعكس الأمر سلباً على كل أوروبا.

وبدأت حكومات عدة، منها الألمانية والفرنسية، بدراسة أي طرف سيعاني في البداية: الشركات التجارية أو الأسر.

وسيطال التقشف في استهلاك الطاقة مختلف السكان. وسبق للاتحاد الأوروبي أن أبلغ الدول الأعضاء الـ27 بضرورة خفض استهلاك الغاز بنسبة 15%.

وبدأت إيطاليا هذا العام "عملية الترموستات" لخفض مستوى التدفئة والتبريد في المدارس والمباني العامة، قبل أن تقدم ألمانيا وإسبانيا على خطوات مشابهة.

وركزت الحملة الألمانية خلال الصيف على خفض التبريد في وسائل النقل العام وحضّ الناس على التزود بوسائل استحمام موفّرة للمياه. كما عدّلت مدن عدة درجات الحرارة في برك السباحة العامة وخفّضت الإنارة.

فحم وغاز طبيعي

وبينما جمّدت فرنسا أسعار الغاز للأفراد، يتوقع أن تزيد الفواتير في ألمانيا بآلاف اليورو سنوياً.

وفي ظل توقع فصل شتاء بارد، أفاد مركز خدمة السكان في ولاية شمال الراين "فستفاليا"، بأن نشاطه في الفترة الراهنة هو الأعلى مستوى منذ تأسيسه قبل زهاء 40 عاماً.

وأوضح المتحدث باسم المركز أودو سيفردينج أن الكثيرين من الذين يتصلون بالمركز لطلب استفسارات، يبدون خشيتهم من قطع الخدمات عنهم بحال عدم قدرتهم على سداد الفواتير.

وأشار إلى أن البعض يعتزمون تركيب ألواح الطاقة الشمسية لتصبح مصدراً للطاقة بدلاً من النفط والغاز، في حين يفكّر آخرون في الاعتماد على الفحم.

من جهتها، أعادت فرنسا إطلاق حملة لوقف الهدر في موارد الطاقة تم تطبيقها للمرة الأولى في السبعينات.

وأعادت الحكومة الفرنسية النظر في إغلاق محطة كهربائية تعمل بالفحم الحجري، رغم انتقادات الناشطين البيئيين نظراً لأن التلوث الناتج عن الفحم يفوق غيره من مصادر الطاقة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات