الصين.. نادي سينما يتيح للمكفوفين حضور عروض الأفلام 

time reading iconدقائق القراءة - 10
تشانغ شين شنغ، يسير على الدرج بعصاه في محطة مترو أنفاق في بكين. وقد حضر العشرات من رواد السينما المكفوفين عروض سينما بمساعدة متطوعين، 7 أغسطس 2021 - AFP
تشانغ شين شنغ، يسير على الدرج بعصاه في محطة مترو أنفاق في بكين. وقد حضر العشرات من رواد السينما المكفوفين عروض سينما بمساعدة متطوعين، 7 أغسطس 2021 - AFP
بكين-أ ف ب

تعرِض دار للسينما في الحي القديم بالعاصمة الصينية بكين أفلاماً لأشخاص مكفوفين أو ضعاف البصر، يروي لهم متطوّعون أحداثها بحماسة.

ولا يفوّت جانغ زيشينغ (51 عاماً) أياً من هذه العروض الأسبوعية، إذ يستقل قطار الأنفاق كل يوم سبت في رحلة تستغرق ساعتين ليتمكن من المشاركة فيها، مستخدماً في تنقلاته عصاه وتطبيق "جي بي إس" يحدد له اتجاهات السير.

"عالم جديد"

بعدما فقد بصره وهو في العشرين بسبب مرض تنكسي، أعاد اكتشاف حبه للسينما بفضل نادي "زينمو" (رؤية العقل) ومجموعة صغيرة من المتطوعين.

ويروي زيشينغ كيف "كانت المرة الأولى التي استمعت فيها إلى وصف صوتي لفيلم عام 2014، وكان ذلك بمثابة عالم جديد انفتح أمامي". ويضيف: "شعرت بأنني قادر على فهم الحبكة على الرغم من فقداني البصر. تشكلت صور واضحة في ذهني".

وبات العشرات من المشاهدين المكفوفين وضعاف البصر يحضرون هذه العروض المجانية. ويتولى الراوي الموجود في القاعة والمجهز بميكروفون وصف ما يحدث على الشاشة، كتعابير وجوه الشخصيات وإيماءاتهم وملابسهم وحتى حال الطقس.

ويشرح بالتفصيل العناصر المرئية اللازمة لفهم الفيلم، كالانتقال من مشهد تساقط الأوراق إلى مشهد انهمار الثلوج تعبيراً عن تغيير الفصول.

وصف للمجريات

وفي عرض أقامه نادي "زينمو" لفيلم بريطاني تساعد فيه قطة رجلاً بلا مأوى في حل مشاكله المتعلقة بالمخدرات، يشرح الراوي وانغ ويلي بين، حوارين مدبلجين بالصينية، ويقول إن "الثلج يتساقط على لندن، وهي مدينة في إنجلترا تشبه بكين قليلاً، لكن المباني فيها ليست كبيرة إلى هذه الدرجة".

ويضيف: "هذا رجل يحمل منظاراً، وهو نوع من الأسطوانات الطويلة المستخدمة لرؤية الأشياء من بعيد، يراقب جيمس وهو يغني بالقرب من الزاوية مع القط بوب".

ولا ينبس أي من المتفرجين ببنت شفة، ولا يأكل أحد الفشار، بل ينصت الجميع بانتباه شديد فيما عيونهم مغمضة.

وخطرت لوانغ ويلي، وهو رجل أعمال سابق، فكرة التعليق على الأفلام لفاقدي البصر، عندما كان يروي لصديق كفيف تفاصيل فيلم "ترمينيتور" الأميركي.

ويتذكر قائلاً: "رأيت العرق يتصبب من جبهته وأنا أصف له مشاهد الحركة. لقد كان مهتماً جداً بالفيلم وكان يقول لي باستمرار: تابع وصف ما تراه".

ديناصورات 

وبمدخراته، استأجر وانغ ويلي غرفة داخل شقة في بكين القديمة عام 2005، تضم جهاز تلفزيون صغيراً وآخر مستعملاً لأقراص الفيديو و20 كرسياً، وفي هذا المكان انطلق النادي.

وكانت صالة السينما البدائية هذه التي لا تتعدى مساحتها 20 متراً مربعاً، تمتلئ في كل عرض. إلا أن وصف الأفلام لجمهور من المكفوفين ينطوي على صعوبة، خصوصاً إذا كانت تتضمن سياقاً تاريخياً معقداً أو عناصر غير معروفة للمشاهدين.

فلدى عرض "جوراسيك بارك" مثلاً، أحضر وانغ لضيوفه نماذج من الديناصورات حتى يتمكنوا من لمسها وتخيّل ماهيتها. ويشرح قائلاً "أشاهد كل فيلم 6 أو 7 مرات على الأقل وأكتب سيناريو مفصلاً جداً لأرويه".

وخلال 15 عاماً، عرض "زينمو" نحو ألف فيلم. وبات النادي اليوم يقيم عروضه في دور سينما أكبر وأكثر عصرية. وبسبب وباء كورونا، استعان بالإنترنت لبث الوصف الصوتي للأفلام عبره أيضاً.

"فرص قليلة"

وتشير تقديرات الجمعية الصينية للمكفوفين إلى أن هناك في الصين 17 مليون شخص يعانون من إعاقات بصرية، من بينهم 8 ملايين مكفوفون تماماً.

وبادرت المدن في العقود الأخيرة إلى إقامة ممرات لمسية لتوجيه ضعاف البصر، وإضافة علامات "برايل" إلى مفاتيح المصاعد، وحتى السماح للمكفوفين بإجراء اختبارات الخدمة المدنية للحصول على وظائف في القطاع العام.

إلا أن لدى المكفوفين "فرصاً قليلة للمشاركة في الأنشطة الثقافية"، بحسب مؤسس جمعية الوصف الصوتي في هونج كونج داونينج ليونج، الذي أشار إلى أن "نصوص الإرشادات الصوتية في المتاحف تتوجه إلى المبصرين، إذ تخبر عن تاريخ القطعة أو مكان اكتشافها، لكن نادراً ما تصف شكلها".

وتسعى جمعيات إلى جعل القانون يفرض وصفاً صوتياً للأفلام أو البرامج التلفزيونية، لكن هذه المحاولات لم تثمر بعد.

ويعتبر المشاهد الذي يعاني ضعف البصر تشانج زينشينج، أن "السينما تتيح جعل المدينة أكثر جمالاً وفهم تحدياتها بشكل أفضل".

والفيلم المفضل لدى زينشينج هو الهندي "دانجال" الذي حقق نجاحاً شعبياً كبيراً، ويتناول قصة مدرب مصارعة يشجع بناته ليصبحن بطلات مصارعة.

ويقول زينشينج: "أحياناً أفكر في أنني أستطيع تغيير مصيري من خلال العمل الجاد، كما فعلت بطلات الفيلم".